حاوره /عبدالكريم المدي: - قال المحامي محمد المسوري- أمين عام مؤسسة البيت القانوني: إن قرار البرلمان الأوروبي بشأن اليمن وجه صفعة قوية لتحالف العدوان بقيادة السعودية وفتح بوابة كبيرة للجانب الحقوقي ولليمنيين في طريق مقاضاة ومحاسبة المعتدين دولياً على جرائمهم بحق الشعب اليمني.. وأكد المسوري أن النظام السعودي يعمل الآن من أجل تعطيل أي خطوات إيجابية لإدانتهم دولياً وذلك مع قرب عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دورته الـ(31) أواخر الشهر الحالي..
وأوضح أن الجانب اليمني سيسعى لتحقيق توصيات المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيقات دولية والإسراع في كافة الأعمال الإنسانية على الأرض، إضافةً إلى وقف العدوان ورفع الحصار والتعويضات ومحاكمة مجرمي الحرب الظالمة بقيادة السعودية.. إلى التفاصيل:
حوار/عبدالكريم المدي
< برأيك كيف تقرأ المتغيرات الخارجية على ضوء قرار برلمان الاتحاد الاوروبي؟ وما الذي يمكن عمله لتشكيل لجنة تحقيق دولية حول جرائم السعودية في اليمن؟
- أعتقد أن قرار برلمان الاتحاد الأوروبي وجه صفعة قوية لتحالف العدوان الذي تقوده السعودية ضد اليمن، وفتح بوابة كبيرة جداً للجانب الحقوقي وشجع أيضاً المهتمين وأصحاب الشأن الذين هم نحن في اليمن، على التحرك في طريق مقاضاة ومحاسبة المعتدين على جرائمهم بحق الشعب اليمني أمام القضاء الدولي، لهذا أرى أن هذه الفرصة والتطور المتميز للموقف الأوروبي يريد تحركاً جاداً ومسؤولاً، مع عدم التواكل والركون على خدمة الآخرين لنا، أو عدم إعطاء مثل هذه الأشياء الاهتمام الكافي، وبالتالي أرى أن علينا تكثيف نشاطنا واستغلال الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان والعمل فيها بوتيرة عالية جداً مع جميع المعنيين سواء في المجلس نفسه، أو مع الأطراف الأخرى من حقوقيين وناشطين على مستوى أوروبا والعالم، سيما مع مندوبي الدول التي تحترم حقوق الإنسان ولديها أرصدة وتاريخ إيجابي في هذا الجانب كهولندا مثلاً والنرويج والسويد وغيرها.
< باعتباركم حقوقيين، ما وجهة نظركم للعمل في الجانب الدبلوماسي لما من شأنه خدمة هذه المهمة والقضية الانسانية؟
- لا شك أن الجانب الدبلوماسي مهم جداً في هذا الأمر ويكتسب أهميته أكثر مع سفراء الدول والدبلوماسيين، وفي هذه الجزئية المهمة تحديداً أرى أن علينا أن نعمل برؤية ونشاط وهمة عالية مع سفراء الدول التي تتعاطف وتقف معنا ضد العدوان والتحرك في هذا السياق بطريقة مدروسة، ولا ننسى فتح قنوات مع سفراء ودبلوماسيي الدول التي لديها رصيد في جانب حماية واحترام حقوق الإنسان كالدول الأسكندنافية وكذا أميركا الجنوبية وبعض الدول الأفريقية وغيرها..
اضف إلى ذلك مع المنظمات الإنسانية والحقوقية الإقليمية والدولية والتنسيق والتعاون معها وعدم التباطؤ في ذلك.. خاصة وأن نظام آل سعود والمنظمات والمرتزقة الداعمين للعدوان يعملون بوتيرة عالية جداً..
< ماذا عن اجتماع مجلس حقوق الإنسان القادم في جنيف.. وهل هناك تنسيق مع اتحادات عربية وغير عربية لإعادة المشروع الهولندي الخاص بتشكيل لجنة دولية من مجلس حقوق الانسان للتحقيق في الجرائم السعودية في اليمن؟
- نحن مقدمون هذا الشهر على أهم محفل دولي من خلاله سيتقرر ما إذا سيتم تشكيل لجنة تحقيقات دولية من عدمه.
