عبدالرحمن مراد - < قدر هذا الشعب الكبير والصبور أن يخوض معركة الأمة ضد القوى المعيقة للتقدم، وقدره أن يتصدر المشهد في مثل هذا الزمن الذي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه زمن صعب بلغت به التحديات مبلغاً يفوق طاقة التحمل.
يقترب الشهر من الاكتمال ومايزال هذا الشعب يواصل صموده وتحديه لقوى الغطرسة والصلف والجبروت ومازال العدوان يواصل قصف كل المقدرات الوطنية ولم يزل الإنسان اليمني عصياً على الانكسار رغم ظروف العيش القاهرة والمآسي لأنّ يقينه يقوده الى حتميات الانتصار.
لقد أصبح من العبث بعد كل هذا الدمار الذي حدث أن ترتفع الاصوات بالمبادرات- وأعني الاصوات اليمنية بالذات- إذ لم يعد هناك ثمة شيء يمكن أن نخاف عليه، فالمعركة التي اختار العدوان زمن بدايتها، علينا أن نختار زمن نهايتها، وهي معركة أحدثت دماراً شاملاً للبنى التحتية ولمقدرات اليمن لكنها استطاعت أن تكشف زيف الباطل وأن تعمل على الغوص في أعماق الحقائق ليكتشف الانسان المسلم جلّ الحقائق التي كانت تغيب عنه بسبب التواري والاشتغال الضمني للنظام السعودي في التعامل مع قضايا الأمة المصيرية.. لقد كانت اليمن تخوض حرباً مع هذا النظام منذ أمد طويل ولكنها شعرت باشتداد أوارها منذ 2011م وحتى المجاهرة والإعلان، فالحرب لم تكن طارئة بل كانت مستمرة بلغت ذروة كمالها بإعلان العدوان الذي جاء ليستكمل تدمير القوات المسلحة اليمنية ويستهدف البناءات التنموية المختلفة وليعلن عن يده الضاربة التي ظلت تعبث بأمن واستقرار اليمن وهي القاعدة، وفي المقابل فهو يعلن عن مسؤوليته عن التفجيرات التي طالت الأمن المركزي بالسبعين والقوات الجوية والعرضي وطلاب كلية الشرطة والهجوم على المعسكرات والسيطرة على مقدراتها في أكثر من مكان وغير كل ذلك مما حدث ويحدث طوال عقود، ولم يكن العدوان الا بلوغاً لذروة الكمال بعد أن شعر بالعجز الكامل عن التحرك بالأدوات القديمة التي تراجع نشاطها أمام الضربات الموجعة لأفراد الجيش واللجان الشعبية، وقد كانت «رداع» هي المعقل الذي لم يتوقع النظام السعودي سقوطه وهي النقطة الجوهرية التي جعلتها تعيد حساباتها في التعامل مع الملف اليمني باعتراف بيان إعلان الحرب الذي قرأه السفير السعودي بواشنطن عادل الجبير وهو اعتراف ضمني ورد في السياق يفهمه القارئ من خلال سياق القول بزمن التهيئة والإعداد لهذه الحرب المعلنة والذي ذكره البيان بأربعة أشهر، وبالقياس نجد ذلك الزمن يتوافق وسقوط القاعدة في رداع وتراجع دورها.
إذاً السعودية كانت تخوض حربها مع اليمن واليمنيين بشكل أو بآخر، ولا يمكن الحديث بعد أن فقدنا كل مقدرات اليمن عن مبادرات يمنية، فالحرب أصبحت في مقادير الله مستمرة حتى يكتشف الباطل ويفصح عن فكره وثقافته وحقده وأخلاقه وسيظل في حالة التمادي الى درجة اليأس من نصر الله والسؤال عنه في الوجدان الجمعي وحينها يأتي الجواب من الله ألا إن نصر الله قريب، وتنقلب المعادلة ويتحول الحال الى نقيضه، فالباطل بعد أن يفتضح أمام الناس والعالم سيأخذ مساره في الانحدار وبالتالي تتهاوى كل أدوات القوة أمام الذين استضعفوا، فالقضية وفق قانون الله وفطرته عاقبتها الانتصار المبين، ولن تجدي كل مظاهر القوة التي عليها العدوان ومن تحالف معه، فالقانون الإلهي له أدواته الخاصة وقوته الخاصة، وقد تبهر الانسان وتدهش كل الذين يقولون بالحسابات المادية ويغفلون عن حسابات التدافع خوف الفساد في الأرض، وقد نص على ذلك القرآن الكريم.
من بوادر الانتصار للصمود اليمني أمام عدوان السعودية ومن تحالف معها بروز خطاب إعلامي لم يكن ليظهر قبل هذا العدوان وهو يشير بأصابع الاتهام الى السعودية في تفجيرات سيناء وهو يقول بضلوع السعودية في مفاصل حركة التدمير التي تشهدها المنطقة برمتها بدءاً بالعراق ومروراً بسوريا وليبيا وانتهاءً بنيجيريا عند جماعة بوكو حرام، وقد بدأت الصورة الحقيقية للنظام تفصح عن نفسها كنظام قائم على ثقافة التدمير والخراب ولا يحمل مشروعاً ناهضاً للأمة وإنما يحمل معيقات النهضة وشروط الرجعية التي حاربها عبدالناصر في منتصف القرن الماضي، ووجدنا في الألفية من أتباعه من يرتمي بين أحضانها.
ما أجد نفسي على يقين به هو أن اليمن تخوض اليوم معركة مصيرية بالنيابة عن الأمة كلها لتكشف زيف الباطل وخذلانه وتعلن على الملأ نهايته وهزيمته، وقد بدأت المعركة وهي في حسابات الله وقانونه، ولن يطول بنا الأمد حتى نرى نهاية العدوان وأهله.. وما ذلك على الله ببعيد.
|