وليد علي غالب - في كل مرة أعود فيها للحديدة حتى وإن كان الفارق الزمني قصيراً بين كل زيارة وأخرى، أجد تغيرات كبيرة طرأت على هذه المحافظة الهادئة، فشتان ما بين الحديدة في الأمس والحديدة اليوم، فهي تشهد نهضة تنموية غير عادية على مختلف الأصعدة.
أتذكر أنه في عهد رئىس تحرير سابق لـ»الميثاق« زار الحديدة تزامنت زيارته مع الأيام الأولى لتولي محمد صالح شملان قيادة المحافظة حينها كتب رئىس التحرير انطباعاته عن الحديدة بأنها محافظة مغلقة ويقصد بذلك أنها محدودة الطرق والتي تؤدي أغلبها إلى مياه البحر.
واليوم لم تعد عروس البحر الأحمر تلك المحافظة المغلقة لكثرة المداخل والمخارج التي نشئت على المدينة وأصبحت الكثير من الكثبان الرملية والحارات الترابية جزءاً من الماضي، فاللون الأزرق حل بديلاً والأرصفة الجميلة وعمدان الإنارة تزين شوارع المدينة التي صممت بطريقة حضارية، كما أصبح هناك الكثير من المتنفسات يجد فيها الأهالي المكان المناسب لقضاء أوقات جميلة (الكورنيش الجديد- كورنيش حنيش، ساحة 22 مايو) وغيرها أصبحت قِبلة لكثير من المواطنين يؤمُّونها هُم وأسرهم، بعضهم في النهار وأغلبهم في المساء الجميل فليس هناك ماهو أمتع من الاستماع لهدير الموج تحت ضوء القمر والأنوار الصناعية.
قصور إعلامي
^ ما شهدته الحديدة من تطورات لم يأخذ بعد حقه الإعلامي ولاتزال علاقة الإعلام ووسائل النشر مع هذه المحافظة غير فاعلة ودون المستوى المطلوب مقارنة بما يعتمل من حراك وعمل دؤوب يقوده بحنكة رئىس السلطة المحلية المحافظ الشاب محمد صالح شملان وبدعم وإشراف مباشر من باني نهضة اليمن الحديث فخامة المناضل علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية رئىس المؤتمر الشعبي العام.
انحياز
^ قد يكون الحديث عن مشاريع وأرقام وتكاليف أمراً غير مجدٍ لدى كثير من القراء بالرغم من أهمية ذلك من الجانب المعلوماتي والخبري، ولكني هنا سأنحاز للقراء الأعزاء وسأبتعد في تناولتي هذه عن الحديدة عن أرقام وتكاليف المشاريع وسأركز فقط على عينة من المشاريع والأفكار الطموحة التي تحققت وفي طريقها لأن تتحقق.
اعتراف
^ ولزاماً عليَّ هنا أن اعترف بإعجابي بطريقة تفكير وعمل المحافظ شملان وحرصه الشديد وتركيزه في عمله على شيئين أولهما الاتقان والثاني النوعية والتميز وابتعاده بقدر الإمكان عن الرتابة والنمطية.. فمثلاً تجد أن أحد أهم المشاريع التي تشغل هاجس شملان هو تحويل الحديدة إلى محافظة رقمية ترتبط جميعها »مديريات ومكاتب تنفيذية« بشبكة الكترونية موحدة تحتوي على كافة المعلومات والبيانات والتقارير وحتى المراسلات بين هذه الجهات عبر الشبكة الموحدة.
هذا المشروع الرائع في طريقه إلى استكمال تنفيذه فقد تحقق جزء كبير منه، حيث تم إنشاء مبنى مركز المعلومات بالمحافظة، ذلك المبنى الأنيق المزود بأحدث التجهيزات الالكترونية من أجهزة حاسوب وتوابعها ويعمل فيه على مدار الساعة شباب من خيرة أبناء المحافظة المؤهلين التأهيل العلمي العالي، بل تم اختيار طاقمه بعناية فائقة من صفوف المبدعين والمتألقين في هذا المجال بمعنى أكثر دقة »محترفون«.
