احمد الرمعي -
منذ ارتضى اليمنيون الديمقراطية والتعددية السياسية بديلاً عن هيمنة الحزب الواحد بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة، وتحديداً في الـ27 من إبريل 1993م لم يغب الاحتفال بهذا اليوم عن مخيلتنا إلاّ في هذه الظروف الصعبة التي يعيشها وطننا وشعبنا من عدوان ذوي القربى وتدميره لكل مكتسباتنا أرضاً وإنساناً..
ليوم الـ27 من إبريل في ذاكرتنا السياسية والشعبية دلالات كبيرة.. إذ شكل نقطة التحول نحو الديمقراطية وللمرة الأولى يكاد يغيب الاحتفال أو حتى الاشارة إلى هذا اليوم، لأن هناك هموماً أخرى تثقل قلب كل يمني غيور على وطنه.. ولكن لا بأس فإنه مع مصادفة إصدار عدد هذه الصحيفة مع ذكرى ذلك اليوم العظيم فإنه أصبح لزاماً علينا التذكير به ولو كان ذلك بصورة مقتضبة رغم أن انبلاج فجر هذا اليوم المشرق في تاريخ اليمن المعاصر يستحق منا الكثير من الوقفات والكثير من التأمل في عظمة هذا اليوم أيضاً..
بعد إعادة تحقيق الوحدة المباركة لم يكن من بدٍ أمام أبناء شعبنا الذي عاش ممزقاً بفعل عوامل كثيرة- جلها خارجية كان فيها تاريخهم نصف تاريخ وإنسانهم نصف إنسان.. كان لابد لهم أن يشمروا سواعدهم ويبنوا دولتهم الديمقراطية الفتية والتي لا يمكن أن تبرز وتليق بحضارة هذا الشعب وتاريخه العريق سوى بمشاركة كافة أبنائه بمختلف مشاربهم الفكرية وأيديولوجياتهم السياسية، فكانت أول انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم في الـ27 من إبريل عام 1993م..
في ذلك اليوم خرج اليمنيون زرافات ووحدانا لينتخبوا ممثليهم في البرلمان وليؤكدوا أنهم شعب الإيمان والحكمة بحق وليؤسسوا لديمقراطية وليدة..
ويمكننا القول بأن الاحتفال بـ27 إبريل هذا العام هو الاحتفال الذي نشعر فيه بغصة تكاد تخنقنا على ما آلت إليه الأوضاع في بلادنا منذ تأسيس تلك التجربة العظيمة وحتى اليوم..
ولكن رغم المآسي ورغم كتل الحزن التي تتملك هذا الشعب وغياب مظاهر الفرح التي من جور ما نتحمله نخالها قد دفنت وأقيمت عليها المآتم منذ زمن فإنه قادرٌ بما عرف عنه من حكمة وجلد بأن يعيد الأمور إلى نصابها من خلال تغليب مصالح هذا الوطن على كافة المصالح الضيقة أياً كانت، لأن الوطن هو الباقي وما سواه من الأشخاص زائلون لا محالة.. وليعلم من يحاول النيل من مكتسبات هذا الشعب بأن التاريخ لا يرحم..وتحية لذكرى الـ27 من إبريل العظيم.. وإن غيبته المآسي والمعاناة إلاّ أنه سيظل خالداً فينا ما حيينا.