موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


189 صحفياً فلسطينياً استشهدوا في غزة - أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة في شمال غزة - زوارق حربية إماراتية في ساحل حضرموت - ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 44176 - 17 شهيداً في قصف إسرائيلي على غزة - مجلس النواب يدين الفيتو الأمريكي - المستشار الغفاري يبارك نجاح بطولة العالم للفنون القتالية بمشاركة اليمن - الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة -
مقالات
الميثاق نت -

الثلاثاء, 19-يناير-2016
د.أحمد عبدالله الصوفي -


منذ ابرام اتفاقية «دعان» 1911م التي منحت يحيى حميد الدين سلطة الدولة التركية في مناطق شمال الشمال انتظر الإمام 8 سنوات ليدشن بدءاً من عام 1919م حتى 1932م حروباً داخلية مكنته بوسائل عسكرية من الاستيلاء على اليمن الأسفل وقد أعد أربعة جيوش أسماها «الدفاعية والمظفرية والأزكية والبرانية» ظلت مرتهنة للأهداف السياسية للقائد وظلت محكومة بعقيدة داخلية حققت هدف السيطرة التي مانعت اتفاقية دعان من تحقيقها خاصة على إب وتعز والحديدة، لكن في نوفمبر عام 1933م شن الجيش المتوكلي الهاشمي حربين خارجيتين في ذات الوقت فتح جبهة ضد البريطانيين في المحميات التي كان قد استولى عليها في الاعوام 1926م و1928م ثم فتح جبهة في الشمال في مواجهة المملكة العربية السعودية وكان هدف الحرب هو استعادة ما تبقى من قائم مقام ولاية اليمن التي كانت تشمل نجران وجيزان وعسير التي وضعها الاتراك جزءاً من ولاية اليمن، كما كان يعتقد أن المحميات باستثناء عدن هي الأخرى جزء من اليمن الكبرى.. ما يهمنا أنه في الحربين مني بهزائم عسكرية وسياسية أجبرته على ابرام اتفاقيتين الأولى مع البريطانيين والثانية مع عبدالعزيز بن سعود في مخرج هزلي يقبل المنتصر تحكيم المهزوم وينتهي بالحكم لنفسه.

ومنذ ذلك الحين لم يخض الجيش اليمني سوى صدام واحد في الجنوب مع المملكة حول الوديعة والشرورة هي الأخرى حسمت الآلة العسكرية اشكالاً حدودياً بين اليمن والمملكة العربية السعودية كما لو أن جيش يحيى حميد الدين قد أعد لإنجاز انتصارات داخلية سكت العالم عنها لكن لتعارضها مع اتفاق دعان ولأنها خلفت في إب والعدين والمقاطرة وتعز جروحاً لم تندمل فقد صاغتها حمية طرد الاتراك الى خلق آلة عمياء تدار بعقلية تفتقر الى أهداف وطنية جامعة كالدولة والتنمية والشراكة والتحديث ولم يجد معظم سكان اليمن في حروب يحيى حميد الدين المطالب بإرث أجداده في أماكن متفرقة من الجزيرة ما يمكن أن نسميه حروباً تمكنت من توحيد وجدان اليمنيين واحتشادهم تحت هدف استعادة أرض سليمة، فالحروب الداخلية كانت قد أفرغت جذوة الفتوة والمشروعية للدولة المتوكلية الفتية التي لم تكن تتمتع بشكل بسيط من أساليب التعبير عن التكوين الوطني المتنوع.. لقد كان اليمن من اقصاه الى أقصاه كياناً في خدمة أسرة وطاقاته الانتاجية مكرسة لتلبية تطلعات لا تعود بالفائدة على الشعب - أي أن المتوكلية نشأت على عقيدة حربية أحياناً لا يكون لها غايات سياسية واضحة باستثناء غاية الهيمنة بمشروعية القوة العسكرية التي فرضت منذ خروج تركيا الى اليمن مزاجاً مشبعاً بالعنف والتمايز وحتى التغييرات التي حدثت بعد عام 1962م ظلت تجتر الآثار السياسية لتلك النزاعات وخلقت أرضية لحروب نشهد آخرها الحرب السعودية التي حشدت أكثر من أولئك الحلفاء الذين صمدوا معها في الصراع الجمهوري الملكي ليؤكد نظرية الفارابي أن الجزيرة العربية باتت تندفع بقوة الى الحرب وأن السلام لم يعد غاية رئيسية تسعى اليها الأطراف المتنازعة.. صحيح أن السعودية تشن حرباً مرتجلة وصحيح أن خارطة الطريق لمآلات هذه الحرب ترتبط بصور عضوية للحاجات الداخلية في الممكلة كدولة تتأهب لتكسب حرباً لا تطرح هدفاً واضحاً وغاية معلومة يمكن تحقيقها أو التعبير عنها إلاّ أن العلاقة بين حروب يحيى حميد الدين والحرب السعودية تبدو على قدر كبير من التماثل والتطابق وامكانية أن تخسر السعودية الحرب اذا ما اسقطنا اسباب خسران يحيى حميد الدين لحربه معها.

