حوار/ عبدالكريم المدي: - أكد عدد من قيادات المنظمات المدنية والناشطين على الدور المحوري لمنظمات المجتمع المدني بمختلف توجهاتها وأنشطتها في دعم قضية التكافل الاجتماعي والتخفيف من نتائج العدوان السعودي والاحتراب الداخلي على حياة الناس ، سيما في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بها بلادنا .
مشيرين في تصريحات لـ«الميثاق» إلى أن المسؤولية التي يجب أن تضطلع بها المنظمات المدنية في تجسيد التكافل الاجتماعي والتخفيف من معاناة النازحين المعيشية كبيرة جداً، ولا تتوقف على منظمة دون أخرى ، كما أنها تكتسب اهميتها من حساسية وصعوبة المرحلة التي يمر بها الوطن في ظل العدوان السعودي، كما أن الواجب الإنساني والديني والوطني والأخلاقي، يحتم على كل المعنيين والفاعلين في المجتمع القيام بذلك.
وعاتبوا في الوقت نفسه عدم قيام آلاف المنظمات في بلادنا بدورها في هذا السياق ، حيث لم تقم منذ عام تقريباً أي حملة وطنية حقيقية وملموسة من قِبل المنظمات للتوعية بهذا الأمر وتبنّي مشاريع ورؤى تحث الجميع على تقديم الدعم.. فإلى الحصيلة: قال الناشط والقيادي في التحالف المدني للسلام والدفاع عن الحقوق والحريات الأستاذ محمد عبده الشجاع: في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها الشعب اليمني ما يقارب العام من العدوان والحصار السعودي الإجرامي من الضروري تفاعل منظمات المجتمع المدني، من خلال العمل التطوعي، ومتابعة حالات النازحين والفقراء، وطرق أبواب القطاع الخاص.. مواصلاً: أنا على يقين أن الغالبية منهم يؤمن بأهمية التكافل الاجتماعي في هذه اللحظة الفارقة.. ولأن هناك حالات نازحين يصعب وصفها، سواء من صعدة، أو من تعز وغيرهما من المدن اليمنية، فإن من العيب على المنظمات اغفال هذه الحالات وعدم الوقوف الى جانبهم، وإذا لم تثبت منظمات المجتمع المدني في هذه الفترة وجودها والهدف الذي أنشئت من أجله، فلا داعي لأن نراها بعد فوات الأوان.. وأضاف: ما يؤسف حقاً هو غياب آلاف الناشطين والمنظمات التي كانت على علاقة بحكومات خارجية وسفارات دول لها باع في حقوق الانسان، وقد خدعنا بكثير منها.. فاتضح أنها كانت بوابات لعلاقات شخصية، واسترزاق مقابل الترويج لمواضيع لم ولن تكون أكثر أهمية من مواضيع واحداث اليوم، وقد سقط العديد من قيادات هذه المنظمات منذ اللحظة الأولى للحرب.. أيضاً لا أنسى هنا التذكير بتحركات وزير حقوق الانسان في حكومة بحاح عز الدين الاصبحي، والذي اثبت عن جدارة أنه لا علاقة له باليمنيين، ولا يستحق أن يؤتمن على مواطن واحد، وهو الذي ظل يسترزق ويتاجر بدماء اليمنيين وصور الضحايا منذ العام 2011م أمام منظمات المجتمع المدني الدولية..
اليوم نحن أمام آلة حرب خطيرة، وعقلية عدوانية مليئة بالحقد، لم تستثنِ شيئاً، فقد أجهزت على الإنسان، والحيوان، والنبات، والمصانع، وكل ما يتعلق بالبنى التحتية، لقد تجاوزت كل قوانين الأمم المتحدة، وقيم الانسانية.. لذا لا بد من أرشفة كل شاردة وواردة.. لا بد من النضال المستمر، واثبات ذلك اليوم وغداً وبعد غد، حتى تكشف الحقائق..
