مطهر الاشموري -
الواقع في تونس قدم الأفضلية في قبول أي بديل انتقالي وحين وصول التأزم إلى الذروة قدم هذا الواقع افضليته في السير لانتخابات مبكرة ولنا قياس المقارنة بين تعامل الاخوان في تونس والاخوان في مصر.
> الجيش في مصر الذي حافظ على أفضلية لهذا الواقع بتدخله بإقصاء مبارك وأداء الدور الانتقالي 2011م ثم تدخله 2013م وإقصاء مرسي الاخوان بالثورة الشعبية.
> واقع ليبيا بات يقدم أفضلية الواقع في مصر وواقع مصر يقدم أفضلية في تونس فيما الأفضلية في اليمن جاءت من استعداد الرئيس السابق للرحيل على أساس الحل السلمي.
عندما تقول لنا محطة أمريكية إن الاخوان الأولوية الجهاد فنسير بدمائنا واسلامنا، وعندما تقول محطة أخرى الأولوية الحرب ضد المجاهدين كإرهاب نتسابق في الحرب ضد الإرهاب.
وعندما تكون محطة أمريكية ثالثة مع الجهاد بالإرهاب ومع الحرب ضد الإرهاب في آن واحد نسير كذلك أو يصبح ذلك هو الأمر الواقع.
ولذلك فمن العبث إنكار محطة أو محطات أمريكية وإنكار مؤثراتها وتأثيراتها وقد باتت المؤثر الأكبر في المنطقة وعلى كل واقع.. فقتل القذافي قد يكون الوجه الذي تريده أطرافاً داخلية كمعطى للمحطة الأمريكية فيما الاقتتال والدمار والدماء والتدمير هي وجوه أخرى كمعطى لذات المحطة.. فهل حمى مجلس الأمن الليبيين المدنيين حين تدخله أو بعد ذلك؟
إذا الرئيس السابق رحل بالحل السلمي فتموضع الاخوان بعد 2011م ثم تموضع انصارالله من عام 2014م بات الأمر الواقع كمعطى للمحطة لأنه لم يعد يتوفر في واقع اليمن الأفضلية المصرية أو التونسية.
> تموضع الاخوان ثم تموضع انصارالله بات الأمر الواقع حتى الوصول لانتخابات برلمانية ورئاسية، والانتخابات هي التي تعيد أهلية الدولة لدورها وتعيد تأهيلها ولكن المنغمسين في صراعيتهم وتطرفهم بوعي أو بدونه يستعملون دور الدولة ودور الجيش والأمن أدوات لتفعيل وإدارة صراعهم، فالهدف إقصاء الطرف الجديد المتوضع كأمر واقع وإذا أوصل ذلك إلى حالة ليبيا فذلك المطلوب المرغوب لهؤلاء.
منذ أحداث سبتمبر 2001م وإعلان الحرب الدولية ضد الإرهاب فإن أي أحد في العالم لا يجرؤ ولا يمكنه أن يجرؤ على القول بأن"القاعدة"أو"داعش"خط أحمر ولكنهم في اليمن يقولون إن مأرب خط أحمر حتى لا تتضرر أو تدمر مصالح حيوية وقد تسمع في فضائيات إن طرفاً خارجياً بالمنطقة يعتبر مأرب خطا أحمر من منظور لمصالحه وفي هذا مستوى من التسفيه للواقع والواقعية وللعقل والعقلانية.
محطة 2011م أعطت الضوء الأخضر لتركيا الاخوان لتستقطب الارهابيين من العالم وتدخلهم من اراضيها الى سوريا كخطوة تكتيكية تجمع بين حاجية محطة جديدة وحاجية استمرار وتوسيع الحرب ضد الإرهاب، ولكن ذلك لا يعطي لتركيا الحق أن تعتبر داعش أو"النصرة"أو غيرهما في العراق وسوريا خطاً أحمر حتى وهي تريد ذلك لأولوية مواجهة الأكراد وحزب العمال الكردستاني.
الذي جرى هو مجرد بلورة للإرهاب وعلى الذين لا يفهمون أو لايعون أن يفهموا أو يعود المدى أو السقف لهذه البلورة.
اليمن لم تصل إلى وضع ليبيا ليمارس طرف اعتبار الإرهاب في مدينة كما بنغازي مثلاً خطاً أحمر فيما هؤلاء الذي أكثروا أحاديث الخطوط الحمراء يريدون التعامل على أساس أننا اصبحنا في وضع ليبيا وفي ذات الوقت ولحاجيات أخرى يتحدثون عن استعادة هيبة الدولة وتحملها المسؤولية "الجيش والأمن"وكأننا سويسرا وكأنهم يريدون الجمع بين واقع سويسرا وواقع ليبيا في ذات الوقت بل وفي ذات اللحظة.
تسمع من يقول ذلك بأن اقليم"سبأ"بات أو أعلن إمارة أو خلافة إسلامية وإقليم عدن اغلق المنافذ الجوية والبحرية وكأنه أمر واقع وفرض بالقوة على طريقة دولة شمال الصومال أو كأن الافغنة والصوملة باتت هي الأمر الواقع لليمن.
كل هؤلاء بمختلف الأهواء مطالبون بالرشد وأن يمارسوا ترشيد الأوهام فاليمن لن تسير إلى حالة ليبيا وهي أبية وعصية على صومله أو افغنة حتى وإن استعملت وسيلة الأقاليم.
الذين يجعلون اهواءهم واطماعهم ومطامعهم الأرضية والأساس للتعامل مع التطورات وقراءتها لا يقرأون ولا يقرون إلا بمايخدم مصالحهم في أحداث أو تطورات ولو أن وقفوا أمام التطورات في اليمن منذ 2011م بحيادية وبإنصاف للعقل فالأكثر قوة والأكثر وضوحاً هو العكس لقراءتهم وقراراتهم فهل يذكر هؤلاء بأغنية"المرشدي"حين نضاليتهم «وقطعوها على ما يشتي الوزان باعوا الأصابع وخلوا الجسم للديدان».
فماذا أبقى هؤلاء من قيمة أو مبدأ أو شيء للبيع ولم يعرضوه لمن يشتري.. فهل الاقلمة والتمزيق هي الضوء الأخضر لأن تصبح القاعدة في اليمن خطا أحمر.. ثم ماذا يعني إعلان ما سمي إقليم عدن لمنافذه الجوية والبحرية؟
هل هو تمزيق و انفصال أمر واقع يلتقي فيه أقصى اليمين وأقصى اليسار؟ وماذا بعد؟؟