الميثاق نت: - من اين نبدأ يا جرح عطان وهيروشيما اليمن انها جريمة بكل المقايس ، انها انتهاك و عدوان ابادة فلم يقتصر اثر الانفجار المزلزل على عطان فحسب بل امتد الى ثلثي العاصمة صنعاء.. هناك و في فج عطان مكان الجريمة اقتفينا بعض اثارها لنخرج منها في دهشة و ذهول و صدمة تستمر كلما تذكرنا ذلك اليوم الكارثي 20 ابريل من هذا العام ... منطقة الفاجعة يملؤها الدمار، شظايا القنابل العنقودية المتساقطة من الجبل و البيوت المدمرة جراء الانفجار توخز الاقدام وبقايا القنابل التى لم تنفجر والتي يقوم بجمعها بعض السكان دون ان يدركوا خطرها الكامن في احتمالية انفجارها حتى المنفجرة منها تحتفظ بخطورة احتواها على مواد مسرطنة كما تحدثت بعض التقارير كون ما استخدم في جريمة عطان هو سلاح محرم دوليا..
في زيارة «الميثاق» الاستطلاعية لمحنا سيارة واقفة على مقربة منا كأن سائقها يريد إيصال رسالة تخصه وحين اقتربنا تبينا فحوى الرسالة، فهيكل السيارة مصاب بشظايا تدل على انها جزء من الضحايا ,من خلال الزجاج الامامي المهشم اطل راس السائق ملوحا بيده المصابة ليسمعنا كلاما كثيرا لم نتبين من حرقة صاحبة معظمه، مابقى عالقا من عباراته الموجوعة قوله ان هذه السيارة مصدر رزق اسرتي الوحيد وفقدانها يساوي فقدان احد ابنائي .
حياة تلاشت
أحد المارة اشارة الى منزل كان بالجوار محترقاً وقال لنا انه منزل بيت شجاع الدين، حيث لينا وزوجها المهندس عبد المؤمن شجاع الدين وطفلهما ليث والعاملة الاثيوبية ميمونة ياسين شفاء كلهم استشهدوا داخل بيت كان ممتلئاً بالحياة والاحلام قبل لحظات من الانفجار المروع.. لاحد يدري كيف عاشوا اللحظات الاخيرة و هم يحترقون ويذوبون كما يذوب اثاث المنزل وجدرانه لا احد سمع صراخهم و توسلاتهم.
خسارة فادحة
رجل الاعمال العمودي من المؤكد انه مني بخسارة فادحة اودت بالملايين التى انفقها في عمارته الفخمة التى كان قد انجز منها حتى لحظة الانفجار تسعة ادوار لكن خسارة العمودي لا تمثل شيئاً يذكر امام ماحصل للاروح التى كانت هناك في تلك اللحظة . ففي الوقت الذي كان فيه واحد وعشرون عاملا من البنائين يضعون اللمسات الاخيرة للبناء في العمارة كان هناك في جهة اخرى من السماء من يضع اللمسات الاخيرة للموت مهدما كل مااجتهدوا في تجميله وتزيينه واحد وعشرون روحا كانت اياديها مخضبة بمواد البناء وألوان الطلاء في لحظة مجنونة تخضبت تلك الايادي بالدم وطلت واجهة العمارة بما تناثر منها.. وعلى بوابة العمارة كانت الروح الثانية والعشرون تشارك البقية مصيرها المحزن .
انفجار مدمر
لم نستطع ان نصل الى اثنين من الجرحى احدهما مشرف العمارة سامي القيفاني الذي لم يجد عبارة يصف بها هول ما عاشه من لحظات فصله أحد أعمدة العمارة عن اللحاق بركب الموتى بغريزة البقاء.. احتمى سامي بذلك العمود وهو لا يفقه ما يحدث فقط ظل يشاهد الغبار الذي يملأ المكان وأركان العمارة وأعمدتها تتهاوى ودوي يصم أذنيه والعمال يتطايرون من حوله حين بدأ يشعر بأن في الأمر انفجار مجهول السبب.. بداية ظن أن هذه العمارة هي مركز ذلك الانفجار المدمر ورغم ذلك يعد سامي الأكثر حظا من بين الجميع فالعامل عصام المسوري الذي لا يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره أصيب في الظهرلحظة اصابته دفعته قوة الحجر الى الأمام فأصابت رأسه بجروح حدث ذلك حين احتمى بخزان مياه لتباغته من الخلف احدى الأحجار التي لا يعلم هل هي من العمارة أم من الجبل وكان يظن أن قاتلا اطلق رصاصته الغادرة ليقضي عليه ولم يعرف حقيقة ما حدث الا وهو في المستشفى .
رحيل مفاجئ
و على مسافة قريبة اتجهنا الى قناة اليمن اليوم والذين كان الزملاء العاملون بها في يوم الجريمة يتوافدون الى عملهم في يوم عمل روتيني.. وفي لحظة ما قبل الانفجار سمع العاملون نذير ارتجاج ظنوه زلزالاً وكان المراسل الميداني في تلك اللحظة يتجه لتغطية احد الفعاليات ليصبح بعد ذلك مادة للتغطية في وسائل الاعلام كأحد ضحايا ذلك الانفجار المدمر ، رحل محمد راجح شمسان ورحل المحاسب المالي للقناة أمين يحيى القدسي وحارسا القناة حزام على محمد ومنير عقلان تاركين الحياة و تاركين وراءهم غصة وألماً لن ينسى.
اصابات بالغة
في مستشفى الثورة و نحن نقتفى اثر جرحى فج عطان التقينا الطفل المصاب ذا الـ 12 سنة محمد عمر والذي لا يتذكر مما حصل له شيئاً فقد اصيب يوم الانفجار وفقد الوعي ولم يجده اهله الا في مكان بعيد عن بيته. الإصابات البالغة في الرأس والكسور في اليد اليمنى والعملية التي أجريت له والعمليات المؤجلة, كلها ستبقى تذكره بوحشية العدوان كما ستظل اثاره عالقة في جسده الصغير .
جروح وحرمان
أما الطفل ابراهيم محمد عقلان الذي كان يعمل في بنشر عقلان في عطان والذي حرمه الفقر من الذهاب الى المدرسة ويأتي هذا العدوان الغاشم ليحرمه من ساقه ليجعله غير قادر على اللعب او العمل في آن معاً فهذا الطفل بترت ساقه بسبب شح الامكانيات ولم يستطع الاطباء انقاذها، هذا إضافة إلى الجروح الاخرى الموزعة على انحاء جسده.. حقاً إنها جريمة لن تنسى ..
فج عطان لن ينسى تلك الجريمة المروعة التى ارتكبت هناك.. هي فاجعة كبيرة واسعة الامتداد ولم نستطع احتواءها في نزول او استطلاع ولكنا من خلال هذه النماذج البسيطة نكشف عن وحشية الاستهداف من خلال ابراز نماذج الضحايا، والذين معظمهم من النساء والاطفال والابرياء وكلهم مواطنون ليس لهم ذنب ولا مبرر للاعتداء عليهم.. فأي قلوب تلك التى تستهدف الابرياء و اي مبررات يقنعون بها انفسهم الا انهم مجرمون فقدوا كل المشاعر الانسانية والاخلاق والمبادىء والتعاليم الإسلامية العظيمة.
|