حقيقة أن الحروب واحدة من الظواهر الثابتة في تاريخ البشرية إلاّ أنها إحدى الحقائق الأبرز ومن الظواهر الأشد وضوحاً في التاريخ السياسي اليمني الذي يتكشف عن حروب يومية وصراعات لا تهمد حتى تعاود الاندلاع وهذا طبيعي في حالة شعب ودولة ظلتا تعاني من شوائب التشكل لقرون طويلة وتتجاذب شخصيتها طموحات ومجاميع وتكوينات اجتماعية تقف على النقيض من تكويناتها في الحياة وفي الواقع وعلى ندرة الحروب الخارجية فإن اقدام المملكة السعودية على شن عملية عسكرية بحجم «عاصفة الحزم» وهي الدولة التي يمكننا القول إنها تمتلك من الأدوات في دوائر صنع القرار ما يغنيها عن اللجوء الى القوة حتى ولو كان البروز الفاقع لوزن انصار الله والطريقة التي استولوا فيها على السلطة والنهاية التراجيدية التي انتهى اليها تحالف هادي-أنصار الله والاخوان المسلمين- كلها لا تبرر شن السعودية عدواناً واسعاً لا يميز بين أخضر ويابس ومدني وعسكري ولا يفرق بين الأثر التاريخي والمصنع الانتاجي في واحدة من أعلى معدلات استخدامه القصف الجوي ربما على مستوى الحروب في العصر الحديث وهو الأمر الذي يطرح دوائر من التساؤلات حول الغاية الحقيقية حول هذا العدوان واذا ما تماشينا من المنطوق في البيانات الصادرة عن مؤسساتها السياسية والاعلامية فإننا نقف على حقائق غريبة هي ذات الزلات التي وقع فيها الإمام يحيى حميد الدين في حربه عام 33-1934م والتي لم تستمر أكثر من أربعة أشهر ثم اعقبها ثلاثة أشهر من المفاوضات، وما يهمنا هنا أوجه التشابه بين الحالة السعودية الراهنة والحالة التاريخية المراد استنطاقها ومن أهم هذه العوامل الموجهة للحرب هي:

1- تتشابه السعودية وتتماثل في اخفائها الهدف الحقيقي من شن عدوان مباغت على حالة سياسية يكون ممثل الكيان لاجئاً لديها أي أن حالة عبدربه وحالة حسين الإدريسي في تماثلهما كانا الغطاء لرغبة الحرب التي تفتش على ذرائع.

2- تحول المملكة مثل الإمام يحيى من وسيط بذل جهداً للعودة الى المسار السياسي الذي يقضي باسترجاع هادي لمشروعيته كحسين الادريسي ليتحول المجير والوسيط الى صاحب دعوة وصاحب غايات تتلاعب بهذا الانتقال من الدور الايجابي الى كشف اجندة مستقلة تشجع انقسام الجغرافيا وتتحسس تحت اقدامها مكاناً يجعل من امكانية الاتكاء على حالة الاطمئنان لغايات ومقاصد المملكة السعودية طوال فترة الأزمة اليمنية وهي الاحتفاظ بالقرار السياسي وربما بجزء من الجغرافيا اليمنية حتى لا تبقى اليمن بمواردها ومكونها البشري امتداداً لنفوذ ايران، فيما كان يحيى حميد الدين يتوسط لإعادة أحد المتمردين على غاياته في الاستيلاء على جغرافيا اليمن باقتطاعه لنفسه جزءاً من الأرض وخلق كيان فيما أولاد عمومته احتفظوا بجزء من الأرض وتوجهوا الى بريطانيا لتوطيد تحالف يؤمنهم من رغبة الابتلاع التي أبداها يحيى حميد الدين بدءاً من عام 1919م.

