حاوره : عبدالكريم المدي - أكد المهندس هشام شرف عبدالله- وزيرالتعليم العالي السابق- أن الوحدة اليمنية كانت ولا تزال هي الحدث الأبرز والأكبر في تاريخ اليمن والأمة قاطبة ، ومهما حاول البعض تشويهها أو التأثير على وجهها البراق في نفوس اليمنيين والعالم كُلّه، فلن ينالوا منها أبداً.
وقال في حواره مع صحيفة «الميثاق»: إن الوحدة هي الثابت المقدس لدى اليمنيين ، وما دونها هو الاستثناء الذي لا مستقبل له.. مشيراً الى ان النسيج الاجتماعي اليمني تعرض لمحاولات عدائية كثيرة أثناء الاستعمار البريطاني وبعد الاستقلال، لكنها باءت بالفشل أمام واحدية هذا الشعب ويمنيته وعظمته.
وبشر الوزير شرف أبناء الشعب في شماله وجنوبه بصحوة وطنية قريبة تضع حداً لكل الممارسات المناطقية المقيتة وتوقف جرائم المتورطين بجرائم 1986م.. إلى الحصيلة:
حاوره : عبدالكريم المدي
جاء منجز إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو1990م في ظروف استثنائية تمرّ بها الأمة العربية.. كيف تصفون ذلك من واقع تجربتكم؟
- أولا : أحب أن أهنىء أبناء الوطن الشعب اليمني العظيم بهذه المناسبة الوطنية الغالية والعزيزة على نفوسنا جميعاً ، والتي تمثل منارة إشعاع ومشعل نور مضيئ في سماء أمتنا المظلم . وأسأل الله أن يعيدها أعواما مديدة وشعبنا في خير وسلام ومحبة ..
ثانياً :هذا المنجز الكبير الذي تمثل بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في 22مايو1990م على يد رئيس الجمهورية السابق - رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح ، كان حدثا فارقا في تاريخ الأمة العربية كلها، ويكاد يكون أهم وأسعد حدث للعرب خلال العصر الحديث ، مثله مثل الثورات التحريرية العربية التي تفجرت ضد الاستعمار إذا لم يكن أهم منها كونه اعاد للعرب أمل توحدهم وإمكانية ذلك في حال أخلص الجميع النيات ، وتوحدت الجهود ووجد القادة التاريخيون أمثال الزعيم علي علي عبدالله صالح وكل الشرفاء الذين التفوا حوله من الشمال والجنوب ودعموا هذا التوجه الوطني الوحدوي، ولعل محبة الشعب اليمني شماله وجنوبه للوحدة واندفاعهم نحوها هو ما ساعد على تحقيق هذا المنجز الكبير .
كيف تصف دور ومشاعر اليمنيين واقبالهم على الوحدة ، وكيف كانت الأوضاع في محافظة مدنية وعريقة ووحدوية كعدن يومها؟
- في الحقيقة لقد كان للمواطن اليمني دور محوري ومهم تناغم تماماً مع دور القيادة السياسية ممثلة بالزعيم الصالح ورفاق دربه ، ونظراً للزخم والمشاعر الشعبية والوطنية العارمة في شمال الوطن وجنوبه ، فقد ساعد هذا الأمر إلى حد كبير في المضي قدماً نحو تحقيقها ، ومثلت الجماهير العريضة التي كانت تخرج بمئات الآلاف للشوارع والساحات العامة في صنعاء وعدن وتعز وحضرموت وإب والحديدة وأبين وغيرها،قوة دفع معنوية وحماسية كبيرة سرعت بعجلة المفاوضات بين لجان الوحدة المختلفة وصولاً لأعلى القيادات في البلد الواحد.
