محمد علي عناش -
الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد القنبلة التي فجرها في وجه السعودية، عندما اعترف علانيةً بأنها منبع الإرهاب وهي من تدعمه وتموله في جميع أنحاء العالم وأنها من تزعزع الأمن والاستقرار في البلدان العربية وتثير فيها الصراعات الطائفية والمذهبية مستشهداً بما يحدث في العراق واليمن وأيضاً بأحداث 11سبتمبر 2001م التي كشفت بجلاء العلاقة المباشرة وغير المباشرة للسعودية في هذه الأحداث وتورط أمراء من الأسرة الحاكمة في دعم تنفيذها والتخطيط لها والتي مازالت قضية منظورة وملفاً مفتوحاً لم يغلق بعد، لكن في إطار حسابات المصالح الأمريكية، ها هو الرئيس الأمريكي من جديد يلقي بقنبلة أخرى لكن في وجه أمريكا وكل الدول التي دعمت وتبنت ثورات الفوضى العربية التي سميت بثورات الربيع العربي، باعترافه بأن أكبر خطأ ارتكبته الولايات المتحدة هو تدخلها العسكري في ليبيا لاسقاط نظام القذافي والذي فيه قدم اعتذاره للشعب الليبي عن هذا الخطأ ومانجم عنه من نتائج سيئة وكارثية في ليبيا ما بعد القذافي..
نعلم جيداً أن هذه الاعترافات والاعتذارات التي دائماً ما تؤيدها أمريكا في الوقت الضائع وبعد أن حققت نسبة كبيرة من أهدافها والتي نستطيع أن نقول إنها أهداف لاأخلاقية وساقطة وأدوات تنفيذها أكثر أنحطاطاً خاصة عندما تكون الجماعات الإرهابية أهم هذه الأدوات، هي من أجل تجميل صورة الولايات المتحدة عندما تكون قد بلغت الذروة في التشوه، وباتت تشعر بخجل من سياساتها الدولية الكارثية والتي تجسد عقل وروح الثعلب الكامن فيها.
ومن النتائج التي تنجم عنها ومن تلاعباتها بالمواثيق الدولية وبالقضايا الراهنة ومنها قضية الإرهاب والديمقراطية.. وبالتالي فإن هذه الاعترافات والاعتذارات ليست دليلاً أو شاهداً على صحوة ضمىر وأخلاق لدى أوباما والولايات المتحدة الأمريكية، ولا تعبر عن توجه جديد لأمريكا محترم الأهداف والغايات والأدوات، وإنما دليل على الثعلبية الراسخة في السياسة الأمريكية والقائمة على الكذب والحيلة والغاية تبرر الوسيلة وممارسة الابتزاز وتوظيف القضايا كأوراق ضغط ومساومات..
ومن المؤكد أن زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للسعودية لها علاقة بتصريحاته واتهاماته لها بدعم الإرهاب الدولي وبعدوانها على اليمن وجرائمها البشعة التي ترتكبها بحق المدنيين، غير أن نتيجة الزيارة لن تثمر بوقف العدوان وجرائم السعودية في اليمن ولابتوقف السعودية عن دعم الإرهاب، لأن الثعلب الكامن في السياسة الأمريكية لم يذهب الى السعودية بحثاً عن حلول ومعالجات وإنما مبتزاً ومساوماً للبقرة الحلوب.. الولايات المتحدة لم ولن تتخذ أي أجراء حيال السعودية التي بات العالم يدين علاقتها بالإرهاب ويكشف تورطها الكبير في تبني الجماعات الإرهابية، ليس فقط بما تقدمه من دعم وتموبل مادي ولكن أيضاً باعتبارها حاضنة فكرية وثقافية لتفريخ التطرف والإرهاب، لأنه ليس هناك دافع أخلاقي في السياسة الأمريكية التي لا يديرها عقل مسؤول وإنما عقل الثعلب ووعيه الذي يتقن المراوغة والتصنع والتي جسدها المبعوث الأممي ولد الشيخ في رعايته للمفاوضات سواءً في سويسرا أو في الكويت والذي أكد أنه يحمل أجندة سعودية ويرغب أن يفرضها ويمررها في الكويت، حيث لم تكن مسألة وقف إطلاق النار وخروقات السعودية وأذيالها لها مكان في مسودته ولا يعتبرها مسألة ضرورية لإنجاح المفاوضات..
هناك ثعلب راسخ في السياسة الأمريكية لا يريد حلولاً ومعالجات لما يحدث في المنطقة العربية من كوارث ومآسٍ، حتى اعتذار أوباما للشعب الليبي صادر عن وعي الثعلب في السياسة الأمريكية، لأنه لن يقدم أي شيء لخلاص ليبيا ولن يصحح خطأ تدخل أمريكا في اسقاط نظام القذافي.
فعن أي شعب ليبي يتكلم أوباما كي يقدم له اعتذاره، وقد تشظى الى جماعات ومليشيات متناحرة فيما بينها وبسلاح أمريكي مدفوع القيمة، الأمر الذي وفر الظروف والأجواء المناسبة لتوغل وانتشار القاعدة وداعش وسيطرتهما على مساحات شاسعة من ليبيا بقوة السلاح الأمريكي والمال السعودي والقطري.. والأوْلى بأوباما أن يقدم اعتذاره للعقل والمنطق وللقيم والأخلاق وأيضاً للقانون الدولي، كون ما ارتكبه الثعلب الكامن في السياسة الامريكية بحق ليبيا والشعب الليبي كارثياً ومتجاوزاً لحدود العقل والمنطق، وهو جزء لا يتجزأ عما ارتكبه هذا الوعي الثعلبي في سوريا والعراق ومايزال يرتكبه في اليمن بصورة أبشع وتحت مبررات ساقطة.
وبالتالي فإن الحلول ليست سهلة وإنما كبيرة وعميقة ولن نجدها لدى ممثل كومبارس دولي كولد الشيخ، ولن نجدها لدى أمريكا التي تدير سياستها عقلية ثعلبية تتاجر وتتسمسر بمعاناة اليمنيين وبكل قضايا الأمة العربية ومنها قضايا الإرهاب والسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان.