محمد أنعم - التداعيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها اليمن، وتزايد التصعيد العسكري السعودي وكذلك الدعم السخي الذي تقدمه للمرتزقة ومدهم بمختلف الأسلحة وغيرها، وتزامن كل ذلك مع الصمت الدولي المخجل، كلها مؤشرات تبدد آمال وتطلعات الشعب اليمني في ايجاد حل سياسي سلمي للازمة اليمنية عبر مشارورات الكويت التي يمكن القول انها وصلت الى طريق شبه مسدود..
وبات من المرجح أمام انسداد المشهد السياسي ان تفرض السعودية خيار الحسم العسكري لحل الازمة اليمنية، لتقوض بذلك الخيار السلمي الذي تدعمه وتباركه دول العالم عدا النظام السعودي، خصوصاً وان محمد سلمان وزير دفاع العدو السعودي قد حمل في جولته الأخيرة الى الولايات المتحدة، والامم المتحدة ملف الازمة اليمنية وليس ملف الخلافات السعودية الإيرانية، ولا ملف الصراع العربي الإسرائيلي، أو ملف مكافحة الإرهاب وتجفيف بؤره، ما يشير الى ترجيح فرض السعودية الخيار العسكري ونسف مشاورات الكويت بالكامل.. وهذا هدف وغاية محمد سلمان الذي يتلهف بجنون اكثر من أي وقت مضى الى أن يحسم ملف الازمة اليمنية عسكرياً لان مستقبله السياسي مرهون بتحقيق انتصار عسكري ولو تطلب ذلك ابادة اغلبية الشعب اليمني، المهم ان يحقق محمد سلمان طموحه في ان يفرض نفسه (كبطل) للجلوس على كرسي ملك أسرة آل سعود، وذلك لن يكون ممكناً الا بهزيمة الشعب اليمني -حسب اعتقاده- وفرض هيبته وسطوته على بقية الامراء الذين يقفون حجر عثرة امام تحقيق طموحه، ويتخذون من فشله في اليمن حجة لتأكد عدم أهليته وجدارته لتولي حقيبة وزارة الدفاع، وبدأت ترتفع اصوات تطالب بإقالته منها فوراً وهذا يعني أنه لم يعد هناك أي فرصة امامه للحكم في البلاد.
حقيقةً ان هزيمة جيش آل سعود وتحالف العدوان في اليمن مشكلة تؤرق محمد سلمان ليل نهار، هذه الهزيمة تمثل نهاية سريعة وقاتلة لحياته وأوهامه السياسية، خاصة وانه قد مر أكثر من عام على العدوان الذي يقوده محمد سلمان ولم يحصد إلا المزيد من الفشل والذل والعار لشخصه وللملكة ولأسرة آل سعود والذين يحمّلون سلمان عبدالعزيز وولده المعتوه محمد مسؤولية كل ما يلحق بالسعودية من أضرار عربياً وإسلامياً ودولياً..
هذا خلافاً عما يواجهه من ضغط داخلي والذي أصابه بحالة نفسية خصوصاً بعد ان اصبح يسمع اصواتاً داخل القصور الملكية يحمدون الله الذي قيض لهم الشعب اليمني وجيش عفاش ولجان الحوثي الذين استطاعوا ان يكسروا غرور وتجبر وطيش وغطرسة المعتوه محمد سلمان..وتظهر هذه السعادة لدى الأسرة الحاكمة والشارع السعودي وهم يتابعون اخبار المعارك وبسخرية اطلقوا عليها (هزائم الصبي محمد وابوه سلمان في صافر وتباب الجان) وهي معارك استطاع اليمنيون ان يمرغوا فيها وجه محمد سلمان بالوحل.. هذه الهزائم دفعت الصبي محمد الى تناول المخدرات بشكل جنوني هروباً من هزائمه في اليمن وبات يدرك انها تعني القضاء نهائياً على طموحاته، بعد ان ضعف موقفه وضاعت هيبته وحدت عنجهيته واصبح بسبب ذلك مجرد أمير فاشل وخائب، مكروه داخل القصر الملكي او خارجه، بل انه أصبح محل سخرية وازدراء لدى الأمراء وفي الشارع السعودي وفي المحافل العربية والدولية، لأنه من جلب للجيش السعودي وتحالف العدوان العار والهزائم في معارك اليمن، ولهذا فمن الطبيعي جداً وبكل الحسابات والمعايير انه غير مؤهل ولا جدير لتقلد أي منصب مستقبلاً هذا ان لم يتم التخلص منه ومن والده لإنقاذ السعودية من الانهيار والتفكك..
