د. أحمد عبدالله الصوفي - لاشك أنه وحده الأزل وهو الباقي لايزال.. والمؤتمر الشعبي قياساً بهذا الأصل الديني من الكائنات المنقرضة مثل الديناصورات التي فنيت تحت وابل من الجمر أرسلتها مجرة سماوية.. ولكنه المؤتمر وحده من عبر ضفاف التناحر الوطني في ثمانينيات القرن الماضي، وهو الذي تخطى هاوية الربيع العربي محتفظاً بكامل قوته ومتماسكاً بكل تكويناته.. آخر أمراضه في 2011م، ثم تجاوز نفق المرحلة الانتقالية التي تحولت من قضية نقل السلطة الى قضية الاستيلاء على المؤتمر واضعاً رجلاً واحداً مثل «الدنبوع» يحكم بيده السلطة والجيش والأمن والأحزاب مجتمعة منها قيادات مؤتمرية، وبيده المال ومن خلفه دعم دولي (احتشد العالم ليصنع منه رئيساً) لكنه غرق في لجة المؤتمر الشعبي العام ورحل فاراً، وبقي المؤتمر الذي لم يلوث يده بمصير رجل تافه، ثم جاءت جائحة الحمق السعودي لتفتك بشرف الشعارات والأيديولوجيات والتهمت كبرياء عقائد، ولم يقف مثل الاشجار المقدسة سوى أقدام الحصان ولم يشهد العالم الذي احتشد إما بقواته أو بمرتزقته أو بدناءة قيادته السياسية أو بتواطؤ منظماته الدولية أو بخسة إعلامه أو بنفاق مبادئه وقراراته الدولية غير رجل واحد من خلفه حزب تأسس في البدء من شظايا هذه المزق التي مازالت تقاتل الوطن وتناهض استمرار نهضته الحضارية.
هذا المؤتمر بعد أكثر من ثلاثة عقود يحتفل بذكرى تأسيسه تحت قصف العدوان وفي أجواء يفرض كلفتها الباهظة الحصار وفي بيئة أصبح القتال والتفكير والإمساك بالأمل كما المؤمن الممسك على الجمر.. كيف لا نحتفل لنعرف ونعرف أن هذا الحزب صمم من خلجات ضمير وطني وعافيته في عروقه وفي نبضات ميلاده الوطني الخالص.. حزب لم يستورد أفكاره.. لم يعتمد على أمواله في السلطة أو الثروة.. حزب قوته في صبره على حقائق التاريخ وصلابته في مرونة تحاوره وريادته في معرفته وجهة التاريخ الإنساني وهويته في استحضاره أمجاد حضارته واستمراره في تضامنه مع تطلعات شعبه وتألقه في نقاء نخبته التي صمدت وعملت تحت قيادة الزعيم علي عبدالله صالح الذي آمن بأن الشعب هو السلاح وأن حنكة القائد هي البوصلة لهذا الحزب الذي وُجد ليبقى.. وسيبقى أقوى بعد تخلصه من أورامه وعاهاته.
|