عبدالرحمن مراد - < يظن حكام المملكة العربية السعودية أن المكر الذي هم عليه سيُكتب له الاستمرار وهم لا يدركون أن نهاياتهم تعمل على استدراجهم من حيث لا يعلمون..
لقد دأب إعلامهم خلال مؤتمر جنيف2 على تصوير خروقات الهدنة التي يقوم بها طيرانهم في ربوع اليمن على أنها خروقات حوثية وعفاشية، وقد تواتر الكذب الذي يمارسونه إلى درجة أنهم يصدقون كذبهم وزيفهم وهم يدركون أن إعلامهم أصبح محدود الأثر ويتسم بالزيف والتضليل والذي يذهب إلى الكذب ظناً منه أنَّ فيه النجاة لكنه وقع في المهالك وهو يظن أن كذبه الذي يمارسه صدق..
ومن حماقات عرب الصحراء أن قاموا بتكليف سفرائهم مع بعض رموز الاستخبارات العالمية بعقد مؤتمر موازٍ لمؤتمر جنيف2 ويهدف المؤتمر إلى الهيمنة على مخرجات مؤتمر جنيف2 الأصلي وفرض الوصاية على بنوده، وتلك لعمري منتهى الحماقات التي بلغها عرب الصحراء حين يخامرهم الظن في القدرة على إعادة الماضي أو التحكم في مسارات الحاضر، وقد تناسوا أن الدم اليمني قد جرف كل أشكال الوصاية والهيمنة، وأن المفاوض اليمني الذي ذهب إلى جنيف2 ذهب وأمامه الكرامة والاعتزاز بالذات اليمنية، وهو يدرك أن قامته المرفوعة لا يمكنها الانحناء فقد احترقت الأرض ولم تبقَ إلاّ الكرامة الوطنية ولا يمكن المزايدة بها أو عليها ولم يعد هناك من شيء لم يَطَلْهُ العدوان فقد خسرنا كل شيء ولكنا في مقابل ذلك كسبنا اليمن في بعديها الحضاري والثقافي، فاليقظة الحضارية والثقافية كانت بحاجة إلى تلك الهزة العنيفة وذلك الركام حتي تستيقظ وتستعيد وعيها بذاتها وبقيمتها ووجودها ومعناها الحضاري والثقافي والوجودي في عالم اليوم الذي يتموج ليفصح عن مرحلة جديدة لن تكون أسرة آل سعود حاضرة في تفاعلاتها، ذلك أن هذه الأسرة تكتب نهايتها القذرة على حجار وصخور جبال اليمن وفوق رمالها التي تلتهم مجنزراتهم وعرباتهم وآلياتهم وماتزال تشعر بقدرتها على امتصاص كل الضربات قبل أن تبدأ في الهجوم المضاد، والهجوم المضاد من طبيعة الأفعال والأحداث الفيزيائية وهو في قانون الطبيعة من الثوابت ولا يمكن القفز على قيمته الموضوعية وأثره في المستقبل فالقانون يقول لكل فعل ردة فعل مضادة في الاتجاه وتساويه في القوة.. وكل الأفعال التي يقوم بها آل سعود في اليمن منذ مطلع القرن الماضي وحتى تاريخ عدوانهم في مارس عام 2015م بدأت الذاكرة تبعثها من مراقدها، وحين تبعث الذاكرة الأحداث فذلك يعني أن الطاقة الانفعالية ستكون أكثر بكثير مما يتصوره عرب الصحراء ولن تقف عند نقطة توشكا ولا عند أسكود ولا عند البوارج التي تعصرها الأمواج فذلك أمر بات اعتيادياً ولا يمكن أن يكون معياراً تقاس بها التطورات التي سوف تشهدها جبهات القتال والبناءات الاجتماعية في المملكة والبناءات الثقافية فالزلزال قد بدأ يفصح عن درجته التي سيكون عليها بعد أن اتضحت الكثير من الحقائق التي عملت الأموال على تغطيتها، ولن يعمل التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب على تهدئته أو التخفيف من أثره في مسارات مستقبل آل سعود الذي استند وجودهم في شبه جزيرة العرب على استهداف اليمن وتحجيم دورها والهيمنة على مساراتها الحضارية والثقافية والاقتصادية وأيضاً فرض الوصاية على المسار الثقافي وهو اشتغال بات واضحاً من خلال حركة التعطيل الممنهجة للمؤسسة الثقافية الوطنية الرسمية وغير الرسمية، فالملاحظ أنه منذ عام 1990م وحتى زمن عدوان المملكة على اليمن نشط المثقف السلفي في فتح المراكز التعليمية والمساجد وإصدار الكتب والاستفادة من وسائل الإعلام والتقنية الحديثة في حين ظلت المؤسسة الثقافية الرسمية عاجزة عن أي نشاط أو اصدار أو مواكبة حركة المجتمع من حولها وظلت وظيفتها وأهدافها وهيكلها بدون تفعيل أو نشاط أو تجدد أو تحديث.
لقد حاولت المملكة العربية السعودية أن تمارس غواية المكر في اليمن وإن كانت الحظوظ ساعدتها على النجاح في العقود الماضية إلاّ أن المؤشرات التي يتحدث عنها الواقع اليمني أن ذلك المكر لن يحيق إلاّ بأهله وأن اليمن قد تجاوزت حالاتها القديمة، وانتفض من بين ركام الأحداث عفاش وذو نواس وتبابعة حمير.. وغداً سوف يدرك آل سعود أنهم لا يمكرون إلاّ بأنفسهم ولكنهم لا يشعرون.
|