سمير النمر - لعل المتتبع لتاريخ نشوء الحركات والجماعات الارهابية التي نشأت في الوطن العربي يدرك أن هذه الجماعات بمسمياتها المختلفة ارتبطت في نشأتها بمصر بتنظيم جماعة الاخوان المسلمين والتي تمثل المرجعية الدينية والفكرية لهذه الجماعات الارهابية ويعد تنظيم القاعدة أحد أبرز هذه الجماعات التي تناسلت من رحم الاخوان المسلمين إلاَّ ان نشاط هذه الجماعات التكفيرية يرتكز بشكل كبير على استهداف التوجهات القومية واليسارية والليبرالية ذات الطابع التحرري التي نشأت في مصر وعدد من الدول العربية ابان فترة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم، وقد اتسمت الحركات القومية العربية في تلك الفترة بمناهضتها للسياسات الغربية والاسرائيلية في الوطن العربي ولاشك أن استهداف الجماعات الارهابية لحركات التحرر العربي القومية يصب في مصلحة الدول الغربية وأطماعها في المنطقة وهذا الانسجام بين الحركات الارهابية والمشاريع الغربية يكشف عن حقيقة هذه الحركات وارتباطها بالمشروع الرأسمالي الغربي بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولهذا كانت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي وامريكا أوضح دليل على وقوف الجماعات الارهابية في صف امريكا من خلال ذهاب الآلاف من الجهاديين للقتال في افغانستان ضد الاتحاد السوفييتي وكل هذه الدلائل القاطعة تؤكد وبما لايدع مجالاً للشك ان خطر هذه الجماعات الارهابية يستهدف الدول والشعوب العربية والاسلامية بدرجة أساسية.
ولعل احداث الربيع العربي هي التي ساعدت هذه الجماعات على الظهور بشكل كبير في عدد من الدول العربية ووصولها الى الحكم في بعض هذه الدول سواء في ليبيا أو مصر أو اليمن، وبطرق متفاوتة، وهذا الأمر يؤكد ان المشروع الحقيقي للربيع العربي الذي تدعمه امريكا ودول الغرب هو وصول هذه الجماعات الارهابية الى الحكم بصورة او بأخرى وتدمير الجيوش العربية وادخال هذه الدول في صراعات وفوضى ودمار خدمة للمشروع الصهيوني، وما يحدث في اليمن من عمليات ارهابية وتفجيرات واغتيالات وضرب لانابيب النفط والكهرباء خصوصاً في السنوات الثلاث الماضية الى اليوم يعد نتيجة طبيعية لمشروع الربيع العربي وأدواته في اليمن الذي اتاح للجماعات الارهابية ممارسة نشاطها وعملياتها ضد الجيش والامن ومقدرات البلد وبغطاء رسمي من خلال حكومة الوفاق والسلطة الحاكمة التي عبدت الطريق لهذه الجماعات في اليمن من خلال تفكيك الامن والجيش تحت مسمى الهيكلة وزرع المئات من العناصر المتعاونة مع الارهاب داخل مؤسسات الدولة اضافة الى انتشار المدارس الدينية التي تقوم باعداد هذه العناصر فكرياً وقتالياً في الكثير من المحافظات اليمنية، ولهذا اذا أردنا ان نوقف هذا الخطر الذي يهدد حياتنا فعلينا جميعاً -أحزاباً سياسية ومؤسسات دولة ومكونات اجتماعية- ان نضع استراتيجية وطنية لمحاربة الارهاب، من خلال تجفيف منابعه الفكرية والدينية ومنع المدارس والمراكز التي تفرخ الارهاب تحت مسميات متعددة اضافة الى الحلول الامنية والعسكرية وكشف الاحزاب والجهات التي توفر غطاءً سياسياً لهذه الجماعات، مالم فإن مسلسل الارهاب والجريمة سيستمر وسيكتوي الجميع بنار الارهاب الذي لن يستثني أحداً.
|