فيصل الصوفي -
ازدراء الشعب، أو أي فئة منه، من أشنع الأخطاء التي يقع فيها رجال دولة وزعماء سياسيون.. قضية ازدراء سكان محافظة يمنية، بلسان رئيس جمهورية، نقلا عن زعيم حزب، أو محاكاة الرئيس له، لا تزال تتفاعل في بعض الأوساط الشعبية، رغم أن القضية التي كشفت مؤخرا تعود إلى عام 2014، وللناس في ذلك أعذارهم التي يتعين على هادي وياسين تفهمها..
أثناء الحرب الأهلية في رواندا ظهر مسئولون حكوميون وزعماء سياسيون ينتمون لقبيلة "الهوتو"، يزدرون بقية سكان البلاد المنتمين لقبيلة "التوتسي"، إذ وصفوهم بالصراصير التي يجب إبادتها، والرئيس المصري السادات أطلق على المحتجين ضد رفع أسعار الخبز وصف الحرامية، لأن عددا منهم قاموا بعمليات سطو ونهب في القاهرة، والقذافي اعتبر المحاربين لإسقاط حكمه جرذانا، وغير هؤلاء كثير صدرت منهم عبارات يزدرون بها فئات من شعوبهم، تحت تأثير الحرب أو الشعور بالخوف على حكمهم، وغير ذلك من الضغوط النفسية.. بينما ياسين صاحب عبارة "يستحقون ملاطيم على وجوههم"، كان أمين عام حزب، وعبد ربه الذي تعمد إعادة عبارة الازدراء، كان لا يزال رئيس جمهورية عام 2014، فكلاهما تضامنا في ازدراء ملايين من الشعب، وهذه الملايين ليس لها خصومة مع أي منهما، ولا تشكل خطرا على أحد.. ونسجل هنا، أنه في هذه الأيام، والرئيس المستقيل هادي يعيش محنة في عدن، تأتيه الأموال من تعز، حيث أكد لي مسئول في مطار تعز أن سيارات"دينا" محملة بأطنان الريالات، ومحاطة بحراسة مشددة تأتي إلى المطار تباعا لتفرغ حمولاتها إلى طائرة تنقل تلك الأموال إلى عدن.
لقد ازدرى الرجلان تلك الملايين في الخفاء، وعندما كشفت خطيئتهما خرج ياسين ينفي، وبعده اضطر هادي إلى استدعاء مجموعة من أهالي تعز إلى عدن لكي يمتدحهم، ويصرف لهم 10 ملايين ريال"حق الغداء والمواصلات"! ما يعني أن الازدراء في الخفاء قد عكس نظرة الرجلين نحو تلك الملايين، ولم يشعرا بالحاجة إلى النفي، أو الاعتذار الخجول عن فضيحة الازدراء، إلا عندما خرجت الفضيحة إلى العلن.. الزعماء الحقيقيون والرؤساء الوطنيون لا يزدرون شعوبهم، ولا أي فئة كثيرة أو قليلة من الشعب، والذين يقدرون شعوبهم ويعتزون بها لا تختلف نظراتهم إليها في السر عن نظرتهم في العلن.. وازدراء الشعب أو أي فئة منه، بلسان شخصية عامة، لا يعد مطعنا في وطنية المزدري فحسب، بل يؤذي كل من كان موضوعا للازدراء، على عكس من صدوره عن واحد من السوقة، إذ قد تسمع في السوق من يقول هذا كذا وهؤلاء كذا، بقصد الازدراء، فلا تلتفت إليه لأن مصدره ابن سوق، بينما تلتفت إليه حين يكون المصدر زعيماً أو رئيساً أو شخصية عامة.