عبدالرحمن مراد -
خلال ما سلف من أيام رأينا حالة القلق والاضطراب التي عليها العدوان والتحالف والعملاء من أبناء جلدتنا، ففي حين كانت الصدمة الأولى ذات وقع كبير على نفوس قادة التحالف الذين سارعوا الى إجبار وفد الرياض على العودة الى الكويت بعد أن أعلنوا عدم العودة ويومذاك تناقض الخطاب الاعلامي لدول العدوان الى درجة الابتذال والسماجة في تبرير أسباب العودة فكل فضائية من فضائياتهم كانت تقول شيئاً مختلفاً ومناقضاً للأخرى، وخرج ناطق التحالف والعدوان العسيري، ليقول إن ما يحدث في اليمن هو صراع يمني-يمني ولا علاقة لبلاده بما يحدث، ويبدو أن الناطق فقد صوابه فأصبح يهرف بما لا يعرف، وكان لمثل ذلك بيان واضح عن الحال الذي تركه المجلس السياسي في نفوس العدوان وفي نفوس أرباب التحالف.
وظنَّوا أن المجلس السياسي لا يعدو عن كونه ورقة ضغط لعودة وفد الرياض الى الكويت وكان رهانهم يصبُّ في توسيع دائرة الخلاف التي بدأوا بالاشتغال عليها في شبكة التواصل الاجتماعي وفي أبعاد الخطاب التحليلي السياسي في الوسائل الاعلامية، ورأوا في عودة الوفد الى الكويت استمراراً في توسيع دائرة الخلاف بين المؤتمر وأنصار الله وقطعاً لمبررات الاتفاق لكون الاتفاق سيترك أثراً على المباحثات وهو ثنائي ولا يمثل أحداً، وعزفوا على هذه المفردة زمناً طويلاً حتى تفاجأوا بجدية الموقف وبالاستمرار فيه، وهو الأمر الذي كان له تأثير متعدد المستويات، ففي المستوى العسكري أعلن تحالف العدوان عن خطة الحسم العسكري وسلَّم الأمم المتحدة خطته في ذلك الحسم المزعوم، ولم يتوانَ عن اشعال الجبهات وتكثيف الغارات وقد وقع كعادته في جرائم حرب ضد الانسانية، ودلَّ التناقض في التصريحات عن تلك الجرائم على مدى الاضطراب والقلق والخوف الذي وقعوا فيه.
ففي حين يعقد الفار المخلافي مؤتمراً صحفياً لتبرير جرائم العدوان ويسارع ناشطو التواصل الاجتماعي الى القول إن ما حدث في مصنع «البفك» لم يكن من قبل طائرات العدوان السعودي الأمريكي بل من قبل مدافع الحوثي وعفاش، ظهر أحد قادةالسلاح الجوي السعودي في قناة «الميادين» ليقول إن الاحداثيات تأتي من الفار هادي وحكومته وأي أخطاء في الأهداف يتحمل هادي وحكومته مسئوليتها ومن هنا تكون الصورة قد اتضحت لكل متابع حصيف، فالاخوان يعملون جاهدين على توريط السعودية في الملف اليمني لتحقيق عدة أهداف وليس هدفاً واحداً وأقل تلك الأهداف الاستمرار في خوض المعركة العسكرية بالنيابة عنهم في اليمن واستمرار تدفق الأموال لأنهم يعلمون أن مصيرهم مرتبط بالانتصار العسكري وهم بالضرورة سيفقدون كل مقومات وجودهم وتأثيرهم في المعادلة السياسية اذا ما كان الخيار هو خيار التسوية السياسية، وكانت الاحداثيات الخاطئة ذات أهداف استراتيجية لأنها تحفظ لهم قدراً من الاستمرار في المساحة الحرة للعبة السياسية اليمنية، ومع تطور الأحداث في الحدود الشمالية لليمن مع المملكة وتغير العلاقات الجيوسياسية والتفاعلات الديمغراطية تجد السعودية نفسها ذات ارتباط عضوي بحلم الاخوان في تحرير صنعاء كما يزعمون، ولذلك سارعوا الى الترويج لفكرة دخول صنعاء في المواقع الالكترونية واعلنوا استعدادهم لانجاز تلك المهمة في ظرف زمني لن يتجاوز 72 ساعة- حسب زعمهم- وقد حشدوا لذلك كل عدتهم وعتادهم ولم يبرحوا «نهم» ومحيطها رغم الغطاء الجوي المكثف، بل الثابت هو تكبدهم خسائر كبيرة في الأرواح وفي العتاد، وحتى لا يفقدوا ثقة قادة المملكة..
صرح أحدهم بالقول إن خطة التحرير تقتضي اعادة ترتيب ومثل ذلك يتطلب وقتاً اضافياً، وحتى يتمكنوا من اعادة الترتيب طلبوا من العدوان اعاقة اجتماع مجلس النواب عسكرياً ودبلوماسياً وسياسياً ولم يفلح معهم الأمر شيئاً رغم كل الاجراءات وحين بلغ بهم اليأس مبلغه خرج المخلافي عن لياقته ليقول على ملأ من الناس: اذا اجتمع مجلس النواب ستكون طائرات التحالف مضطرة الى قصفه وتلك هي أقصى أمانيهم، لا يريدون حواراً ولا شراكة ولا شرعية ولا عودة الى اليمن ولا يريدون استقراراً، كل الذي يريدونه هو بقاء الحال على ما هو عليه.. وأنَّى لهم مثل ذلك؟!!