محمد علي عناش -
تحاول بعض الأطراف الخليجية أن تستقطب مصر إلى الصف الخليجي والدولي الداعم للرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي، ومن يتكئ عليهم من المكونات السياسية في الداخل اليمني،في محاولة منها لاستثمار ثقل مصر في المنطقة العربية، لترجيح كفة هذا الاصطفاف والتأثير على الموقف الروسي بشأن الأزمة اليمنية،لإكمال دائرة العزلة الدولية التي فُرضت على اليمن، وتمرير قرارات دولية تستهدف شخصيات وقيادات يمنية مناوئة لمشروع الربيع العربي، استندت إلى تقارير تضليلية كيدية رفعها المبعوث الأممي جمال بنعمر عن الأزمة اليمنية.. الموقف المصري جاء سريعاً وعلى لسان الرئيس المصري نفسه المشير عبدالفتاح السيسي، بأن الأزمة اليمنية معقدة للغاية وحلها لن يكون إلا يمنياً محضاً وهذا يتطلب إرادة يمنية مخلصة، في إشارة واضحة إلى بعض أطراف الحوار اليمني، للكف عن استدعاء الخارج لحل الأزمة اليمنية والتدخل في شئون اليمن.. بالتأكيد هذا الموقف ينطلق من رؤية ثابتة بأن مايجري في اليمن لا يمكن فصله عما يجري في المنطقة بشكل عام، كما ينطلق من تجربة مصرية عنيفة مع مشروع الربيع العربي التدميري وأداته التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، والذي تم إسقاطه في معقله الرئيس مصر العروبة في 30يونيو2013م،
وماتزال له بقايا وجذور إرهابية تعبث وتناور بشكل فوضوي وإجرامي في سيناء والعريش وبعض المحافظات المصرية التي تشهد موجة تفجيرات إرهابية بين الحين والآخر ،وبالتالي لن يكون الموقف المصري من الأزمة اليمنية، إلا من منطلق قومي متسقاً مع موقف مصر الثورة مما يدور في سوريا وليبيا والعراق، ومن رؤيتها لما يدورفي المنطقة العربية من مخططات تستهدف المشروع القومي المقاوم، ومنجزاته طوال نصف قرن، لخلق شرق أوسط جديد مدمر وغير مستقر، وضعيف ومفكك يعج بالصراعات والحروب الداخلية الهوياتية على أساس ديني ومذهبي وطائفي.. من هنا تدرك دول الخليج جيداً مايمكن أن تلعبه مصر في المنطقة العربية المضطربة، كقطب محوري يستند إلى تراث تاريخي من المواقف العربية المشرفة، وباتت الأمة العربية- الواقعة في الوقت الراهن بين مطرقة المشروع الخليجي التركي بفصائله الدينية من أخوان مسلمين وتنظيمات دينية متطرفة وإرهابية ارتبطت به بشكل واضح في كل الدول التي شهدت عواصف ثورات الربيع العربي،وسندان المشروع الإيراني الفارسي- باتت في أمسّ الحاجة إلى نهوض الدورالمصري القومي من جديد كمشروع عربي نهضوي متحرر من الخلفيات الطائفية والمذهبية، ويترجم تطلعات الشعب العربي من المحيط آلى الخليج في التغييروتجاوز العثرات والأزمات والكوارث التي عانى منها الأمرين طوال أربع سنوات من الصراعات والحروب والاستنزاف بفعل ثورات القوى المأزومة والمتطرفة، المدعومة من أبارنفط الرجعية العربية..
ولذلك تمارس دول الخليج مجتمعة ترويضا ممنهجا وسخيا للموقف المصري بعدأن أظهر حزم وصلابة وثبات تجاه تنظيم الإخوان والمناهضة للمشروع الأردوغاني في المنطقة والموقف الصارم من الإرهاب سواء في سيناء أو في ليبيا خاصة بعد حادثة الأقباط الإجرامية، والهدف من هذا الترويض هو تحييد من لعب هذا الدورالذي تتطلع إليه الأمة العربية المجروحة، واستقطابها إلى دائرة المشروع الخليجي التركي تحت ذريعة مواجهة خطر المشروع الإيراني كفوبيا تخوف بهاالعالم وتحشد لهاالمواقف العربية والدولية، وتتحرك بقوة وبشكل مكثف في هذا الإطار، باستثمارما حصل في اليمن بعد ثورة 21 سبتمبرالتي أسقطت وأطاحت بالكثير من أدواتها وأياديها القوية في اليمن.. هذه التحولات المتسارعة في اليمن منذ سبتمبر الماضي والتي أطاحت بحكومة حزب الإصلاح أخوان اليمن، والضربات الموجعة التي تلقاها وباتت تهدد وجوده التنظيمي والسياسي والتلويح بحله في أي لحظة ممكنة، ليس فقط باعتباره العقبة الرئيسية أمام حلحلة الأزمة اليمنية والسبب في إفشال الحوارات والاتفاقيات والمبادرات، وإنما أيضا لانكشاف الكثيرمن الحقائق التي تؤكد إرتباطه بتنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن، على مستوى الدعم السياسي والمادي، وكذاالتحرك المشترك في ميدان المواجهات سواءً مع الجيش أومع اللجان الشعبية التابعة للحوثيين، باتت تشكل هاجسا مقلقا لدول الخليج مجتمعة، بمافيهادولة الإمارات العربية التي كان لها موقفا مضادا لتنظيم الإخوان في المنطقة، رغم أن هذه التحولات لايمكن الجزم بأنها تصب في مصلحة طهران وتعزيزاً النفوذها أو لمشروعها في اليمن، لأن الشعب اليمني شعب حر لا يمكن أن يكون تابعا لأي طرف، كما أن المزاج السياسي المؤثر والفاعل في اليمن وخاصة في الوقت الراهن ، لايصب في مصلحة أي مشروع خارجي لاتركي ولاإيراني، وإنما في إتجاه مشروع يمني قومي يلتقي مع التوجه المصري الراهن إلى درجة التماهي، كأبرز صور الإفرازات التمردية على مشروع الربيع العربي التدميري..