يحيـــى نـــوري -
سطَّرها الميثاق الوطني خمس حقائق صاغت سياسة المؤتمر ❊ يحيـــى علـــي نـــوري ❊ ادار المؤتمر الشعبي العام منذ قيامه وحتى اليوم سياسة كفؤة حقق بها للوطن انطلاقه الحضاري وهيأ من السبل والمناخات الكثير، الأمر الذي تمكن شعبنا وفي ظل مسيرة المؤتمر من إدراك طموحاته في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وقد ارتكزت سياسة المؤتمر الشعبي العام على رؤية ثاقبة استلهمها واستوعبها من المُثل والقيم الميثاقية التي سطرها ميثاقه الوطني الدليل النظري والفكري والتي مثلت جميعها الاستجابة الحقيقية والمنطقية لمعطيات الحياة اليمنية. ومن أبرز المُثل والقيم الميثاقية هي تلك الحقائق الخمس التي تم تسطيرها في مقدمة الميثاق الوطني. وهذه الحقائق تُعد من القدرة على تشخيص الواقع اليمني والتحديد بدقة متناهية لمتطلبات بنائه الحضاري على صعيده الراهن والمستقبلي، ما يؤكد كونها ضمانات حقيقية يستحيل تجاوزها أو السير باتجاه المستقبل دون التعاطي الايجابي والفعال معها نصاً وروحاً وبهدف إبراز عظمة هذه الحقائق واهميتها الكبيرة ودورها الفاعل والأساسي في انجاح السياسة الداخلية للمؤتمر، نحاول هنا الاطلالة ولو بصورة سريعة عليها وتبيين عبقرية العقول السياسية التي صاغتها بعد استرجاع متفحص ومتعمق لمراحل تاريخ شعبنا القديم والحديث والمعاصر، ومن ثم الحرص على تسطيرها في إطار مقدمة الميثاق الوطني حتى تكون دروساً حقيقية في إدارة شئون المجتمع وتخليصه من الوقوع في بؤر الصراع والتطاحن بل ويعفيه من كافة الرواسب والاحتقانات التي طالما عانى منها ودفع بسببها كثيراً من إمكاناته البشرية والمادية وعلى حساب توجهاته الحضارية التي ظلت أسيرة لهذه الاحتقانات.. الحقيقة الأولى: وبالعودة هنا إلى نص هذه الحقيقة نجدها وضعت العديد من الاشتراطات التي تتطلب الإيفاء بها للوصول إلى تحقيق الأهداف العظيمة لشعبنا والمتمثلة في الاستقرار والأمن والسلام والوحدة والمشاركة الشعبية، كما ذكَّرت هذه الحقيقة وبصورة جلية بحضارة شعبنا القديمة حتى يتم ربط الحاضر بالماضي التليد وفي إطار رؤية ثاقبة لحقائق التاريخ الناصعة. ومن الاشتراطات التي شملتها هذه الحقيقة أنها قد أكدت في مستهلها وبصورة قطعية ان شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلاَّ في ظل الاستقرار والأمن والسلام. وهذا يعني ان لبلوغ حضارة جديدة لابد من القيام أولاً بعمل مسؤول وتاريخي يتمثل في تحقيق الاستقرار والأمن والسلام، كما أنها اشترطت أيضاً لتحقيق ذلك ضرورة القيام بتهيئة الأرضية القوية والصلبة وهي الأرضية المتمثلة في وحدة الأرض والشعب، وشددت الحقيقة على اهمية الشورى والمشاركة الشعبية كمطلب أساسي لاغنى عنه في الحفاظ على وحدة الأرض والشعب والحكم. ولاشك ان السياسة الداخلية للمؤتمر قد استوعبت تماماً هذه الحقيقة الناصعة وحرصت كل الحرص على التعاطي الايجابي والمثمر مع كافة اشتراطاتها.. وقد تجلَّى ذلك في النهج الوحدوي الذي أخذت به قيادة المؤتمر على طريق تحقيق الوحدة اليمنية، وهو نهج تجرَّد تماماً من الخطاب الشعاري الأجوف، وعمل ومن خلال الترتيب الموضوعي لمجمل الأهداف التي حفلت بها هذه الحقيقة على التعاطي مع قضية الوحدة.. معتبراً ان تحقيق الوحدة اليمنية هو الضمانة الحقيقية لليمن الجديد المتحرر من كافة أمراض التشطير وتداعياته وافرازاته الخطيرة، وقد