محمد الجرادي -
بلا شك، في اعماق كل واحد منا يغلي هذا التساؤل: هل كنا نستحق الخوض في هذه الزوبعة بشأن »القمح« وأزمته العالمية، إذا ما تأكد لنا فعلياً الاستغلال الأمثل لمئات الآلاف من الهكتارات.. التي يأكلها التصحر، ويطالها النفوذ الشخصي للانتفاع الخاص؟!
ثم هل كنا في حاجة لإخضاع »القمح«- رغم معرفتنا أزمته على المستوى العالمي- لتقليعات »المكيدة« والكيد السياسي والحزبي، تحت يافطات »الانتماء« إلى »جوع الغلابة« وبؤس البسطاء؟!
^ هذا مؤلمٌ حقاً.. والأكثر إيلاماً ألاّ تبدو هذه الأزمة كقضية يستوجب من الحكومة والمعارضة الوقوف أمامها بمسؤولية تفترض مناقشة حاجة المستقبل وترسيم الممكنات الواقعية والتفكير في الاشتغال العملي على المتاح والمتوافر من الإمكانات في مجال استصلاح وزراعة المساحات الهائلة من أراضينا الزراعية المنذورة بشكل يدمي القلب للتصحر والعبث.
^ وإذ يفترض بالمعارضة التخلي في مثل هذه القضايا ذات »المصير المستقبلي المشترك« لكل أبناء الوطن- عن عقلية »النكف« الحزبي و»المناكفة« السياسية.. وإعمال- بدلاً عن ذلك- مسؤوليتها في تقديم ما يمكن اعتبارها حلولاً أو معالجات واقعية ومجدية.. وسوف نلتمس العذر لها بل سوف نخوض معها »نضالها السلمي« وقدر قُدَّر لها أن تكون عند هذا المستوى.. أما وأن يتوقف التفكير »المعارض« عند حدود »النكف« فإن من حق السلطة أو الحكومة ألاّ ترى في ما يطرحه هذا التفكير ما يجعله جديراً ليس »بالمجاراة« فحسب، وإنما »الاحترام«!!
^ ومع هذا الحق.. لايمكن اعفاء الحكومة من مسؤوليتها بالدرجة الأساسية أمام هذه المشكلة بفرط حساسيتها وخطورتها البالغة على مستوى الحاجة الأساس في معيشة الناس »الخبز«!!
وفي تقديري تضع هذه المشكلة الحكومة في محك اختبار قد يكون من الصعوبة بمكان تجاوز تأثيراتها على المستويين الآني والقريب جداً.. لكن من السهولة تجاوز هذه المحنة »المأزق« على المستوى القادم البعيد القريب، والأبعد..كيف؟!
لابد من الإشارة إلى توجيهات فخامة رئىس الجمهورية مؤخراً بدعم استصلاح وزراعة الأراضي الشاسعة خصوصاً الأراضي الصالحة لزراعة القمح وهي مساحات ليست هينة كما نعلم.. وفي باطنها ما يجود وما يزيد على »ستر الحال« إذا ما وجدت الأكف المخلصة والانفاس الخيّرة..
هذه التوجيهات لا نأمل تعاطي الحكومة معها باجتزاء، فلتكن هي العنوان العريض والبارز لتوجه حكومي يتسم بالشمول والاحاطة بالهم »الزراعي« وحاجات ومتطلبات النهوض به.
بمعنى آخر يمكن أن تكون »أزمة القمح« محفزاً ودافعاً للحكومة أولاً والمجتمع بكل فئاته ومؤسساته وشرائحه ثانياً..
لإطالة النظر في إمكانية تجاوز هذه الأزمة وفق خيارات عملية يفرض المستقبل التوافق والاتفاق عليها والبدء بتنفيذها مرحلياً.. في إطار خطة زمنية محددة.. وواثقة من إمكانياتها وظروف أدائها..
^ نحن نعلم أنها ليست المرة الأولى التي نجد أنفسنا حكومة أو معارضة أو عاديين مرغمين على »التبرير« أو »التغرير« أو »الإذعان« في أمر حبة القمح إذا ما استيقظ عليها قحط »كينيا، واستراليا، وأمريكا« إنما هل تكون هذه المرة هي الدرس الأوفى لحكومة لابد أن تتعظ وتعتبر ولمعارضة مطلوب منها الخروج من »حفرة الأزمات« والمجتمع يجب أن يستعيد جاهزيته في إعادة الاعتبار للأرض مصدر قوُته وقوَّته وحضارته الصاعدة.
algradi79@yahoo.com