ومن الأمور الغريبة أن المناخ الدولي والاقليمي في تلك الفترة شبيهاً بالحالة الراهنة فقد تجاهل العالم هذه الحرب ربما لسرعتها وتعجل يحيى حميد الدين الى إعلان قرار قبول وقف اطلاق النار والتوجيه بالدخول في مفاوضات ويعيد الباحثون سبب ذلك الى العمليات العسكرية على قصرها والتي استطاعت استنزاف قدرات الدولة وخزينتها الأمر الذي جعل لاختراق نجله أحمد لنجران يبدو انتصاراً باهتاً غير قابل للصمود فانصاع لقرار الانسحاب بسبب أن البيئة الداخلية الحاضنة لأهداف قائد هذه الحرب ظلت معدومة.

3- إن انعدام البيئة الحاضنة للميليشيات البرانية المكونة من القبائل وكذا الجيش الدفاعي الذي هو الآخر لا يتصف بقدر من الانضباط فيما كانت رغبات النهب والفيد المتعلقة تولد مشاعر كراهية لجيش الإمام الذي لم يستطع الاحتماء بمساندة السكان حتى في نجران وهو ذات الأمر بالنسبة لدخول القوات السعودية الى الأراضي اليمنية والتي بدأت تولد حالة من الاستنكار والنزوع الى المقاومة بالرغم من سعي المملكة السعودية الى اخفاء الصورة الكلية لحضور جيشها في عدن بتطعيمه بجنود اماراتيين أو سعوديين أو مرتزقة من افريقيا وامريكا اللاتينية يجعل من امكانية بقاءها في الأرض أمراً لا يتوافر على الحد الأدنى من القبول.

4- المملكة السعودية كالإمام يحيى لا تقاتل من أجل مشروع يجمع اليمنيين ويوحدهم ويوطد اركان دولتهم فهي بالاضافة الى الأركان السياسية الدفينة زجت وبسمعتها وثقلها العسكري تحت عنوان الحد من النفوذ الايراني وكأنها تحارب لنفسها ولنفوذها كما هو حال العقيدة العسكرية عند يحيى حميد الدين الذي سعى للاستيلاء على الجغرافيا لتوسيع نفوذ مذهبه أو اخضاع اصحاب المذاهب الأخرى ليخدموا غايات مذهبه الديني ومطامع وطموحات أسرته التي زعمت أن حروبها ليس من أجل مشروع وطني لليمنيين بل استرداد وتوسيع دولة آبائه وأجداده، فالمملكة المتوكلية كانت هي كحال المملكة السعودية اليوم مشروع أسرة تريد أن تسمى شعباً باسمها وتستخدم من هذا الشعب فصيلة القبلي المحارب لتحقيق الأجندة السياسية كما تستخدم ممثلي المناطق غير المحاربة وغير المنظمة والتي تعاني من انقسامات ويعتريها شعور بالضياع والمصير المجهول كالحالات الجنوبية والشرقية لتمرير فكرة الاستيلاء بالوكالة تحت سطوة وشرعية العقيدة، فهي تريد استعادة الأرض اليمنية في غطاء من الصخب حول الدور الايراني وكأن الجنوب يشهد من قريب أو بعيد بفوضاه وحراكه بهشاشة قادته ما كان عليه حال الأدارسة في ذلك الحين، فالحسابات السعودية اليوم تعتمد على نزعات الضيق من ممارسات وأسلوب ادارة صنعاء للدولة ولحسابات السعودية كما كانت حسابات يحيى حميد الدين استخدام الأدوات الداخلية لفرض عقيدة مذهبية لا تراعي ولا تحترم التمايز الثقافي كما كان حال حميد الدين.

