واقع الصحافة اليمنية بعيون امريكية
استطلاع وتصوير/فائز محيي الدين
❊ منذ قيام الوحدة اليمنية المباركة وحتى اليوم واليمن تشهد حراكاً ديمقراطياً متعدد الأوجه والصور والمسارات.. فحرية الصحافة والتعبير، وحقوق الانسان وحقوق الطفولة، وحقوق المرأة.. كل تلك مسارات متعددة للنهج الديمقراطي الذي اتخذته القيادة السياسية كخيار لا بديل عنه.هذه المسارات الديمقراطية تترسخ يوماً فيوماً، من خلال منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الطفولة وحقوق الانسان وذوي الاحتياجات الخاصة وتنمية الديمقراطية، والتي بدورها تجسد الروح الديمقراطية للجمهورية اليمنية الفتية، التي أصبحت تلك المسارات المتعددة للديمقراطية وحرية التعبير جزءاً أساسياً من بنائها القويم.
- صحيفة »الميثاق« ومن خلال هذا الاستطلاع الذي أجرته مع عدد من الطلاب الأمريكيين الذين يدرسون في اليمن، تناقش أهم قضية في المسار الديمقراطي وهي حرية الصحافة في اليمن كما يراها الأمريكيون مقارنةً بما لديهم من حرية تعبير وحرية صحافة وديمقراطية راسخة، وتسلط معهم الضوء على مجمل القضية..
❊ يقول عبدالرحيم وهو شاب امريكي مسلم:
- حرية الصحافة في اليمن كما نراها ونلمسها، وكما يحدثنا بها بعض الاصدقاء، هي حرية مفتوحة على مصراعيها، وليست محدودة أو مؤطرة بأطر معينة، وهو ما يعني أنها حرية فعلية، حرية تستحق الاشادة بها.
ولعل هذا يعود الى قناعة القيادة السياسية لديكم، التي انتهجت النهج الديمقراطي بقناعة تامة، ولولا تلك القناعة لما أعطيت الصحافة كل تلك الحرية الواسعة في بلدٍ لايزال قريب عهد بالديمقراطية، وربما أنتم البلد الوحيد في المنطقة الذي يسير بخطى حثيثة في مجال الديمقراطية وحرية الصحافة والتعبير وحقوق الانسان.
فترة قصيرة
❊ وقريبٌ من ذلك تذهب الامريكية الشابة »انجليكيا« والتي قالت:
- أنا كأمريكية آتي لليمن للدراسة - كان لدي حب استطلاع لمعرفة ما يدور في الواقع الصحافي في اليمن، والاقتراب من الحراك السياسي الذي اشاعه المناخ الديمقراطي في اليمن.
وللحقيقة مايزال لدينا -بحكم قصر الفترة الزمنية التي قضيناها هنا- الكثير من الغموض حول قضايا عدة، والتي تأتي في مقدمتها حرية الصحافة وحرية التعبير.لكن المشاهد حتى الآن أن اليمن تتمتع بواقع صحافة حر الى حدٍ ما، وإن كانت هناك بعض جوانب القصور، فهذا يعود لحداثة التجربة الديمقراطية في هذا البلد العريق.
مجتمع قبلي
❊ والى الشيء نفسه تشير مواطنتها »إليسن« التي تضيف قائلة:
- أية تجربة حديثة في أي بلد لابد أن تمر بمراحل متعددة حتى تصل الى طور النضج والاكتمال.. ولابد لها في البداية أن ترافقها بعض السلبيات، واليمن حديث عهد بالديمقراطية، وبالتالي بدهي جداً أن يحدث هناك قصور في حرية الصحافة أو حرية التعبير.
مستطردة: لكن هذا ليس معناه أن التبعية في اللوم تقع على القيادة السياسية في اليمن، فهي قد آمنت بالنهج الديمقراطي، وهي التي فرضت هذا الخيار، لكن قد يكون القصور الحاصل في حرية الصحافة عائد الى طبيعة المجتمع القبلي، الذي يصعب عليه تقبل الأشياء الجديدة والمغايرة بسرعة فائقة، وهذا الأمر سيحتاج الى مراحل وفترات زمنية، يمكن عندها القول: إن حرية الصحافة في اليمن تعيش في أوج نضجها، ولها مساحة كافية، ولا بأس بها في اطار بقية الحريات التي تنادي بها أية دولة ديمقراطية في العالم.