المواطنون في عدن ولحج وغيرهما كانوا يقدمون لإخوانهم من المناضلين والعمال والطلاب وحتى التجار من أبناء المحافظات الشمالية كل أشكال الدعم والمساندة. والحماية ولم يكن يفرق أحدهم بين عدني وصنعاني وتعزي ولحجي ،وشمالي وجنوبي ، حتى أثناء ما كانت قوات الاحتلال البريطاني في الجنوب تعمل على التضييق على أبناء المحافظات الشمالية وتفصلهم من وظائفهم وتقوم بترحيلهم ، كان إخوانهم في عدن وغيرها يمثلون الحضن الدافئ لهم ، يفتحون لهم بيوتهم ومقار أعمالهم وتجارتهم للسكن والعمل والاختباء من عيون المستعمر البريطاني .
وبخصوص كيف كانت عدن وكيف غدت؟
اقولها آسفاً: هناك من عمل ويعمل على تشويه عدن ولحج وغيرهما، تشويه مدنيتها وتحضرها وتسامحها ورقي أهلها ووطنيتهم ووحدويتهم، وهدفهم في ذلك تشويه صورة ابناء عدن الشرفاء العقلاء والمدنيين وتصفية حسابات اخرجت بعض المتنفذين السابقين في سلطة ماقبل الوحدة في كان يسمى باليمن الديمقراطي سابقاً ممن فقدوا مصالحهم هم وأتباعهم .
وفي تقديري أن ما يجري يستدعي التعامل العاجل والوقوف السريع حياله من قبل أبناء عدن المطالبين اليوم بالدفاع عن مدنيتهم وتاريخ مدينتهم، تاريخها اليمني ، النضالي ، المدني ، الإنساني ، الحضاري ، الوحدوي.
كيف تُشبه ما كان يجري في عدن قبل وبعد الثورة والاستقلال وما يجري اليوم، وأعني هنا كيف كان وضع الناس ، وكيف كان يتعامل الاستعمار مع اليمنيين وفي المقابل : كيف كان يتعامل أبناء عدن مع اخوانهم كما حدث بالأمس القريب؟
- الاستعمار وسياساته وأجندته ، دوماً خبيثة وفي كل زمان ومكان تتشابه بصماته وسلوكياته وأهدافه ، ومن ذلك أن الأنجليز كانوا يعملون بكل وسائلهم لإيجاد شرخ اجتماعي وفوارق بين أبناء الشمال والجنوب وبين ابناء عدن وبقية أبناء المحميات ، ومثلما حصل ويحصل مؤخرا في عدن ضد المواطنين الآخرين، في ظل العملاء الجدد ممن افقدتهم الوحدة اليمنية مصالحهم الاستغلالية.
ما يحصل حاليا كان يحصل كثير من ملامحه في عدن ولحج إبان الاحتلال البريطاني، الذي كان يقوم بترحيل اليمنيين، ويطردهم من أعمالهم، واليوم تتكرر نفس تلك المشاهد، مع فارق بسيط يتمثل في ان المنفذين والمشرفين يمنيون للأسف، وتنوع المشرفون والممولون ..لكن في نهاية الأمر يبقى الاستعمار هو الاستعمار وإن اختلفت اقنعته ومنفذوه وشعاراته ودور العملاء واحد.
كم استمرت سياسة وتأثيرات الاستمعار البريطاني على جانب الوحدة الاجتماعية والنفسية والنسيج الوطني ، الذي كان يقوم بمحاولة تمزيقه على الدوام؟
- في الواقع استمر قليلاً بعد الاستقلال (الثلاثون من نوفمبر1967م) ، لأن الأنجليز تركوا عناصرهم المحليين/ في المجتمع باسم من ادعوا انهم أبناء الجنوب العربي ، وهؤلاء نفسهم اليوم هم من يقوم بهذه الأعمال اللاوطنية واللإنسانية ، وبموجب أجندة وتوجهات وإشراف من قبل مستعمر جديد اشتراهم برخص التراب، وهذا أمر معروف لدى الجميع، لكن القوى الوطنية وعلى رأسها شرفاء الجبهة القومية وقوى الوطن الحية الأخرى تصدوا لأصحاب تلك النزعات والشعارات والسياسات المناطقية الاستعمارية البعيدة كل البعد عن مبادئنا وثوابتنا وقيمنا كيمنيين في شمال الوطن وجنوبه، وسرعان ما تلاشت وانتهت كل أصواتهم أمام المد الوطني الوحدوي والقيم الأصيلة.
