زعفران علي المهنا - من جنود الوطن الصامدين الشامخين حدثني عن رغبته في فك الابواب الموصدة تلك الابواب التي أغلقها ألم مخلوط بالاحلام فاتفقنا أن نترافق سوياً في أحياء هذا الوطن الغالي لنتشارك الاجر في توزيع السلة الرمضانية للمتعففين خلف تلك الابواب..
فنحن جنود والجنود دوماً هم جند الله وروحه الذي لايراه أصحاب المشاريع العفنة سررنا كثيراً بطلبه وجهزنا أنفسنا بأن ينضم إلينا، حددنا وجهتنا وحددنا اليوم والساعة..فأقبل متهللاً فرحاً مسروراً في أبهى حلته تتطاير رائحة العود والمسك منه يحمل أكياساً عدة.. وبعد الترحيب تسللنا الى مقاعدنا داخل السيارة وهويردد.. مرحى بريحة الجنة هيا لنبدأ بفتح الابواب الموصدة تلك الابواب التي تحمل ألماً وحلماً، وأكد أن الحزن مثل الفرح يجب ان نطرق له الابواب علنا نخفف من عبء الضغط على من يقطنون خلف تلك الابواب.. وبدأنا المشوار وصلنا للباب رقم واحد استحلفنا بالله ان ينزل بمفرده بما أنه ضيفنا في الرحلة الى الجنة فكان له ماشاء واستل من مقعده وسحب أول سلة ورشها بعطر العود الفاخر وأدخل ظرفاً وهو يقول :مرحى بريحة الجنة هيا نفتح الابواب الموصدة وحملها وهو سعيد وطرق الباب وبعد لحظات من الطرق دخل الى المنزل ولبعض الوقت خرج مهللاً مسبحاً يردد مرحى بريحة الجنة.. وأخذ مكانه داخل السيارة وبدأنا مواصلة طريقنا وهو مواصل حديثه فقال طرقت الباب فأدخلوني بعد الاستئذان لأجد عجوزاً أعمى حبيس الجدران يجزم بأن الشارع مجهول بالنسبة له وابنه مدرس توفي بمرض السرطان ولديه أربعة أحفاد في معيته خلف باب مغلق.. ولا يعلم أنه من يفتح لي الباب الموصد تحاشيت النظر اليه عند جملته الاخيرة التي رافقتها عبرة.. مؤكداً أننا نحن من تحاصرنا الابواب وليس هذا الكفيف المبصر وصلنا الى الباب الثاني وكما اتفقنا هو من سيقوم بالانزال وفتح الباب الموصد وكما في الباب الاول دفع بالكيس الى بين يديه ورشه بعطر العود الفاخر وأضاف ذلك الظرف وحمله فوقه واتجه نحو الباب وبعد ان فتح له الباب ماهي إلا لحظات وتوارى خلف الباب الذي فتح وانتظرت هذه المرة بقلق كيف سيعود بعد أن كان في بابه الاول كفيفاً وعاد وهو يسبح ويهلل وأخذ مقعده ولم يلتفت هذه المرة نحونا داخل السيارة ولكنه قال :يقول انه فقير مقعد بعد أن فقد وظيفته حتى زوجته توقفت مكينتها عن الخياطة بسبب انقطاع الكهرباء وفوق ذلك اخبرني بأن ابنه أخذ الترتيب الاول في مدرسته، ودَّعته وهو لايعلم انه فتح لي بابي الموصد فقد كنت الأول بين زملائي من رجال الاعمال في المديونية هذا العام بسب فقد الكثير من أنشطتي التجارية ولايعلم كم تحطم ولدي عندما أخرجته من المدرسة الدولية للمدرسة الحكومية التي تجاور منزلنا من سنين..
يا استاذة ما أحلى ريحة الجنة عندهم حسبتهم أغنياء وهم يتضورون جوعاً وبرداً ورهبة لا يحقدون ولا يحسدون ولا يتمردون كل ما هنالك أنهم يحلمون بألم خلف أبواب الجنة الموصدة التي لانحرص على أن نفتحها بأيدينا ..
رافقنا الذهول والصمت في طريقنا للبيت الثالث وكما سبق نزل من مقعده دفع بالسلة الغذائية بين يديه ورشها بعطر العود الفاخر ووضع نفس الظرف وحملها على كتفه وطرق الباب وكما سبق لحظات ودخل المنزل فعندما توارى الى الداخل.. اخذتني الغصة وبدأت أفهم مايقصد بفتح الابواب، قطع تفكيري خروجه واتجاهه نحونا بنفس التهليل والتسبيح وأخذ مكانه.. فسبقته بالحديث وقلت له: أعرفها وأعرف ماذا ستقول عنها يامن تبحث عن أبواب الجنة ورائحتها، أدار رأسه نحوي.. أكملت حديثي لقد ابيض شعرها ليس من تزاحم السنين او من مرارة تجربتها ولكن حزن على منزلها الذي تفجر وفقدت كل عائلتها وهي الآن في معية ابن أخيها الذي تركها وترك أولاده وذهب يدافع عن وطنه، يمضي الشهر والشهران ولايستلم راتبه.. فهز رأسه بقوله: نعم ما أحلى رائحة الجنة عند قدميها.. فوالدتي ماتت كمداً بسبب أخي الذي ظن أن الصح في ان يكون بين من يبيعون الاوطان فغادرت الدنيا حزينة على من غرسته في جذور هذا الوطن وأتى العملاء والمرتزقة واقتلعوا غرسها.. هذه ذات الشعر الابيض التي قاربت على الثمانين عاماً هي من ستفتح لي الابواب الموصدة..
هيا نكمل طريقنا وبلكنته.. هيا شَرَقْ نشتي نلحق ريحة الجنة خلف الابواب الموصدة..
أنهينا يومنا وودعناه وهو يحدث من رافقنا:يا أولادي هذه السنة كلما شممت رائحة العود والمسك سوف تتذكرون هذه السويعات التي تسابقت أنا وأنتم فيها على أبواب الجنة .
تركنا وهو يهلل ويسبح وقد ترك فينا أبواباً كثيرة يجب ان تُفتح ورائحة عود تزاحم رائحة الفطورالتي تنبعث من كل بيت في هذه اللحظة قبل الغروب ..
#أنا_يمني_وأحب_وطني
ملاحظة :حسب طلب مرافقنا لم يتم تصوير أو توثيق السلات الرمضانية
|