جميل الجعدبي -
- حتى وقت قريب جداً كانت المملكة العربية السعودية بالنسبة لهم دولة متهمة باغتيال مشروع الرئيس الحمدي ودولة محتلة لأراضينا بتواطؤ مع النظام، وكانت مساعيها السياسية لحل الأزمة تدخلاً سافراً في الشأن اليمني ووصاية مرفوضة لدرجة أنهم أدوا سوياً صلاة (جمعة رفض الوصاية) وهي الجمعة التي أحرقت عقبها صور ملك المملكة وعلمها في ساحات الاعتصام عام 2011م وذلك رفضاً لتدخلاتها السياسية السلمية عند رعايتها التسوية السياسية "المبادرة الخليجية" وآليتها التنفيذية الموقعة في العاصمة السعودية (الرياض) 23 نوفمبر 2011م، وحتى تلك الفترة الزمنية القريبة كانت السعودية في مفاهيم وأحاديث وشعارات وهتافات من يعرفوا اليوم إعلامياً بـ"أولاد العاصفة" متهمة بامتصاص ثرواتنا وتعذيب مغتربينا وإعاقة تقدمنا، وكانت السعودية حينها متهمة بقمع (الثورة) الشبابية الشعبية السلمية في بلادنا لأنها خائفة من انتقال وهج هذه الثورة إلى شوارعها.. لكنها اليوم وقد تحولت من راعٍ سياسي داعم لحل سلمي لأزمة يمنية إلى طرف رئيس في الأزمة، محتل لسمائنا، ويحرق أراضينا، ويدمر البُنى التحتية، ويقتل الاطفال والنساء، وينسف قلاعنا وحصوننا التاريخية، لايظهر رغم هذا كله لدى هؤلاء أن السعودية والدول العشر المتحالفة معها - لايظهر - أنها متهمة بشيء خالص بل إنها ترتكب كل تلك الجرائم من أجل مساعدة الشعب اليمني وحفظ أمنه واستقراره - كما يقولون..!!
- كانوا يعيبون عليها عام 2011م مناصرة النظام الديمقراطي الجمهوري المنتخب في بلادنا، وحقه في إكمال فترته الدستورية الشرعية ويصفوننا بـ"البلاطجة والعملاء للنظام" فأوقعهم الله عام 2015م في مأزق الارتماء في حضن نظام ملكي عائلي أسري في دولة أخرى، والدفاع ليس عن حقه في إدارة شئون بلاده أو إكمال سلسلته العائلية، ولكن في الدفاع عن حق هذا النظام الخارجي في العدوان على بلادهم وتجويع شعبهم، وقتل الأطفال والنساء وتدمير المنشآت العامة وارتكاب جرائم الحروب والمجازر الوحشية بحق بلادهم، وتجريب جديد الأسلحة المحرمة دولياً على رؤوس أهليهم وذويهم..!!
- حينما جاءوا بجماعة "أنصار الله" عام 2011م من كهوف مران بمحافظة صعدة إلى ساحات الاعتصام بالعاصمة صنعاء وتعز والحديدة وعدن وحضرموت للمشاركة معهم في إسقاط النظام المنتخب، كانت الجماعة حينها جماعة يمنية خالصة وليس لها علاقة بإيران وكانت جماعة سلمية جداً، وكان منتسبوها يضعون أسلحتهم الشخصية في صناديق الأمانات خارج عواصم المحافظات، ولذلك توجب الاعتذار الرسمي لهم عن حروب صعدة العبثية وتوجب استخراج ونقل رفاة مؤسس الجماعة، وتوجب إشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني كواحد من المكونات السياسية اليمنية المتحاورة.. وحينما رحل النظام وحان موعد تقاسم تركته أصبحت هذه الجماعة - في مفاهيم هؤلاء- بين عشية وضحاها مليشيات مسلحة، وجماعة انقلابية، ولها أجندة خارجية مشبوهة، وباتت هذه الجماعة تشكل خطراً لايهدد السلم والأمن في اليمن فحسب ولكن في المنطقة برمتها، ولهذه النوايا توجب في عام 2015م أن تحشد الأساطيل والجيوش وتنفق مليارات الدولارات، وتصدر الفتاوى ،ويحاصر 25 مليون يمني ويحرمون من الدواء والغذاء والكهرباء والمشتقات النفطية، وتدمر 13 مزرعة دواجن، و54 طريقاً وجسر عبور و13 مسجداً بصواريخ وقنابل (الأشقاء) وكل هذا " أخي المواطن اليمني نحن من أجلك ولسنا ضدك" ..! كما في منشورات (جهَّال العاصفة وبلاطجة سلمان)..!
- إلى ما قبل 3 سنوات فقط كانت مشاعرهم الإنسانية مرهفة جداً وضمائرهم على درجة عالية من اليقظة ، فتفريق شرطة مكافحة الشغب لمظاهرة باستخدام خراطيم المياه اعتداء سافر وانتهاك لحقوق الإنسان وقمع همجي يعجل بسقوط النظام، وأما استخدام مياه "المجاري" لرش المتظاهرين «أبو صدور عارية" فجريمة إبادة جماعية واستخدام أسلحة محرمة دولياً وانتهاك سافر للمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، تستوجب محاكمة النظام أمام محكمة العدل الدولية .. وفي هذا العام 2015م فإن شن طيران "عاصفة الحزم" 2415 طلعة جوية (خلال 30 يوماً فقط) لضرب 504 تجمعات سكنية أسفرت عن مقتل وجرح 9701 بينهم 1570 طفلاً و713 إمراة ، ليس هذا كله عند هؤلاء سوى عملية إغاثية لإنقاذ الشعب اليمني من جماعة الحوثي (الانقلابية)، وأن تدمير 4898 منزلاً منها 129 دمرت على رؤوس ساكنيها، وتدمير 155 مؤسسة تعليمية ومدرسة و32 مصنعاً إنتاجياً و10 مطارات وموانئ تجارية وحيوية، كل هذه الجرائم ليست في مفاهيم "بلاطجة 2015م" غير جهود أخوية لحماية الشعب اليمني من المد الفارسي- كما في منشورات "عاصفة الحزم"..!
- كان ضرب أنابيب النفط وانعدام المشتقات النفطية لأيام وانقطاع التيار الكهربائي لساعات محدودة نوعاً من العقاب الجماعي للشعب يقوم به النظام لمعاقبة الشعب لأنه خرج يطالب بإسقاط هذا النظام.. ولايظهر في مفاهيم هؤلاء عام 2015م أن انعدام المشتقات النفطية لأسابيع متتالية وانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من شهر، وضرب وتدمير 15 محطة تحويلية ومحطة توليد كهرباء وتدمير 38 مخزناً غذائياً و45 شاحنة نقل دقيق وقمح وأغذية وتدمير 51 مستشفى ومركزاً صحياً (خلال 30 يوماً فقط) وفرض حصار بحري وبري وجوي خانق للشعب اليمني -لايبدو- عند هؤلاء أن هذه الجرائم تمثل نوعاً من أنواع العقاب الجماعي تقوم به 10 دول عربية وأجنبية بطلب من نظام الرئيس المستقيل والمنتهية فترته الدستورية، ورغبة قوى سياسية لمعاقبة الشعب الذي لم يخرج إلى الشوارع لإسقاط نظام جماعة الحوثي وبما يمكن نظام الجماعة الفارة في الخارج من العودة للحكم في اليمن على ظهر طائرات العدوان وأشلاء أطفال اليمن..!!
[email protected]