خمسه وعشرون يوماً كاملاً، من الفترة 29 فبراير وحتى 24 مارس 2016م سيعقد مجلس حقوق الإنسان العالمي التابع للأمم المتحدة دورته الـ(31) في جنيف.. وكما هو معلوم فقد تعثر، أو قل عُطِّل في الدورة السابقة عن إصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيقات دولية، وحينها استطاع النفوذ السعودي تمرير مسمى لجنة التحقيقات الوطنية التي شكلها هادي في عاصمة العدوان، وهذه اللجنة طبعاً وجودها كعدمها.
وقد اثبتت الأيام صحة ما نقوله وفشل ذلك القرار والضغط السعودي فشلاً ذريعاً، وستنهي مدة الأشهر الستة المحددة لتلك اللجنة مع حلول الدورة الجديدة، وهنا يأتي دور الجميع للضغط للمطالبة بتشكيل اللجنة الدولية والتصدي لمزعوم اللجنة السعودية التي أعلن عنها العسيري وهي أساساً لعبة جديدة لإفشال مساعي الشرفاء والاحرار عبر العالم كله من حقوقيين وغيرهم في إعادة توجيه البوصلة إلى وجهتها الصحيحة والانتصار لضحايا العدوان في بلادنا من خلال تشكيل لجنة دولية محايدة يكون أعضاؤها خبراء في هذا الجانب ويقومون بمباشرة عملهم على أرض الواقع، للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبها النظام السعودي والأنظمة المتحالفة معه في العدوان الظالم الذي يشنونه على اليمن أرضاً وإنساناً ومقدرات.
< هل بالإمكان أن تذكر لنا أهم العثرات التي رافقت الدورة الماضية لمجلس حقوق الإنسان وسبب سحب مشروع القرار الذي كانت قد تقدمت به هولندا، سيما وأنه كان هناك زخم كبير وتفاعل مع مشروع القرار مع انطلاق الدورة عموماً؟
- كلامك صحيح، فلو راجعنا مثلاً الدورة الماضية اي قبل خمسة أشهر، لوجدنا بالفعل، أن التحركات والمطالبات الدولية بتشكيل لجنة تحقيقات دولية محايدة كانت تمضي بوتيرة عالية وتأييد كبير وتفاعل من قبل أطراف عدة داخل مجلس حقوق الإنسان وخارجه، لكن، للأسف الشديد، بدأ ذلك التفاعل يخفت تدريجياً مع السير في فعالياتها، حيث لمسنا أن الأصوات وقوة المطالب بدأت تخف، وحينها بدأت في المقابل ملامح الصفقات تبرز للعيان، في أروقة الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان..
< هل لديكم مخاوف أن يتكرر نفس السيناريو -لا سمح الله- خلال الدورة القادمة التي ستعقد بعد حوالي عشرين يوماً؟
- أكيد لدينا مخاوف كثيرة في هذا الجانب، سيما وأن السعوديين والخليجيين عموماً يعملون مع كل الأطراف الدولية ويستخدمون مختلف وسائلهم الدنيئة لشراء ذمم البعض وعقد الصفقات المختلفة لشراء صمتهم وتغيير مواقفهم، وربما أن هذا ما يحدث الآن، فقرار البرلمان الاوروبي كان قوياً، وصادماً للعدوان، وبالتالي فإنهم سيعملون الآن من أجل تعطيل أي خطوات إيجابية في طريق إدانتهم دولياً، خصوصاً وأن قرار البرلمان الأوروبي مثّل نقطة تحول كبيرة ورسالة قوية للعدوان وللعالم الذي يتواطأ أو يصمت على جرائم آل سعود.