أخيراً أدعو منظمات المجتمع المدني الى ضرورة التواصل الجاد مع رجال الأعمال في الخارج، والمغتربين اليمنيين وخاصة في أمريكا، وبريطانيا، ودعوتهم للتفاعل، وشرح لهم ما يحدث لهذا الشعب العظيم، خاصة وأن هناك آلة اعلامية هدامة، رسمت صورة غير حقيقية لكثير من أبناء اليمن في الخارج، ولا تزال تروج لذلك، إذْ لا بد من ايصال الصورة كما يجب في اللحظة الراهنة.
المسؤولية جماعية
قال النقابي والناشط بلال الشراعي- الأمين العام المساعد لمنظمة فكر: أعتقد أن المسؤولية دينية وإنسانية ووطنية وأخلاقية تجاه الحالات الإنسانية التي خلفها العدوان السعودي والحرب الداخلية على المجتمع اليمني، وهناك محافظات بأسرها بحاجة لمد يد العون للأسر النازحة منها وإليها ، وعلى سبيل المثال النازحون من تعز ومن صعدة ومن حجة وغيرها.. وكذلك حالات النزوح التي حصلت من أمانة العاصمة إلى عدد كبير من المحافظات خلال الأشهر الماضية وحالات النزوح من وإلى تعز فكل هذه الحالات بحاجة إلى أن يضطلع الجميع بأدوارهم إزاءها، بدلاً من الشعارات ومحاولات التكسب من البعض على حساب النازحين والحالات الإنسانية.
وتحدث الشراعي حول تبني حملة وطنية شاملة في هذا الاتجاه قائلاً: لابد من تبني المنظمات كل المنظمات الفاعلة -والتي تحترم نفسها ومهمتها والرسالة التي يجب عليها تأديتها- حملة وطنية شاملة على مستوى العاصمة صنعاء وبقية المحافظات تدعم من خلالها ملايين اليمنيين الذين هم بأمس الحاجة للدعم ، والذين ينتظرون مد يد العون والتخفيف من معاناتهم وآلامهم وما يكابدونه من ظروف معيشية إنسانية وصحية صعبة جداً، وحتى على مستوى توفير السكن.
إن تبني خطوة كهذه في الحقيقة أمر ضروري وواجب وسيعمل على حل الكثير من المصاعب، كما من شأنه أن يحفز أهل الخير والجانب التجاري وأصحاب رؤوس الأموال على تقديم الدعم والتعاون كل بحسب قدرته ، اضف إلى ذلك أنه سيحفز المنظمات الخارجية للتفاعل مع هذا الأمر وسيوصل رسالة للعالم بحالة الأسرة اليمنية النازحة جراء الحرب ، لكن لابد من أن يكون هناك خطة حقيقية وفاعلة إعلامية واجتماعية وتوعوية شاملة على مستوى وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والمنابر الدينية في المساجد وفي المدارس والجامعات وغيرها.
وهذه مسؤولية جماعية تهم الجميع وينبغي أن يشارك فيها الجميع من منظمات مدنية وإعلاميين وصحفيين وكُتَّاب وناشطين.. وختاماً أتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة «الميثاق» التي بالفعل طرحت هذه القضية ودائماً ما تتبنى طرح قضايا مهمة من هذا النوع.
الوضع الإنساني والعدوان
وتحدث الأديب والنقابي حاتم علي- عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين: الأوضاع في بلادنا صعبة جداً وهي بحاجة لصحوة مجتمعية شاملة من كل شرائح المجتمع المختلفة ورؤوس الأموال، وفي تقديري أن عدم التعاطي مع هذه القضية الوطنية والإنسانية بدرجة امتياز، أو حتى التعاطي معها برخاوة ودون المستوى المطلوب أمر يبعث على الحزن، ويسيئ لنا كيمنيين، نُعتبر أصلاء وكرماء ومن أكثر شعوب العالم تسامحاً وتعاوناً وتعاضداً ونجدةً للملهوف.