برأيك ما أهم أسباب تفشي هذه الممارسات في عدن رغم أنها مثلت قبلة للمدنية وللنضال الوطني المشترك؟
- في الواقع هي ليست متفشية ولا ظاهرة منتشرة، سواء في محافظة عدن أو غيرها من المحافظات الجنوبية ، لكنها تعد عبارة عن سلوكيات وممارسات تسعى الى تنفيذ أجندة ومشاريع خارجية وجدت لها ادوات في الداخل ، وهؤلاء الوكلاء يقومون بإرهاب الناس سواء أبناء الجنوب أو أبناء الشمال المتواجدين في الجنوب ، وربما ان الذي ساهم في تنفيذ بعض هذه الممارسات والأجندة هي الحماية العسكرية الأجنبية في الجنوب والمال المدنس الذي يوظف لتجنيد بعض الشباب ومحدودي المعرفة والخبرة والمستوى التعليمي الذين هم مستعدون للتخلي عن وطنهم وثوابتهم وقيمهم ، وحتى أسرهم مقابل ذلك لكن معظم الأسر ، إذا لم يكن جميعها ،ترفض مثل هذه السلوكيات، المدانة أساساً من أبناء عدن الذين مثلوا روح المدنية والتعايش والتسامح خلال عقود طويلة ، مع غير اليمنيين، فما بالك بأبناء جلدتهم.
كيف يمكن التغلب على هذه النزعات والمشاريع واستعادة وهج عدن ولحج وردفان والضالع الثورة والوحدة والتسامح؟
- من واقع خبرتي وبالنظر للتاريخ الطويل ، تاريخ النضال الوطني المشترك، والتلاحم الوطني في جميع الأحداث التاريخية والتحولات الوطنية، أعتقد أنه سرعان ما تذوب هذه العنتريات الآنية والمستوردة وتنفضح اهدافها المناطقية والسلطوية ومحاولة استعادة مراكز لا أحقية لهم بها ولن تتغلب مطلقاً على الروح الجماعية اليمنية وعلى المحبة والتسامح والمصالح المشتركة والمتداخلة بين أبناء الوطن الواحد ، لأن منطق الواقع وتجارب البشرية جمعاء تقول إن قوة المجتمعات ومساراتها واستشراف مستقبلها، هو في وحدتها وتماسكها وتعايشها، وبالتالي، فإن السواد الأعظم من أبناء الجنوب ومعهم النخب السياسية الواعية والمثقفون يدركون أن ما حدث من ممارسات مرفوضة وأن الامر الطبيعي والذي يجب أن يكون يتمثل في التخلص من هذه الشوائب ، واستعادة روح الوئام الوطني ، مهما كان هناك من تحديات ومغريات وأموال وإعلام موجه ومكائد، فهذا شعب أصيل وتاريخي ومدرك للأشياء ولا تنطلي عليه أي ألاعيب من هذا النوع . ولنا في ذلك خير شاهد الزخم الوحدوي في الشمال والجنوب قبل وبعد الوحدة وفي صيف 1994م وكذلك ما جرى قبل الاستقلال وبعده ، من تسويق لمشاعر الكراهية وسياسات حاولوا من خلالها العبث بيمنية وأصالة هذا الشعب .
