غيلان العماري - قرية روحان، إحدى قرى مديرية الشّعر، المعلقة في هام أحد الجبال الجميلة القريبة من منطقة العود في محافظة إب، هذه القرية الحالمة المسالمة تتعرض لاعتداءت سافرة من قبل "هوزر عسق" المقاولة!
إن أخطأتها قذيفة غادرة من العود- المنطقة التابعة لمديرية الناّدرة والواقعة تحت سيطرة الحوثيين- فلن يخطئها صاروخ سعودي عابث أدمن في غالب وقوعه المشبوه على قتل الأبرياء، وتدمير ما لا يمت إلى الحرب بصلة!
هوزر عسق يضرب هذه القرية المكلومة منذ أكثر من أسبوع، قيل بأن أهلها قد غادروها جميعاً تحت وطأة هذا الهوزر المشؤوم الضرير الذي تتساقط قذائفه دون ضابط إنساني أو أخلاقي لدرجة أن يصبح الهدف مدرسة للطلاب كما في قرية "الردّي" المجاورة، أو منازل مواطنين في قرية "أتم" وقرىً غيرها!
كل هذه النيران القذرة التي أخذت تشتعل في قميص هذه المديرية من اتجاه الشرق، يتم التسويق لها ، تحت ذريعة تواجد الحوثي، مع أنّ المديرية -والحقّ يقال- لم تعرف تواجداً لحوثي، إلّا بعد تواجد تلك المجاميع الطارئة والدخيلة وبعض النافخين في كير هذه الفتنة النائمة من سدَنة المصالح والأطماع الحزبية المقيتة، وهم - على أية حال - قلّة.. لذات المبرر المتهافت فعل طيران آل سعود، فدمّر مركز المديرية بطوابقه الثلاثة الحديثة الرائعة، وما نجم عن ذلك من تدمير وإحراق لخيمة السلم الأهلي والنسيج الاجتماعي هناك، وهو الهدف الأكثر خبثاً وفظاعةً في قائمة العدوان والذي استشرى كوجع عضال في جسد هذا الوطن المنهك منذ طلقة العدوان الأولى قبل أكثر من سبعة شهور!
بالنسبة للحوثيين، فإن خروج المديرية، الشعر، عن السيطرة، وقيام تلك المجاميع المسلحة بفرض حضورها هناك تحت يافطة مقاومة، قد مَنَحهم - كما يرى الكثيرون- المبرر الأمثل للتمترس والبقاء في ثرى تلك المديرية الثريّة مالاً، المعوزة لقادةٍ نبلاء يقودون دفّة الأمر فيها على نحوٍ من المسؤولية والأمانة ورباطة الجأش.تمضي في البحث عن سبب وجيه يجعل هذه المديرية وقراها اليوم عرضة للسقوط بقبضة الفوضى والعنف، وهي التي انتبذت بسلميتها من كل هذه التداعيات مكاناً قصيّا، لم يقصها -البتة- عن مشاطرة الوطن همّه، بقدر ما منحها القدرة على استشراف الواقع بواقعية وضخ ما أمكن من عافيتها نحو جسد هذا الوطن المنهك الموبوء بالمواجع..
تبحث كثيراً، فلا تجد سوى نزوات صبيانية طائشة، أخفقت في تحقيق مآربها، ونزعاتها الشخصية، والحزبية، وما شابه ذلك من أهدافٍ مشبوهة صدئة على أديم هذه المحافظة النابذة لمثل هكذا خياراتٍ طافحة بالموت، والموت لا غير، فمضت بائسةً لتحقيقها، عبر هذه المديرية ، عنوان الوطن الأبرز ، في التآخي، والتسامح، والمحبة والسلام!
ما يحز في النفس ويثير الأسى، أن من يثيرون مواجع هذه المديرية اليوم ، هم من خارجها، ولا حاضن لهم سوى ضعف هذه المديرية وقلة قليلة من المصابين بعاهة "الانتهازية"، فضلاً عن أنّ مبرراتهم المتهافتة تتواجد بكثرة في مديرياتهم، فلماذا الشعر بالذات يا تجار الفتنة والموت؟
إنّ غياب الرجال الرجال عن المديرية، منح الفرصة المثلى للأدعياء والأشباه، في أن يجعلوها سوقاً مفتوحة لمشاريعهم الرخيصة المبتذلة، أين من هذه المديرية عقلاؤها الذين تركوا الأثر الطيب والخالد في قلوب الناس؟
هل كان لأحدٍ أخرق -وذلك الرعيل هنا- أن يتجرأ ويجوس مركزها صباح مساء بحثاً عن المجوس الملاعين وعندما لا يجد شيئاً من ذلك الوهم الفضيحة، يقوم بإشعال فتيل الفتنة هنا ويغادر إلى وكره بسلام!؟
إنّ مديرية الشعر ليست في عير هذه الصراعات ولا في نفيرها، فلماذا يمضي الانتهازيون وتجار الأزمات، لصب زيت مشاريعهم القذرة، على جمر واقع يتأهب للاشتعال؟
مديرية الشعر لا تستجدي من أحد الدفاع عنها، إنها تنتظر فقط من كل هذه الايادي العابثة، العامرة بالزيغ، أن تتوقف عن قذف المزيد من هذه الأشواك في طريق واقعها المسالم البريئ.
لا مقام في مديرية الشعر لحوثي أو لمقاومة، وأيّ مقاومة هذه التي تفصّل الوطن وفق مقاسات مصالح شوهاء لا تمت إلى مصلحة الناس بصلة!؟
أيّ مقاومة هذه التي تشعل الفتنة وهي في سابع نومها، لا لشيء إلّا لغرض من الدنيا قليل؟
أي مقاومة أو بالأحرى "مقاولة" هذه التي تترك الغريم -إنْ ثمة غريم "من أصله، وهو في دارها الآهل بالخراب ،لتذهب تقاومه في بيت الجيران الآهل بالدعة والطمأنينة والاستقرار؟
مازال في الوقت متسع لتجنيب مديرية الشعر أذى الاحتراب والاقتتال، فليتوقف الحمقى عن صب المزيد من زيت مشاريعهم نحو هذا الواقع الـ" قاب قوسين أو أدنى من الاشتعال"..
|