وقال: لقد عمد العدوان السعودي الى تنحية كل الجوانب الأخلاقية وشرع لعدوانه من أجل استئصال شعب شب عن طوق عبوديته ووصايته وهو ما لا يتفق مع المشروع الوهابي والمشروع الاخواني البائس.. من هنا يبرز دور المنظمات الانسانية في ظل هذا العبط فجميع من يعمل بهذا المجال لابد ان يكون متصلاً بتلك الدول وعليه ان وجدت مساعدات فإن الشعب المظلوم لا يعنيها بل انصارها من دعاة الحروب هم من تقدم لهم تلك المعونات، لكن الامر المطلوب القيام به هو التعاون في الداخل فيما بيننا بجد وحرص ومصداقية وإيمان حقيقي بعدالة قضيتنا وبنضالنا وبحاجتنا لبعضنا كي نعبر لبر الأمان .
ومن هذه المنطلقات لابد علينا التأكيد هنا على حقيقة مفادها أن الشعب اليمني العظيم لايريد الا مساعدات اخلاقية ممن مايزالون يحملون ضميراً حياً يعمل على وقف قتلنا وتدمير مستقبلنا ونحن كشعب يمني عريق قادرون على تجاوز هذا القبح الذي وجدنا انفسنا فيه، وعاشت اليمن حرة ، ونتمنى أن نسمع في القريب العاجل أخباراً وانشطة عن المنظمات المدنية تؤكد أن الخير في هذا البلد موجود وأن اليمنيين قادرون على تجاوز أي عقبات وتحديات.
تكافل غير منظم
النقابي والشاعر يحيى اليازلي - عضو إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يقول: لا يتبادر في ذهني الآن اسماء منظمات مدنية الا الجمعيات الخيرية الخاصة بحزب الاصلاح وكذلك مؤسسة الصالح .. الأولى توقف دورها الانساني وان كان نسبياً بمجرد سقوطها من السلطة ومؤازرتها للعدوان ..
والثانية لا أدري ان كان هناك ما تقدمه للنازحين هذه الايام أم لا ..
هذا ما يتعلق بالجمعيات .. ولكني رأيت أن هناك تكافلاً اجتماعياً غير منظم يقوم به بعض الميسورين ويقدمون للناس بدرجة عالية الخدمات في الأحياء السكنية كل في حيه .. مثلاً الماء وجدت في الأحياء خزانات المياه أو ما يسمى السبيل للفقراء علي حساب بعض الأغنياء .. وكذلك بعضهم شبك الكهرباء لجيرانه من الماطور الخاص به..
ولم أجد عملاً تكافلياً منظماً او على شكل مؤسسي خلال فترة الاشهر العشرة السابقة منذ بداية العدوان..
ويفترض ان تُفعَّل المؤسسات الاجتماعية في هذه الظروف الصعبة ولو استدعى الأمر أن تنشأ منظمات وجمعيات محلية جديدة مدركة لقيمة التكافل الاجتماعي في ظروف كهذه ، وتعمل بجد للحد من معاناة الناس وخاصة النازحين والفقراء والمعدمين والذين خسروا أعمالهم ومصادر أرزاقهم بسبب هذه الحرب العدوانية السعودية وما تضربه من حصار جائر على الشعب اليمني.
يبقى الأمل
وتحدث الدكتور إبراهيم طلحة قائلاً: للمنظمات المدنية أدوارها بالفعل في مثل هذه الظروف.. وإذا لم تستطع تقديم ما يخفف معاناة الناس في مثل هذه الأوقات فلن تستطيع تقديم شيء في أوقات الرخاء.. كثير من منظماتنا المدنية تستغل حالات الناس لأجل تمرير مشاريعها الريعية دون تقديم ما يستحق الذِّكْر أو يستحق الشُّكر، وكثير من هذه المنظمات تشتغل في السّلم أو الحرب شغل ارتزاق من آلام الناس ومعاناتهم وقضاياهم وتتاجر بإنسانيتهم دونما مراعاة لغير مصالحها المادية.. وعلى العموم يبقى الأمل موجودًا في بعض تلك المنظمات أن تنتشل الناس من حالات الاستجداء والإذلال إلى ما يوازي مطالب حياتهم اليومية ومعيشتهم الكريمة أو إلى مستوى الكفاف كحدٍّ أدنى.
|