عبدالرحمن مراد - < خلال ما سلف من أيام اشتغل إعلام الاخوان على ثلاثة محاور، المحور الأول: زيارة الزعيم علي عبدالله صالح للسفارة الروسية، والمحور الثاني: قيام الزعيم بحلق لحيته، والمحور الثالث: تعيين علي محسن نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة من قبل الفار هادي الذي يمعن في قتل شعبه باسم الشرعية المزعومة التي أصبحت بدون مرجعية قانونية وفق فقهاء القانون ووفق ما تواضعت عليه الأنظمة الديمقراطية ونظم الحكم ووفق المرجعيات التي كان يستند إليها..
المهم الذي نرغب في قوله هو بيان الصورة التي عليها إعلام الاخوان في هذه المرحلة، فقد أفصح خطابه أنه يلجأ الى الصغائر ويجعل منها عظائم، وقد أفردنا لمثل هذا التوجه في سالف أيامنا، لكن الغريب الذي اتضح لنا خلال الأيام التي مضت، القدرة الفائقة على الجدل وخلق الآفاق والتأويلات والتوظيف من أجل التضليل بهدف استمرار تدفق الأموال، فالربط بين تعيين علي محسن وبين زيارة الزعيم للسفارة والاشتغال الممنهج على بث الروح الانهزامية باء بالفشل وأفصح عن الروح المنكسرة التي ترفرف في جوانح الاخوان، كما أفصح عن البعد الرأسمالي وظلاله في الخطاب والتوجه، إذ كان الربط من أجل الإيحاء للسعودية أنّ مؤشرات الحسم باتت وشيكة ولابد من استمرار الدعم، ولذلك حين يسمع الفرد الإعلام الخليجي وحديث المرتزقة يشعر أن بلاك ووتر والجنجاويد على قمة نقم وفي ذروة عصر وهم على مشارف صنعاء وفي بني حشيش كما قال المعتوه خصروف في حديث له على قناة «الحدث»..
ومن الغرائب أن صناع القرار في المملكة بعد كل هذا الزمن من التجربة مع الاخوان لم يبرحوا مربع التضليل ذاته الذي بدأ معهم ولايزال مستمراً في كل مرحلة خفوت في التدفق للأموال، إذ ترتفع العقائر والحناجر بالتضرع والابتهال والمناشدة الى درجة القول: إن جبهة كذا كادت أن تنتصر لولا شح الإمكانات وتأخر الدعم من دول التحالف، ومثل ذلك أصبح مقروءاً في المواقع وفي الصحف الصادرة عن العدوان وأذرعه اليمنية كصحيفة صوت «المقاومة» وفي الوسائط الاجتماعية التي تنشط في أوقات بعينها ثم تذهب في سبات عميق وتعود متى كانت المصلحة تستدعي ذلك، واعترف أنني كنت أضحك الى درجة السخرية وأنا أقرأ الأخبار التي يصفونها في عناوينهم بـ«الصادمة» حتى إذا جئتها وجدتها سراباً لا تنم إلا صغار في الرؤية وفي الهدف وفي المشروع، وإلا ماذا يعني أن يأتي خبر صادم حسب وصفهم في الأسماء المقربة من صالح، وأسباب حلق صالح للحيته بعد تعيين علي محسن ومثل تلك الهرطقات أصبحت مثار سخرية الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي المتعددة، وأصبحت مادة للتفكه والسخرية.
وقد ذهب الكثير من ناشطيهم الى القول: إن خبر تعيين محسن أصاب صالح بمقتل وهو يستعد للسفر الى روسيا وهم بذلك يحاولون وصل ما انقطع وتبرير الخطأ بالخطأ، وتغطية حقيقة الفشل بالهروب الى خلق مبرراته، ويمكن فهم الحالة التي عليها الاخوان باستدعاء ما يماثلها، فهم في حرب عمران في عام 2014م عزفوا على ذات الأوتار التي يعزفون عليها الآن وبنفس المقام، وخلقوا من القشيبي بطلاً اسطورياً وبطلاً منقذاً ومازالوا يشعلون النار ويحرقون مباخرهم حتى سقط القشيبي مضرجاً بدمه، ولا أراهم إلا يكررون نفس السيناريو مع علي محسن، ويبدو أن المقاطع التي يتداولها ناشطو الفيس بوك والتي يظهر فيها علي محسن وهو يشارك المغتربين بالبرع والرقص الشعبي قد ساءتهم كثيراً، فكان اشتغالهم الإعلامي يهدف الى الدفع بعلي محسن الى المحرقة التي نجا منها بأعجوبة في سبتمبر 2014م.
ولا أظن الاخوان يغفلون الأثر السلبي لقرار تعيين علي محسن حتى في صفوف من يسمون أنفسهم بالمقاومة، وثمة تصدعات في صفوف الحراك الجنوبي وفي الصف الأول من القيادات لما يسمّى بالمقاومة، وتأتي إقالة المقدشي لتدّل على ذلك الأثر، وتلك التصدعات التي أصابت عملاء الرياض، وهي دالة في السياق نفسه على حالة التنافر وفقدان الاصطفاف وروح المبادرة لأن الذي يعمل بدون قضية أو هدف لن يكون إلا كحاطب الليل.
ولن تكون تلك الهالة التي صاحبت قرار تعيين محسن إلا بشيراً بقرب الفرج، فقد أصبح من المتعارف عليه أنّ الهالات التي يصنعها الاخوان بمثابة الاشتعال الذي يسبق حالة الترمّد.. ولله في خلقه شؤون.
|