أ محمد شرف الدين -
شق موكب ضخم من سيارات الدفع الرباعي الأسبوع الماضي طريقه من محافظة صعدة، إلى عمق الأراضي السعودية وقد لفت انتباه الجميع وأثار تساؤلاتهم، وعلى الفور تداول ناشطون بعد ساعات فيديو على موقع «اليوتيوب» للموكب تزامناً مع صراخ لصوت سعودي مرتعب من موكب انصار الله الذي مزق سكون منطقة ظلت طوال عام مليئة بجثث القتلى وأنين الجرحى..
جاء تحرك ذلك الموكب ليضع بداية لدخول المنطقة والعالم مرحلة جديدة يتطلع فيها الجميع إلى أن تنصب الجهود لحلحلة الازمة اليمنية ووقف العدوان السعودي على اليمن والذي تكاد نيران هذه الحرب أن تحرق المنطقة برمتها..
هذا التطور الجديد جاء كبصيص أمل واتجاه اجباري لليمن والسعودية لوقف الحرب، وقد سبق للزعيم علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر- ان طالب مراراً وتكراراً بالسير نحو حوار يمني سعودي برعاية الأمم المتحدة منذ بداية العدوان على بلادنا وكرر تلك الدعوة في خطاباته ولقاءاته الصحفية إدراكاً منه أن المشكلة القائمة لن تحل إلاّ بحوار مباشر بين البلدين، وبعد أن وقع الفأس بالرأس.. هاهي أولى تباشير هذا الحوار تظهر عملياً على الواقع من خلال سفر وفد انصار الله برئاسة محمد عبدالسلام والذي حمل مقترحات للجانب السعودي تهدف إلى وضع ترتيبات وقف العمليات العسكرية على الحدود وفق مصادر إعلامية.. إلى جانب تسليم أحد الضباط الكبار في الجيش السعودي، كان أسيراً لديهم ، وثلاثين جثة لجنود وضباط سعوديين، لقوا مصرعهم في المواجهات العسكرية داخل العمق السعودي ، وذلك في بادرة منهم للتعبير عن حسن نوايا تهدف إلى وقف العدوان على بلادنا ورفع الحصار الجائر على شعبنا.
وتجري هذه اللقاءات في ظل تكتم شديد، وبرغم مرور بضعة أيام على إعلان الخبر إلاّ أن الجانب السعودي يحاول عدم الاعتراف بمثل هذه المفاوضات ويتضح ذلك من خلال اعلان تحالف العدوان- الأربعاء- عن هدنة على الحدود السعودية اليمنية وأفادت قيادة تحالف العدوان الذي تقوده السعودية في بيان نقلته وكالة "واس" أن شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت لإيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية، المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات وقد استجابت لذلك عبر منفذ "علب" الحدودي.
كما اعترفت السعودية بأنه تمت استعادة الأسير السعودي جابر أسعد الكعبي، وأعربت عن ترحيبها باستمرار حالة التهدئة بما يسهم في الوصول إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة.
غير أن ذلك الترحيب والإعلان لايعكس جدية السعودية، وحرصها على إنجاح مساعٍ كهذه، حيث دفعت بمرتزقتها لتصعيد أعمال العنف ومهاجمة المدن كتعز ومحاولة تحقيق مكاسب في مأرب أو الملاحيظ بصعدة أو غيرها.. في مسعى لايعكس حسن النية لاسيما وأن بإمكان الرياض ايقاف مرتزقتها من تفجير وتفخيخ هذه النجاحات السياسية التي تأتي لصالحها في المقام الأول.
وبالمقابل استقبلت وسائل إعلام سعودية خبر التوصل الى تهدئة مع الجيش اليمني واللجان الذين أصبحوا يطوقون العديد من المدن السعودية ومنها جيزان ونجران وعسير بابتهاج غير مسبوق، حيث لوحظ ذلك في الصحف السعودية وناطق التحالف ووكالة الانباء السعودية «واس» ما يؤكد أنهم كانوا في انتظار هذه اللحظات بعد قرابة سنة من الهزائم والفشل لمغامراتهم في اليمن، خلافاً عن النتائج الكارثية التي لحقت بالسعودية جراء الحرب داخلياً وخارجياً وأنهكتها اقتصادياً ومرَّغت سمعتها عالمياً.
فبعد 12 شهراً من بيع الوهم والكذب الذي ظل يروجه البوق عسيري اخيراً خرج مجبراً بإعلان ترحيب قيادة تحالف العدوان بما أسماها خطوة القبائل التي طلبت التهدئة..
وبررت قيادة تحالف العدوان التي رفضت مناشدات العالم بقبول تهدئة إنسانية حتى في شهر رمضان وأيام الأعياد بالزعم أن شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت لإيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية واغاثية للقرى اليمنية.. الخ- وفقاً لوكالة واس».