إلى جانب هذا فإن لدى المحافظة موقعاً الكترونياً على الشبكة العنكبوتية يحتوي على كل المعلومات التي يحتاجها الباحثون ورجال الأعمال والمهتمون من معلومات جغرافية وديمغرافية وأخرى تتعلق بمقومات الاستثمار والفرص الاستثمارية وأخبار المحافظة وإصداراتها وغيرها من النوافذ التي كل واحدة منها لاتقل اهمية عن الأخرى.. يجد فيها الباحث أياً كان ضالته..
كما قام مكتب الخدمة المدنية والتأمينات في المحافظة بتدشين موقعه على الانترنت وأصبح بالإمكان عبره تقديم طلبات التوظيف وتجديد القيد ومعرفة المقبولين ونتائج المفاضلة وعدد الدرجات الوظيفية.. الخ، وبالإمكان أيضاً بواسطته التراسل مع إدارة المكتب للاستعلام عن أي شيء يتعلق بقضايا التوظيف وأعمال المكتب.
أفكار تتحقق
^ شهد أواخر الأسبوع الماضي توقيع اتفاقية مشروع لفرز وتدوير المخلفات الصلبة.. ألم أقل إن قيادة محافظة الحديدة- تحرص على إقامة مشاريع نوعية.
هذا المشروع- الذي سينفذه مستثمر سعودي وتكلفة مرحلته الأولى 93 مليون ريال- سيعمل على تجميع وفرز المخلفات وكبسها ومن ثم في مرحلة ثانية سيتم إعادة تدويرها وتحويلها إلى مواد خام جاهزة للاستخدامات الصناعية.
منفذ المشروع قال انه سيعمل على استيعاب الكثير من الشباب وانه سينشئ وحدات سكنية للعاملين في المشروع..
فتور
^ من خلال عدة لقاءات جمعتني بالمحافظ كنت اخرج في كل مرة بفكرة جديدة أسمعه يطرحها ويتشاور فيها مع الحاضرين، إلاَّ أن كثيراً منهم يبدي فتوراً تجاهها يعكس إما عدم إدراك هذا الشخص بمدى قيمتها أو لقلة استيعابه لها.. ومشروع تدوير النفايات كان من ضمن المشاريع التي سمعت بها اثناء مقيلي في إحدى المرات في ديوان المحافظة وهاهي الفكرة الآن تجد طريقها للنور.
مدن في مدينة
^ تحوُّل هذه الفكرة إلى حقيقة جعلني أتحمس وأستبشر خيراً بأخرى كان قد طرحها في وقت سابق المحافظ الشاب وهي مشروع إقامة محطات مركزية للنقل تكون متكاملة في مداخل المدينة وأخريات صغيرة داخل الأماكن الحركية فيها، بحيث تكون هذه المحطات شاملة جميع الخدمات وبها المحلات المختلفة والمطاعم وأماكن الاتصالات والمواقف الخاصة بمركبات النقل وكل ما يحتاجه المسافر، وبمعنى أوضح مدن صغيرة عند مداخل المدينة.
بالتأكيد ان تحقيق هذا المشروع سيكون انجازاً جديداً محسوباً للسلطة المحلية وما تحظى به من دعم حكومي ورئاسي في تنفيذ طموحات وتطلعات أبناء المحافظة.
شراكة لابد منها
^ خلاصةً نشدد على ضرورة تفاعل القطاع الخاص المحلي مع القيادة المحلية من أجل مواصلة تحقيق الانجازات وإنشاء المشاريع التنموية التي من شأنها استيعاب أيادٍ عاملة والتقليل من البطالة وتحسين الأوضاع المعيشية للناس خاصة مع توافر كل مقومات النجاح.. فكل العوامل البيئية تساعد على ذلك، الأراضي الزراعية، الموانئ، الطريق الدولية، السواحل الممتدة، الأيادي العاملة، وغيرها إلى جانب وجود قيادة سلطة محلية متفهمة ومدركة كل الإدراك لدورها الوطني المطلوب وتحرص على تنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة رئىس الجمهورية وما فيه من مضامين.
|