< باعتقادكم.. هل سينجح العدوان هذه المرة، أيضاً، في تعطيل وفرملة التحرك الأوروبي والدولي الجديد الذي سمعنا عنه في أكثر من وسيلة ومؤسسة؟
- نتمنى أن لا يحدث، وسنعمل كل ما بوسعنا لعدم حدوثه، لكن في الحقيقة القضية تُريد تفاعلاً من قبل الجهات المعنية باليمن والتحرك الجاد من خلال دعم فريق العمل الوطني الذي سبق له العمل في ظروف مختلفة وحقق نجاحات كبيرة بجهود معظمها ذاتية.
وفي كل الأحوال سننتظر وستجيب لنا الايام القليلة القادمة عن هذا التساؤل المهم وغيره..
< ما الذي يريده الفريق الوطني تحديداً لمواجهة هذه الاستحقاقات وعدم تفويت مثل هكذا فرص؟
- أعتقد أن الذي نحتاجه ونريده لكسب الجولة القادمة هو أولاً أن يعمل الجميع بوتيرة عالية، وعدم التواكل أو المكايدة والتطنيش، أو النظر للأمر على اعتبار أنه مجرد سفريات وغيره.. وثانياً الاستعداد والترتيب الكاملان على أعلى المستويات بين مختلف الأطراف الفاعلة.
والشيء الثالث هو تشكيل وفد وفريق حقوقي متمرس وتمكينه من السفر للمشاركة في اجتماع الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان..
< هل ناديتم ولفتم أنظار الجهات المعنية بضرورة هذا الأمر؟
- نعم كثيراً ما نادينا الجميع إلى التنبه لهذه المسألة وضرورة وضعها على رأس سلم الأولويات، وقد طالبت أنا شخصياً بذلك مراراً، ومازلت أطالب.
< أين وزارة حقوق الإنسان الفعلية في صنعاء وليس في الرياض من هذا كله؟
- أعتقد من حيث المبدأ أنه لم نسمع عنها كثيراً في هذا الموضوع وغيره، لكن في رأيي أن على هذه الوزارة المهمة مسؤوليات كثيرة ومهمة، ومنها ارسال وفد إلى جانب الوفد الحقوقي الوطني، لمواجهة وفد الرياض الذي سترسله السعودية باسم وزارة حقوق الإنسان.
< ماذا يُراد من وفد وزارة حقوق الإنسان في حال تفاعلت الوزارة مع دعوتكم هذه وكم نسبة النجاح برأيك؟
- المطلوب من وفد الوزارة النية والجدية وترشيح أناس فاهمين عملهم ومتسلحين بالوثائق اللازمة والمعلومات اللازمة والرؤية الواضحة والسليمة لمواجهة الفريق الآخروفضح ما أعدوا من معلومات خاطئة ومزيفة.. والذي أؤمن به هو أنه يجب أن يتحرك الجميع في مختلف المجالات المعنية، حتى لو كانت نسبة النجاح واحد من عشرة في المائة..
<هل تقومون بتنسيق عملي وملموس خلال هذه الفترة مع منظمات عربية ودولية؟
- بدون شك لم نتوقف أبداً في التنسيق والتواصل مع المنظمات ذات الصلة والناشطين، وسبق أن حققنا نتائج جيدة في هذا المضمار حيث قمنا بالتنسيق مع العديد من المنظمات الاقليمية والدولية وهذا ما قمنا به مؤخراً.
< هل تسعون لإعادة إحياء المشروع الهولندي السابق في مجلس حقوق الإنسان؟
-لا.. لا نسعى لإعادة إحياء وتقديم ذلك المشروع الهولندي.. وإنما نسعى لتحقيق ما تضمنه التقرير السابق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بتشكيل لجنة تحقيقات دولية والإسراع في كافة الأعمال الإنسانية على الأرض، ونسعى -أيضاً- لما هو أكثر من ذلك.. وهو إيقاف العدوان ورفع الحصار والتعويضات ومحاكمة مجرمي الحرب الظالمة التي تقودها السعودية على بلادنا هي وحلفاؤها.