وهذا ما يؤكد أن الخائن هادي مجرد «كوز مركوز» وكان المفروض أن يعلن هو التهدئة أو بحاح.. واللذان لا علم لهما بما يدور.
وكانت مصادر متطابقة قد كشفت عن محادثات بين وفد سعودي ووفد من انصارالله منذ أسبوع في منطقة حدودية بين البلدين بطلب من الرياض عن طريق طرف ثالث، بالتزامن مع تسريب رسالة سرية موجهة من مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، نشرتها "رأي اليوم" يوضح فيها أن السعودية دخلت في مفاوضات سرية مباشرة مع الحوثيين، ووافقت على استئنافها في العاصمة الأردنية.
وحسب "الميادين" فقد طرحت السعودية وقف الغارات على صنعاء مقابل وقف أنصار الله الهجمات على المناطق الحدودية، إلا أن وفد أنصار الله طلب وقف العدوان على كامل الأراضي اليمنية.
وتفيد مصادر متعددة أن الخطوة السعودية باتجاه وقف العدوان قد تكون بضغط أمريكي بسبب تزايد تمدد الجماعات الارهابية في المحافظات الجنوبية.
بيد ان الرواية الارجح هي تلك التي كشفت عنها «مونت كارلو» الدولية والتي تطرقت الى تفاصيل مهمة جداً بشأن المفاوضات السرية بين السعودية وأنصار الله، برعاية الامم المتحدة.. ونقلت عن مصادرها القول: ان المفاوضات الجديدة هي امتداد لتلك التي جرت في العاصمة العمانية مسقط، في اغسطس الماضي والتي توسط لها مبعوث الامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ احمد، خلال زيارته للرياض، وركزت على ايقاف الهجمات العسكرية عبر الحدود السعودية كخطوة اولى لوقف اطلاق النار الذي تسعى اليه الامم المتحدة بالتزامن مع جولة المحادثات الموسعة بين اطراف النزاع اليمني.
وكان انصار الله اشترطوا لوقف هجماتهم عبر الحدود، ايقاف الغارات ورفع الحصار البحري على الموانئ اليمنية.وذكرت ان هناك شبه اتفاق على التهدئة في الجبهة الحدودية، لكن نجاح هذه الصفقة الثنائية، مرهون بتقدم المفاوضات الجارية حالياً.. واضافت المصادر: هناك شبه اتفاق على ايقاف التصعيد في الجبهة الحدودية ، مقابل التخفيف من الحصار البحري واعتماد آلية الامم المتحدة للتفتيش، والحد من الغارات الجوية، لكن أنصار الله يتمسكون بطلب ايقافها تماماً، وهذا هو موضع الخلاف الآن.
وذكرت مونت كارلو ان وفداً من ضباط الامن السياسي والقومي التقوا مؤخراً في سلطنة عمان ضباطاً سعوديين، وبحثوا تفاصيل دقيقة في عملية تنفيذ خطوات التهدئة. وان ما يجري حالياً "هو لتنفيذ بعض تلك الخطوات، على ان يتم اجتماع لاحق بين الاطراف اليمنية برعاية الامم المتحدة لبحث وقف شامل لاطلاق النار.
وأشارت إلى أن طائرة عمانية من سلاح الجو السلطاني، نقلت منتصف الشهر الماضي لجنة أمنية يمنية رفيعة، رجحت مصادر سياسية آنذاك، ان تعقد اللجنة مشاورات مع مسؤولين عسكريين من قوات تحالف العدوان للمرة الثانية، حول ترتيبات امنية.
الى ذلك كشفت مراسلة سرية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، نشرتها صحيفة «رأي اليوم» في 8 مارس، أن السعودية دخلت في مفاوضات سرية مباشرة مع أنصار الله وأنها وافقت مؤخراً على استئنافها في العاصمة الأردنية عمان.
وتشير المراسلة الموجهة إلى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان في الأسبوع الثاني من (فبراير) الماضي، إلى أن ولد الشيخ التقى بوزير الدولة السعودي مساعد العبيان، المقرب من الملك سلمان والملقب بصندوق أسراره، وشخص ثانٍ يُدعى أبو علي يُعتقد أنه من جهاز المخابرات السعودية.. ويقول ولد الشيخ: إنه أخبر محدثيه السعوديين بـ"استعداد الحوثيين لاستئناف المفاوضات السرية المباشرة مع ممثلي المملكة العربية السعودية" وأنهما "رحبا بهذا التقدم المحرز وأعربا عن التزامهما المضي قدماً في هذا المسار" بيد أنهما أبديا بعض الملاحظات.
ووافق المسؤولان السعوديان على مقترح الحوثيين بعقد المفاوضات في عمان بعد أن خيَّرهما محمد عبد السلام بين الأردن والمغرب.