دولة حضارية
❊ اما »عليا واجد« الامريكية ذات الاصل الباكستاني فانها تقول:
- اليمن بلد حضاري عريق، ومواطنوه طيبون ومسالمون للغاية، وأظن أن بلداً كهذا لابد أن يكون للواقع الصحافي فيه باعٌ طويل، ولابد أن أبناءه سيكونون ذوي فهم وادراك لما يعيشه العالم من حولهم.
وتضيف: العالم اليوم يعيش حراكاً ديمقراطياً كبيراً، وأضحت حرية الصحافة من الأشياء المسلم بها جدلاً في معظم دول العالم، وبالتالي فاليمن أولى بذلك كله، أولى بأن تأخذ بحرية الصحافة، وحرية التعبير، وحقوق الانسان.. لماذا؟ لأنها دولة حضارية لها ثقلها في المجتمع الشرقي والمسلم بشكل عام.
مضيفة: أظن أن ما تشهده حرية الصحافة في اليمن الآن تجربة جميلة، وخطوة جريئة ورائدة، خاصة اذا علمنا أن معظم الصحف هي إما حزبية معارضة، أو أهلية خاصة لا تتبع الحزب الحاكم.
لسان صادق
❊ الى ذلك تتحدث الأمريكية المسلمة »سارة أتوود« بالقول:
- ما وصل اليّ الآن عن حرية الصحافة في اليمن والأجواء الديمقراطية شيء لا بأس به، وقد أكد ليّ بعض الأمريكيين واليمنيين الأصدقاء أن اليمن لديها ديمقراطية فعلية وجادة تمثلت في الانتخابات البرلمانية والمحلية والرئاسية التنافسية الحرة، والتي تمخضت هي وحرية الصحافة عن الخيار الديمقراطي الذي انتهجته الجمهورية اليمنية منذ قيامها عام ٠٩م.
حرية الصحافة مرتبطة بالديمقراطية، واليمن دولة ديمقراطية، إذاً لابد أن حرية الصحافة فيها تعيش في خير.. واذا كان يوجد ثمة قصور، فعن قريب لابد أن يتلاشى في خضم الخوض الفعلي والجاد داخل اطر ومسارات الديمقراطية.
وأحب أن أنصح أي اعلامي يمني أن يجعل له من تجارب الآخرين الناجحة قدوة، بحيث يكون لساناً صادقاً ومعبراً عن ارادة الجماهير لا عن ارادته ورغبته الشخصية.
النقد البنَّاء
❊ »ديفيد بوس« الذي له خبرة طويلة في تعلم اللغة العربية والمجتمعات العربية، تحدث لنا بالقول:
- حرية الصحافة في اليمن مثلها مثل معظم الدول العربية التي تنتهج النهج الديمقراطي، إذ تعطي للصحافة حرية كبيرة، لكنها لا تكون متناهية، بمعنى آخر أنها قد تحصر داخل سياج مُعين، ويقول: ما أقصده أن هناك حدوداً للصحافة اليمنية والعربية فُرض عليها ألا تتجاوزها، رغم أنها ليست من الثوابت، ويجب التصدي لها بالنقد البناء، وتعرية مواطن الفساد فيها، من أجل اصلاح الخلل الذي يعتريها، وبدون ذلك لا يمكن للصحافة أن تؤدي رسالتها على أتم وجه، وألا يكون لها دور مؤثر وفعال في أوساط المجتمع.
مضيفاً: اليمن لديها حرية صحافة شبه مطلقة، ولكن ليس لديها حرية اعلامية كاملة، فهي ماتزال حتى اليوم تحتكر البث التلفزيوني والاذاعي على القطاع الحكومي، وتمنع أي حزب أو منظمة مدنية من بناء وتأسيس قناة تلفزيونية أو اذاعة.
ويواصل: بالنسبة لحرية الصحافة فهناك البعض من صحافيي المعارضة والمستقلين ممن يشكون اضطهاد حكومي، ومصادرة الرأي، والتعرض للضرب والمحاكمة.
وبرأيي أن الخطأ في ذلك يعود للصحف التي لم تع دورها حتى الآن، ولم تستغل الحرية الصحافية بالشكل الأمثل، وفي الوقت ذاته الى بعض القيادات والشخصيات اليمنية المرموقة والمسئولة التي ماتزال تعيش بعقلية شمولية، عقلية ما قبل دولة الوحدة الديمقراطية، التي لم يكن لحرية الصحافة فيها أي مجال.
|