عبده محمد الجندي - < < الحياة صراع بين قيم الخير وقيم الشر، ولكنه صراع ثوري جدلي يتخذ من الأيديولوجيات روحه وفكره ويتخذ من الثورات حركته وساعده القوي لتحقيق سلسلة من الأهداف والطموحات الوطنية التي تبدأ بالحياة وبالحرية وتتجه من خلال الدولة الوطنية والقومية لتحقيق مجموعة أهداف استراتيجية تتداخل فيها قيم الديمقراطية بقيم العدالة وقيم الاستقلال بقيم الكرامة الوطنية لا يمكن للشر والحرب فيها أن ينقلب على قيم الخير والسلام والأمن بعيداً عن الوصايات والتدخلات الدولية المستندة الى ما لدى دول العدوان من الامكانات العسكرية والإعلامية والسياسية والمادية التي لا تعني سوى تمرير ما يتصل بعوامل الشر المدمرة للخيرات والقاتل للحياة وللحرية وللمبادئ الايديولوجية والثورية.
عكس القوى الثورية والوطنية ذات المبادئ الايديولوجية والمواقف الثورة والاهداف الاستراتيجية المتمثلة بالوحدة وبالاستقلال والكرامة والحرية وبالديمقراطية وبالعدالة الاجتماعية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان وبالتنمية الاقتصادية، وإذا كان من يطالبون الدول الأجنبية بالعدوان على شعوبهم وأوطانهم يمثلون قوى الشر والحرب في هذه المعادلة الايديولوجية والثورية فإن من يتصدون لهذه التدخلات العدوانية المستندة الى ما لديها من ترسانات عسكرية وامبراطوريات ومالية وإعلامية وسياسية قادرة على القتل والتدمير ولكن بما لديهم من إرادات وطنية وثورية يغلبون قيم الاستقلال والسلام والخير على قيم الحرب والشر والقتل والدمار. أقول ذلك وأقصد به ان صمود الشعب اليمني ممثلاً بقواه الأيديولوجية والثورية العاشقة للخير والسلام بوجه العدوان الذي يستند الى رغبات شريرة معتمدة على ما لديها من القوة العسكرية والمالية والسياسية والإعلامية سوف ينتهي الى تحقيق ما يتطلع اليه الشعب اليمني بأغلبيته الساحقة من انتصارات عظيمة تمكنه من تحقيق استقلاله وطرد الفلول الاستعمارية المسيطرة على بعض المحافظات الجنوبية كمقدمة ضرورية للانتقال من الشرعية الثورية الى الشرعية الدستورية الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة، مهما كلفته المواجهة غير المتكافئة من التضحيات المكلفة في الأرواح والدماء والمال والجهد لأن إرادة الشعوب جزء لا يتجزأ من إرادة الله. ومعنى ذلك أن جميع أبناء الشعب اليمني الذين تجمعهم الثورة اليمنية 26سبتمبر و14اكتوبر مطالبون أكثر من أي وقت مضى بمراجعة ما انتهجوه من السياسات والمواقف المتناقضة التي أسفرت عن تقسيمهم الى أغلبية رافضة للعدوان وأقلية مؤيدة للعدوان أن يراجعوا مواقفهم بحيث يتقدم المؤيدون خطوات الى الأمام ويعترفوا بما قاموا به من أعمال ذميمة وقبيحة ويقفوا الى جانب الشعب في التصدي لما يمثله العدوان من الحرب والشر ويتراجع الرافضون للعدوان خطوة الى الخلف ويعلنوا قبولهم بالعفو عمن أجبرتهم حساباتهم وأطماعهم على هذا النوع من الخيانة والعمالة ويجلسوا الى مائدة حوار تبدأ بالإجماع على وقف العدوان ورفع الحصار وتنتهي الى إعادة السلطة للشعب باعتباره صاحب المصلحة الحقيقية في انتخاب قياداته التشريعية والتنفيذية عبر انتخابات حرة ونزيهة تستند الى مرجعية دستورية وقانونية مستفتى عليها من الشعب اليمني لاسيما ونحن قاب قوسين أو أدنى من لقاء جنيف الثاني الذي أعلنه السيد اسماعيل ولد الشيخ أحمد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة وسط عملية تأييد مباركة من مجلس الأمن الدولي الذي ضاق ذرعاً بالعدوان والحصار.. أقول ذلك وأقصد به أن العقل اليمني والأجنبي الذي يراقب جرائم العدوان والحصار المطلق على اليمن لم يعد قادراً على استيعاب الاسباب التي دفعت الأقلية من حثالات الشعب الى الاستقواء على الأغلبية بالعدوان والحصار الخارجي المدجج بأرقى ما وصلت اليه البشرية المعاصرة من الأسلحة القاتلة والمدمرة للحياة تحت مبرر الطمع بالسلطة والرغبة في استعادتها بقوة الحديد والفولاذ والجيوش الأجنبية. عجباً لأولئك الذين طلبوا العدوان وأيدوه وقاتلوا تحت رايته بل وتجاوزوا ذلك الى التوقيع على تكاليفه المالية أن يزعموا أنهم أصحاب حق .. هذه المواقف المشينة التي يخجل من فيه ذرة من الوطنية والولاء لشعبه ووطنه عن تقبلها بهذه السهولة غير آبهة بما تنطوي عليه من الأعمال الذميمة والقبيحة التي ستبقى على مسار التاريخ مضرباً للأمثال الخسيسة والجبانة وغير القابلة للنسيان والغفران من قبل اليمنيين جيلاً بعد جيل الذين يعتقدون ايديولوجياً ويفتخرون ثورياً بأن بلادهم كانت مقبرة للغزاة أياً كانت مبرراتهم وأعذارهم الواهية والمثيرة للنذالة والسخرية لا يمكنهم تذكرها الا بمشاعر الحقد والكراهية مقرونة بالحنين الى الانتقام والثأر من الغزاة. أي نذالة وأية خساسة أقذر من أن تقف عدواً وقاتلاً ومدمراً لشعبك ووطنك تحت الشمس وتزعم قبل ذلك وبعد ذلك أنك المسؤول الأول عما لحق بشعبك وبوطنك الجريح من القتل والتدمير ومن التجويع وعشرات الآلاف من المشوهين والمعاقين وبأي وجه سوف تدعي بأنك حاكمه الشرعي وحكومته الوطنية الباحثة عن موطن قدم في الامتداد الجغرافي للأرض اليمنية إذا لم تستحِ فافعل ما شئت، فقد تجردت من كل المثل والقيم والمبادئ الوطنية والأخلاقية والإنسانية وأنت لا تستطيع أن تنام ولا تستطيع أن تقيم الا بحراسة الجيوش الأجنبية من القتلة والمرتزقة الذين جمعتهم المادة من جميع البلدان الافريقية عن طريق التأجير والشراء الذي اعتادت عليه بعض البلدان الافريقية غير الديمقراطية وعن طريق الشركات القارية المشتغلة بهذا النوع من التجارة العبودية التي تعيدنا الى ما قبل الاستقرار من عصور عبودية كان السود يخضعون فيها لحركة تجارية نشطة من القارة الافريقية الى القارات الأمريكية والأوروبية قبل ظهور الدولة الوطنية والقومية والمستقلة وقبل ظهور فكرة المساواة وقبل إخضاع السلطة للدولة الديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي بشرعية انتخابية تعكس المساواة بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة التي دعت اليها الثورة الليبرالية التي أطلقت العنان لحرية الصحافة وحرية التجارة وحقوق الإنسان وتحريم العبودية وشراء الإنسان لأخيه الإنسان إذا تلك هي طبيعة العملاء والخونة لشعوبهم عبر التاريخ، فإن مثل هذا القول لا ينطبق عليهم نظراً لما يتظاهرون به من احترام للديمقراطية وللشرعية الانتخابية في وقت نجدهم مجرد أحذية في دول تفتقد للديمقراطية نظراً لما يتظاهرون به من البجاحة والوقاحة والقذارة التي أوصلتهم الى مسافات متقدمة لم يصل اليها من تورطوا أو ورطوا بهذا النوع من العمالات والخيانات المستفزة للعقل اليمني بكل مقدساته الوطنية والقومية والاسلامية المحركة لرد فعل مقاومة عنيفة لا رابط لها ولا زمام