5- اذا كانت حروب يحيى حميد الدين من أجل بناء دولته وكانت تلك آخر حروب الهاشميين فإن الجامع بينهما وبين المملكة هو الافراط في استخدام القوة والاعتماد عليها في التوسع فمن أجل التذكير بالتاريخ نشأ الصراع بين الادارسة.. بين الأمير علي وعمه السيد حسن الادريسي الذي لجأ الى السعودية ولم تتوان المملكة في عقد ما يشبه مؤتمر الموفمبيك لكنه لم يؤد الى نتيجة خاصة مؤتمر نيدي مارس 1933م وكان الإمام يحيى بذلك يخفي كالسعودية بالضبط أطماعاً سعودية لكنه هذه المرة كان يتوسط لدى السعودية التي تريد هذه المرة التهام جزء من اليمن الكبرى من أجل اعادة أمير وضعه شاذ وبالعند من قضيته من حيث اقتطاعه جزء من اليمن وهو القادم من ليبيا فقرر كما يقول سلطان ناجي الإمام يحيى كالسعودية الاضطلاع بعمل عسكري حشد الكثير من القبائل اليمنية كما حشدت المملكة اليوم 17 دولة ليتجهوا نحو الجنوب ومن المفارقة العجيبة أن كلاً من الممكلة والإمام يحيى يعتمدان على الانقسام الداخلي ويعملان على التوسع ومد النفوذ فيما لا يملكان اجابة على سؤال صريح وشفاف من أجل ماذا تحارب اليوم المملكة ومن أجل ماذا كان يحارب الإمام يحيى.. بالأمس من أجل شرعية السيد حسن وشرعية عبدربه منصور هادي وكما حدث أن راقب الإمام يحيى الانقسام داخل الأسرة الادريسية 1923م بعد سبع سنوات من الصراع مع محمد الادريسي وجد نفسه يضم بين جناحيه الفرقاء الادارسة الأمير علي الادريسي وعمه السيد حسن كلاهما يطلب مساعدة يحيى حميد الدين صاحب الأرض ليعينهما على الاستقلال كما فعل الدنبوع وزمرته وكان خطئاً مميتاً أن يقبل يحيى لعب هذا الدور الذي يمثل واحدة من أغبى صفحات التاريخ حيث نتائج الصراع قد حُسمت منذ الوهلة الأولى فالجمهورية اليمنية اليوم قد تشكلت وتحددت قسماتها فليس هناك من ينازع شرعيتها سوى انقسام اليمنيين الى مقاتلين تحت رايات السنة والشيعة أو من أجل حماية نفوذ فئة مصالحها وطموحاتها لم ترقَ الى مستوى تجسيد حقيقة الضمير الجمهوري وهو الذي سيضعف ويطيل الصراع مع المملكة لكن تكرار اخطاء الماضي اليوم يُعد خيانة متعمدة وتواطئاً مع سيناريوهات تغلب مصالح جهوية أو عقائدية على المصلحة الوطنية وهي في التاريخ السياسي اليمني دوافع لتمرير الانقسام وكذا السماح بتزاحم الاطماع الخارجية والتنافس الاقليمي على الأرض والثروات الوطنية..

إن الفراغ السياسي اليوم، وغياب خارطة الطريق، وبقاء انقلاب الحوثي مسيطراً على الاجواء، ومتحكماً في الخيارات، هو من أخطر عوامل اضعاف الصف الوطني وهو مبرر لمزاعم نشوب حرب أهلية تشبه تلك التي نشبت بين الادارسة وأدت الى التهام عسير وجيزان، كما أن ضُعف المؤسسة السياسية قد يودي بمناطق الى طلب الحماية من نزعات الاحتكام الى القوة..

إن تجاهل المشروع الوطني اليوم الذي اختمر منذ 22 من مايو 1990م يمثل طعنة في خاصرة الصمود في وجه الاطماع السعودية في اليمن ويفسح المجال أمام أدواته الداخلية للعب بمصير اليمن.. من المهم أن نتحاشى اليوم تكرار اخطاء الأمس أن إردنا تحقيق انتصار ورفض أية هزيمة أخرى أمام السعودية.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)