هناك من يرى أن مشاعر الكراهية ضد الوحدة اليوم في عدن وبعض المحافظات في أعلى منسوب لها ، وغير مسبوقة.. ما تعليقكم؟
- هذا غير صحيح، المسألة هي إعلام موجه ، وأموال تُضخ وترهيب للناس ومحاولات كبت المشاعر الوحدوية المتأججة في الناس ،الذين يرفضون ما يجري جملة وتفصيلاً، اضافة لذلك ربما أن هناك ترهيباً وتخويفاً للناس الذين يرفضون ما يجري بيمنيتهم ووحدتهم من خلال أعمال القتل تحت مسميات عدة بما فيها الإرهاب ، لكن هذه الأجندة محدودة ولا تستمر كثيراً ومفعولها يتلاشى ، وصدقني إن أيام هؤلاء قريبة ولن يدوم هذا الوضع ، الجنوب مجتمع حر وأبيّ وصعب المراس وليس من السهل أن تقوم جماعات معينة وقوى تعمل تحت إمرة الأجنبي أن تكسر إرادته.. وإن غداً لناظره قريب ، وعلينا أن نعود للخلف قليلاً، سنجد أن أبناء عدن والنخب الشرائح الاجتماعية وقيادات وأعضاء النقابات المختلفة كنقابات عمال الميناء مثلا والتربويين وغيرهم كانت تثور دائماً ضد سياسات الاستعمار ومنها سياساته نحو أبناء ماكانت تسمى بالمحميات والشمال من الوطن وكان هؤلاء النقابيون خير سند لإخوانهم من أبناء محافظات الوطن الشمالية والشرقية والوسطى وغيرها ، لأن تاريخ هذا البلد اصلاً واحد ومشترك .فالتنوع فيه إنما هو تجسيد لواحديته ، بمعنى تنوع وتعدد نادر تحت سقف الوحدة والمصير الواحد والقواسم المشتركة.
ونحن نحتفل بالذكرى الـ26 لإعادة تحقيق الوحدة المباركة.. ما رسالتك الأخيرة؟
- رسالتي لأبناء المحافظات الجنوبية ألخصها بالآتي : تذكروا جيداً أن تاريخ هذا الوطن ومصيره مشترك ، وأن الآلاف من آبائكم هم من ساهموا بقوة في تفجير ثورة 26سبتمبر ضد الحكم الإمامي البغيض وكانوا مع رفاق درب السلاح والكفاح الوطني الشريف من أبناء المحافظات الشمالية هم أبطال الثورة وهم من دافع عنها أثناء حصار السبعين يوماً في صنعاء ، وتذكروا أن عدن كانت متنفساً ومأوى لكل أبناء الوطن من مختلف محافظاته ، وتذكروا أن المحافظات الشمالية كانت هي ملاذ أبناء الجنوب عبر التاريخ حيث كان يلجأ إليها مئات الآلاف من آبائكم وإخوانكم أثناء موجات العنف والصراع في الجنوب ، والتاريخ لا يمكن أن تمسحه كفّ الزمن أو تؤثر فيه.
لهذا اعملوا على لملمة الجراحات وتصدوا لأي أفكار هدامة تريد النيل من نسيج وطننا الاجتماعي واستبدال الوحدة اليمنية بشعارات عبثية ومقيتة لن تخدم مستقبلنا أبدا .وفي النهاية ما يصح إلى الصحيح ، اليمن وطن الجميع فلنحافظ عليه وندافع عن مصالحه وثوابته .
أما رسالتي لاخواني أبناء المحافظات الشمالية فأقول لهم: لقد كنتم وما زلتم إنموذجاً في التسامح والوحدة والتعايش والتسامي فوق الجراحات ، فلنعمل جميعا لتجاوز آثار الصراع الداخلي والعدوان الخارجي وما سببه لوطننا من مآسٍ ولوحدتنا من أوجاع ، ولنستعد بوصلة المحبة والنضال من أجل المستقبل ، المستقبل المشرق لكل أبناء الوطن اليمني الواحد ..
وعلينا في هذه المناسبة الغالية أن لا ننسى تهنئة أعلامنا ورموزنا الوطنيين الذين كان لهم بعد الله فضل كبير في تغير وجه البلاد نحو الأفضل وعلى رأسهم الزعيم علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر- الذي وحد اليمن وأرسى دعائم الحرية والديمقراطية .. فكل عام وزعيمنا ووطننا وكل شرفائه وأبنائه الأبرار بألف خير وعافية ومجد وسلام ونهوض..
|