عبدالولي المذابي - بدأ المؤتمر الشعبي العام مسيرته بالحوار والشراكة في الحكم وتقبُّل الآخر وحقق نجاحات باهرة في التعاطي الديمقراطي سواءً على المستوى التنظيمي أو على المستوى الوطني، وسُجلت باسمه أكبر الانجازات الديمقراطية السبَّاقة على المستوى الاقليمي والعربي، فيما يتعلق بالانتخابات النيابية أو المحلية أو الرئاسية المباشرة.
ولعل ما يميز مسيرة المؤتمر هو ذلك الانفتاح على الآخر واستيعاب كل الآراء داخل المكون التنظيمي، وعلى المستوى الجماهيري والسياسي تميز المؤتمر بالتسامح والمنهج الوسطي المعتدل والذي تم تكريسه في كل المراحل والمنعطفات التي عاشها الشعب اليمني، وهو ما أثمر إيجاباً في تجنيب البلد الدخول في الصراعات والفتن والحروب الأهلية في أحلك الظروف وأخطرها..
ولعل دعوات الزعيم علي عبدالله صالح- رئيس المؤتمر الشعبي- المستمرة للمصالحة الوطنية على أساس الثوابت الراسخة التي توافق عليها كل اليمنيين وعلى رأسها الوحدة والنظام الجمهوري الديمقراطي واعتماد الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للقوانين والتشريعات خير دليل على ذلك..ولايزال رئيس المؤتمر والقيادات العليا برغم كل الجراح مستمرين بإخلاص في دعوة كل الأطراف السياسية والقوى الاجتماعية والمنظمات المدنية إلى تغليب المصلحة العامة وطي صفحة الماضي والتوقف عن الشحن الطائفي والمناطقي والمذهبي والابتعاد عن ثقافة الكراهية.. والانصياع جميعاً للتعايش السلمي واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم في التعبير المسئول عن آرائهم ورؤاهم.
ولاشك أن اهمال الطرف الآخر لدعوات المؤتمر للمصالحة والتعامل معها بسخرية واستخفاف على الرغم من اهميتها أدى إلى تراكم الخلافات وتعقيد مسار التسوية السياسية السلمية وزرع الكثير من الأشواك في طريق الحل، وحصد الجميع ثمار هذا السلوك والثقافة المشوهة المعادية للحل والمجافية للعقل والمنطق وقيم التعايش والشراكة في إدارة شئون الدولة.
ومن المؤسف أن البعض لايزال في غيّه وعناده رغم الكارثة التي حلت بالجميع دون استثناء، ولا بأس من دعوة الجميع مجدداً إلى التسامح والتصالح والسمو فوق الجراح من أجل الأجيال القادمة التي ستجني ما زرعناه..ويُحسب للمؤتمر الشعبي العام أنه امتلك زمام المبادرة ودعا الجميع إلى التسامح وبدأ بنفسه من خلال اللقاءات الرمضانية التي دشنت في كافة فروع المؤتمر متخذاً من هذه المناسبة الدينية العظيمة والغالية بداية لإصلاح ما مضى، وحث أعضاءه وأنصاره ومؤيديه على ترسيخ قيم المحبة والسلام بين اليمنيين دون فرز أو تمييز على أساس الحزب أو المنطقة والمذهب، وذلك هو جوهر الإسلام الذي استمد منه المؤتمر الشعبي العام منهجه وطريقته الوسطية والمعتدلة والملتزمة أخلاقياً بتحقيق مصلحة الجماعة.
أثبتت التجارب السابقة أن المؤتمر الشعبي العام كان على الطريق الصحيح عندما ثبت على مبدأه وحقن دماء الناس ولينجر لتلك الدعوات الحاقدة للرد بالمثل ولم يأبه بسخرية البعض من مواقفه المسالمة واعتبارها ضعفاً وانكساراً، وها هو اليوم يثبت للداخل والخارج أنه الحزب الوطني الأقوى والأجدر بالدفاع عن المصالح الوطنية الكبرى وأنه الأقرب للناس والمعبر عن شخصية وأخلاق المجتمع اليمني والهوية الحضارية الراقية واللائقة بالتاريخ العظيم للشعب اليمني..
وعلى جميع أعضائه وأنصاره أن يكونوا عند مستوى المسئولية والمبادرة لإذكاء روح المحبة وقيم التسامح وتطبيب جراح الوطن.
|