سوف تتغلب على العدوان ولو بعد حين من المقاومة الرافضة للاستعمار والاستبداد والاستغلال في عالم يقال عنه إنه عالم الايديولوجيات المتجددة والثورات الدائمة والمستمرة. لم يعد فيه مجالاً لهذا النوع من الحكام والوزراء العملاء والخونة الذين عادوا على ظهر الطائرات والمدرعات والبوارج العسكرية القاتلة للحياة وللحرية وللاستقلال والانعتاق من العبودية بكافة أنواعها القديمة والوسيطة والحديثة ومن دواعي الأسف المثير للثورة إذا لم أقل الباعثة على الشعور بالخزي والعار أن يقف اليمني عدواً لأخيه اليمني وقاتلاً له بأحدث أنواع السلاح الجوي والبحري والبري الذي أنتجته الآلة الصناعية العملاقة التابعة للولايات المتحدة الامريكية كأحد أهم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي التي طوعت الشرعية الدولية على مقاس هذا النوع من العملاء والخونة لشعوبهم وأوطانهم أو على مقاس هذا النوع من العدوان البربري الذي استنكرته كافة الهيئات والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة. أقول ذلك وأقصد به أن ثمانية أشهر من جرائم الإبادة الجماعية والدمار الشامل قد تحولت في اليمن الى نواة طاقات ارهابية لا رابط لها ولا زمام، وان صمود الشعب اليمني واستبساله بوجه الحصار المطلق والعدوان ما يسخر له من الطاقات والامكانيات العسكرية والمادية والسياسية والاعلامية سوف تجعل من الأرض اليمنية ذات التضاريس الجبلية المعقدة بمثابة افغانستان ثانية ملاذاً آمناً لجميع الارهابيين والدواعش القادمين من دول عربية واسلامية عديدة. وسوف يكتشف العالم المسخر لخدمة دول العدوان أن شرعية هادي وحكومته الضعيفة والعديمة القدرة على اتخاذ القرار الوطني المستقل أعجز من أن تقوم بمكافحة هذا النوع من الارهاب المسيطر على دولة ذات أهمية جغرافية استراتيجية مؤثرة على أمن العالم وسيشعر بالندم على مواقفه المؤيدة والدائمة للعدوان ولكن بعد فوات الأوان. نعم إن عودة هذه القيادات الصورية محمولة ومحروسة بالآلة العسكرية غير اليمنية سوف لن تجد قاعدة شعبية مرحبة بها مهما لعبت على الاستخدام المتخلف للتناقضات السياسية المستفيدة من العدوان. أقول ذلك واقصد به أن السعودية وحلفاءها لا ولن يكون بمقدورهم اقتلاع أنصار الله ولا المؤتمر الشعبي العام من الساحة اليمنية نظراً لما يمثلانه من قاعدة شعبية عريضة وضاربة جذورها في أعماق التربة اليمنية بجبالها وسهولها وشعابها وهضابها وسواحلها المفتوحة على أهم الممرات المائية، ولن يجدوا أمامهم وسيلة سهلة لإنجاح ما يتحدثون عنه من تسوية سياسية عبر حوار يمني يمني.. الآمال لازالت تراود الكثير من الرافضين للعدوان والرافضين لهذا النوع من الحكومات العميلة لازالوا يحسنون الظن بأن بعض الشخصيات التي اضطرت الى بيع مواقفها بما قدموه لها من مغريات مالية مضافاً الى ذلك الخوف من حجم ما يمتلكه العدوان من قدرات سياسية وعسكرية ومالية وإعلامية مدعومة من القوى الدولية ممثلة بما لديها من الهيئات والمنظمات الدولية التي شرعنت للعدوان أقول ذلك واقصد به أن هؤلاء الذين وقعوا فريسة للخوف والطمع قد باعوا مواقفهم مضطرين مازالت تدور حولهم الآمال في تغير ما لديهم من المواقف والتكفير عما اقترفوه بحق الوطن من السيئات في لحظات ضعف قابلة للمراجعة والتراجع من الشر الى الخير ومن الحرب الى السلام ومن الخطأ الى الصواب.
|