< يبدو من خلال حديثكم أنكم لستم راضين عن التفاعل مع هذا الجانب من طرف السلطة الحاكمة.. سؤالي: هل هذا صحيح؟ وما الذي تريدونه منها في هذا الظرف؟
- نعم نحن غير راضين عن السلطة بصنعاء وتفاعلها مع جانب مهم كهذا الجانب، وما نريده منها هو التفاعل الجاد والمسئول واعطاء الجانب الحقوقي حقه الكامل من الاهتمام وكفى تراخياً.. ونتمنى عليهم أن يدركوا تماماً أن الحرب ليست فقط عسكرية، وإنما هي عسكرية وحقوقية وإعلامية وتوعوية، وعلينا هنا أن نتأمل في الأشياء التي يحاربنا بها العدو، وسنجد أنه يحاربنا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وفكرياً وحقوقياً ونفسياً وغيره.. وبالتالي فإن محاربته بالسلاح وبالشعارات كشعار (بالعشر ما نبالي) لا يكفي أبداً، وقد العشر عشرين وأصبحوا هم ما يبالون وقتلونا ودمرونا دون مبالاة.. علينا أن نبالي لكل شيء ونتحرك بقوة دون تهاون او تخاذل..
< هل يمكن مقاضاة مجرمي الحرب العدوانية على اليمن أمام القضاء الدولي أو أمام أي قضاء غربي.. وما الذي يجب أن تتعاون به معكم بهذا الشأن منظمات وحقوقيون غربيون لرفع دعاوى أمام القضاء الاسباني أو السويدي او النرويجي مثلاً؟
- في الحقيقة ومثلما أشرت، هناك تحركات مستمرة للمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب الذين ارتكبوا أبشع الجرائم ضد اليمن واليمنيين من المسئولين السعوديين وتحالفهم، وهؤلاء تنطبق عليهم القواعد القانونية لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.. صحيح أن هذا الطريق مليئ بالاشواك والمعوقات، سواءً على مستوى محكمة الجنايات الدولية او المحاكم الاوروبية.. لكننا مستمرون وسندوس الاشواك ونواجه المعوقات.. ولا يضيع حق وراءه مطالب.
وأعطيكم مثالاً على ذلك ففي فيتنام وبعد أربعين سنة من الحرب، ومع الإصرار والتحدي والمتابعة، استطاع الفيتناميون فتح تحقيقات في الجرائم التي ارتكبها الأمريكان بحقهم.. لا يأس من رحمة الله.. ولا يأس مع الحياة.
< كيف تعلق على موقف الجامعة العربية والبرلمان العربي اللذين يتغاضيان عن جرائم السعودية مقابل منظمات أوروبية تعلن الحرب على السعودية؟
-جامعة الدول العربية وغيرها من المكونات الرسمية العربية.. عظم الله أجر الجميع فيهن، ولانعول عليهن في شيء على الإطلاق.. ومع أن الجميع لا خير فيهم.. فلو قارنا قرارات ومواقف الأوروبيين لوجدنا أنهم أرحم من العرب.. من يدفع أكثر.. هذا هو معيار الأشقاء العرب والمكونات العربية.. ويكفينا ما لمسناه صراحةً نحو سوريا الصمود والتحدي.
< هل هناك منظمات عربية وأجنبية يمكن أن يشيد بها المحامي محمد المسوري، ويلفت أنظار اليمنيين نحوها لتقديرها والإشادة بأدوارها الإنسانية والتعويل عليها في مواصلة الجهود في بقية فصول المعركة التي يخوضها اليمنيون على مختلف الأصعدة مع دول العدوان الخارجي؟
- أحييك على أسئلتك.. نعم هناك منظمات دولية كـ(العفو الدولية - هيومن رايس ووتش - مركز القاهرة لحقوق الإنسان) ومنظمات من دول المغرب العربي فهذه المنظمات تستحق منا جميعاً التقدير وتعظيم سلام، لأن مواقفها كانت ومازالت مواقف نبيلة وأشرف من (جامعة حكام العرب) ولا مجال للمقارنة بين هذه الأخيرة وتلك المنظمات.. على الإطلاق.
|