فيصل الصوفي - المرافعة التي قدمها بحاح احتجاجاً على عزل السعودية له من منصب نائب رئيس ورئيس حكومة، تكفي وحدها لإقناع مجلس الأمن ورعاة المبادرة والمجتمع الدولي، بأن ما كانوا يسمونها الحكومة الشرعية، والحكومة المعترف بها دولياً، لم تعد موجودة بعد إقالة رئيسها وتعيين بديل له بطريقة مخالفة لكل الأسانيد التي قيل إن تلك حكومة بحاح قامت عليها، والتي طالما اعتبروها شرعية، وبحاح نفسه ذكر في مرافعته أن هادي انقلب على الشرعية.. لقد انتهت تلك الشرعية تماماً بموت حكومتها التي لم تكن شرعية أصلا، فقد استقالت قبل تقديم هادي استقالته، واللافت حتى الآن أن مجلس الأمن والرعاة المبادرين لم يبادروا إلى إصدار ما يدل على استمرار اعترافهم بحكومة عزلت السعودية رئيسها، وأمرت هادي يعين لها رئيساً بطريقة تخالف الدستور اليمني والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وقرار مجلس الأمن الذي اعترف بتلك الحكومة التي لم تعد موجودة بعد إقالة رئيسها، وإقالته يترتب عليها إقالة وزرائه.. التعليق الوحيد بهذا الشأن صدر من كيري وزير خارجية أمريكا الذي قال إن قرارات هادي ليست موفقة، لأنها صدرت في الساعات الأخيرة..
إن انتهاء تلك الشرعية يوجب على القوى السياسية في الداخل التشاور حول اختيار أو انتخاب سلطة تنفيذية، بطريقة دستورية، فقد زالت اليوم أسباب الاحراج السياسي الداخلي والخارجي، وتأكد أن العدو السعودي لن يوقف عدوانه العسكري، ويتجه لإفشال وقف إطلاق النار والحوار.. في أمر آخر أجدني أخالف غيري بشأن مصدر تلك القرارات واهدافها، إذ أعتقد أن السعودية هي التي عزلت الأول بحاح وعينت الأحمر وبن دغر، وهادي "بصم" لها بإبهامه، كعادته، وبيان هادي بشأن الإقالة فيه "فلتة" تشير إلى هذا الأمر بوضوح، حيث قال هادي إن حكومة بحاح لم تستطع إدارة وتوظيف الدعم السعودي خاصة.. ولكنه عزل بحاح وأبقى على وزراء الحكومة البحاحية الذين لم يستطيعوا الإدارة والتوظيف للدعم السعودي خاصة.. المستهدف هو بحاح، ولكن لم يُستهدف لأنه غضب من سلب هادي لصلاحياته، وفرض حاشيته عليه، أو لأنه قاوم الفساد المالي لهادي، وكان مصدر التسريبات حول هذا الفساد، كما حاول إقناعنا في مرافعته الاحتجاجية، بل استهدف بالعزل لأنه عميل لدولة الإمارات، غير مرغوب به سعودياً، وهذا استنتاج سهل في سياق التنافس والصراع السعودي- الإماراتي الذي لم يعد من أسرار شركاء العدوان على الشعب اليمني..
عينت السعودية محسن الأحمر نائباً لهادي، لأنها تعتقد أنه لا يزال رجلها القوي في اليمن، وليس هادي الضعيف، وتعيينها للأحمر يتضمن رسالة لعملائها في حزب الإصلاح، مكافأة على تضحياتهم معها، وتعويضاً للخسائر السياسية التي محقتهم بسبب تأييدهم العدوان منذ اليوم الأول، وتطمئنهم على مستقبلهم أيضاً، واختارت بن دغر لأنه في زمرة عملاء السعودية المخلصين أولاً، وثانياً لأنه ضعيف مطيع يقبل القيام بأي دور يسند له، ولا يعرف كلمة لا.. ولا نعتقد أن السعودية عينته لإرضاء الجنوبيين أو شق المؤتمر الشعبي كما يعتقد البعض، إلا إذا كان الغباء السعودي يفوق الحد المسموح به، فبن دغر ليس رقماً مؤثراً في الحساب المؤتمري، فهو صفر لا يحسب، كما أن الجنوبيين كانت ردود أفعالهم ساخطة رافضة له، فهو أيضاً صفر بالنسبة للجنوبيين.
|