امكن لهذه السياسة التي انتهجها المؤتمر أن حققت نتائج ايجابية على طريق انجاز الوحدة الوطنية وتهيئة الأمن والاستقرار والسلام.. الأمر الذي ساعد وبصورة كبيرة على انطلاق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. كما ان هذه النجاحات المتحققة قد ساعدت أيضاً على تعزيز المسار الوحدوي للمؤتمر الشعبي العام وهو مسار تكلل في الـ22 من مايو 1990م بقيام الوحدة اليمنية والذي مثّل فتحاً كبيراً وعظيماً لمرحلة جديدة من تاريخ شعبنا حقق خلالها تطلعاته الحضارية على أساس الاستقرار والأمن والسلام عبر أسس وقواعد الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات التي تحفظ كافة الحقوق للمواطنين، وهي بالطبع الحقوق السياسية التي كان لها اثرها الكبير في تعزيز المشاركة الشعبية الواسعة نحو المزيد من ترسيخ وتجذير قيم ومُثل اليمن الجديد الديمقراطي الموحد. الحقيقة الثانية أما ما جاء من ضمانات في إطار الحقيقة الثانية للميثاق الوطني والتي كان لسياسة المؤتمر الداخلية ان أخذت بها ما جاءت به من إيضاح دقيق لأبرز الحقائق التي حفل بها تاريخ اليمن الإسلامي، حيث أكدت ان كل الأحداث الدامية عبر تاريخ اليمن الطويل قد زعزعت كل شيء في حياة الإنسان اليمني إلاَّ إيمانه بالله وتمسُّكه بالعقيدة الإسلامية. وعلى ضوء هذه الحقيقة نجد ان سياسة المؤتمر الشعبي العام الداخلية حرصت كل الحرص على الحق الكامل للإنسان اليمني في حماية معتقده باعتباره يمثل ضمير شعبنا الذي يستحيل بدونه الاندفاع إلى الأمام، كما تؤكده هذه الحقيقة، ولهذا نجد ان الميثاق الوطني قد حفل بباب مستقل يُعنى بالإسلام شريعة وحياة تطرق إلى كافة الموضوعات المرتبطة بهذا الجانب وبصورة تبعث على إحياء كافة القيم والمثُل الإسلامية. الحقيقة الثالثة أما الحقيقة الثالثة: فإننا نستنبط منها مايمثل سياجاً منيعاً بين شعبنا وكافة الموروثات التي تسيئ لسجله الحضاري والإنساني، حيث جاءت هذه الحقيقة لتشير إلى أفظع ما يعمل على إهلاك وتدمير الشعوب والمتمثل في التعصب الأعمى.. ووفقاً لمنطق التاريخ ومعطياته أكدت الحقيقة الثالثة- ان التعصب الأعمى لايثمر إلاَّ الشر متنبئة بالمصير المحتوم لكل فئة متعصبة.. واشارت إلى ان أسيري التعصب الأعمى مصيرهم الفشل الذريع، وأن الشعوب لايمكن لها ان تخضع لهؤلاء المتعصبين باعتبار أنهم سرعان ما سينتهون بكارثة بعد ان كانوا كارثة على الشعب نفسه. الرابعة والخامسة كما أن ما عزز من انجازات السياسة الداخلية للمؤتمر هو تمسُّك هذه السياسة بما جاء من مضامين في إطار الحقيقة الرابعة التي أكدت »ان مجتمعنا اليمني بدون الديمقراطية والعدالة الاجتماعية غير قادر على تحقيق وحدته وغير قادر على استغلال ثرواته المادية والبشرية وإحداث التطور والتقدم والحفاظ على السيادة الوطنية«.. هذا بالإضافة إلى تمسُّك السياسة الداخلية للمؤتمر بما جاء أيضاً من مضامين حملتها الحقيقة الخامسة والأخيرة والتي تشير بقوة إلى رفض كل أشكال الاستغلال والظلم مهما كانت أصولها ومصادرها. وخلاصة وبالعودة إلى مضامين الحقائق الخمس فإن كل ذي عقل سليم وكل غيور على وطنه وحاضر ومستقبل أبنائه لن نجده إلاَّ في حالة تفاعل مع هذه الحقائق وبكل ما تحمله من ضمانات حقيقية تكفل إيجاد علاقات مجتمعية متكافئة في بوتقة واحدة أساسها الأمن والسلام والاستقرار والوحدة والتنمية والبناء والمشاركة الشعبية.