يدرك تماما الصبي محمد ووالده ان مخططهما لتوارث الحكم على ذرية سلمان قد فشل فشلاً ذريعاً، وان نجاح الحل السياسي السلمي للازمة اليمنية في مشاورات الكويت سيكون بمثابة حبل مشنقة تقضي والى الأبد على مستقبل أولاد سلمان، وليس امامهم الا تحقيق أي انتصار في اليمن والذي سيكون بمثابة مبايعة مطلقة لتمليك اولاد سلمان كرسي الملك في المملكة..
لهذه الأسباب يستعد مجدداً محمد سلمان لخوض هذه المغامرة تحت شعار (الملك أو الموت) والتي تجد لها تأييداً ودعماً من قبل بعض امراء السعودية ومشائخ الوهابية المشاركين في صنع القرار ليس حباً فيه، ولكن لإيمانهم وقناعاتهم الكاملة انه لا يمكن التخلص من غطرسة وتجبر هذا الامير المعتوه الا بالقضاء عليه نهائياً ووأد طموحاته في ارض اليمن..
ولذلك قام قائد القوات البرية السعودية فهد بن تركي بزيارة إلى مأرب الأربعاء وعقد لقاءات مع مرتزقة السعودية والذين يخوضون معارك على مدى اكثر من عام جوار تبة المصارية وكوفل في سياق التحضير لجولة جديدة من الحرب للتخلص من محمد سلمان.. وتزامنت مع ادخال ترسانة كبيرة من الأسلحة والذخائر عبر منفذ الوديعة..
وبالمقابل قام بان كي مون الامين العام للامم المتحدة بقرع طبول الحرب في اليمن بمحاولة فرض خارطة طريق لحل الازمة اليمنية وبما يوافق اجندة محمد سلمان.
غير ان الأحزاب اليمنية المتصدية للعدوان وفي المقدمة المؤتمر واحزاب التحالف وانصار الله حذرت- الاربعاء- السعودية من مغبة التفكير بخيار الحسم العسكري، وتوعدت باللجوء إلى خيارات سياسية اخرى لم تكشف عنها.. وجاء هذا التهديد بعد رفض مجلس الأمن للمرة الثانية اعتماد خارطة طريق سعودية، كما رفض الوفد الوطني في ذات الوقت ما جاء في احاطة ولد الشيخ التي قدمها لمجلس الامن الثلاثاء..
هذا الموقف الوطن الشجاع جاء مع انتصارات مشهودة حققها الجيش واللجان الشعبية في تعز ولحج والجوف والبيضاء ومارب ولعل اهمها الانتصارات في لحج والتي اجبرت القوات الأمريكية على مغادرة قاعدة العند، ما دفع الفار هادي الى محاولة التخفيف من وقع وتأثيرات هذه الهزيمة الى اصدار توجيهات بصرف اموال لأكثر من 15000 مرتزق في تعز ومدهم بالأسلحة المختلفة عبر المرتزق رشاد العليمي ،غير ان هذا الكرم اصبح مفضوحاً خصوصاً بعد ان اوشكت عدن ان تصبح في مرمى مدافع الجيش واللجان، غير أن اللافت أن تحرك الجيش واللجان نحو تحرير عدن مثَّل خطوة استباقية لإجهاض أي تحرك عسكري سعودي يخطط له محمد سلمان، ما يؤكد ان ثمة معلومات سرية يجري تسريبها من داخل اروقة صنع القرار في السعودية في اطار صراع الامراء على الحكم، والذين يعدون لأن تكون المعركة القادمة في اليمن حاسمة للتخلص من محمد سلمان ووالده.
|