علي محمد الزنم -
في يوم الـ24 من أغسطس1982م كان الشعب اليمني على موعد مهم وتاريخي، فبعد أن أقدم الرئيس الأكثر إقداماً على مستوى اليمن والمنطقة العربية على اتخاذ قرار السير في إنشاء تنظيم سياسي ينهي حالات العمل الحزبي السري ويخرجه من تحت الطاولة الى فوقها، تم في هذا التاريخ الإعلان عن ميلاد المؤتمر الشعبي العام بعد استبيان، تم إنزاله الى عموم أبناء الشعب اليمني وأخذ مختلف الآراء والملاحظات حول مشروع الميثاق وإنشاء كيان سياسي لكل أبناء الوطن، وكان من أبرز وثائقه الميثاق الوطني عنوان بارز ومحدد لتوجهاته في مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية لبلورة الرؤية الوطنية وإنضاجها بصورة تدريجية الى أن أثمر في تعزيز الجبهة الداخلية وإنعاش الاقتصاد من خلال استخراج النفط والاهتمام بالزراعة وبناء السدود والاهتمام بالتعليم والصحة وغير ذلك من المجالات المرتبطة بخدمة الإنسان اليمني، وقبل ذلك تحقيق الأمن والاستقرار، واستناداً الى ذلك بدأت خطوات متسارعة نحو تحقيق الوحدة اليمنية التي تحققت في الـ22 من مايو 1990م، وأعود لأربط كل ذلك بالاستقرار السياسي الذي تحقق بفضل الله تعالى ثم بوجود المؤتمر الشعبي العام الذي استوعب جميع التيارات من الإخوان المسلمين والبعث والناصريين واليساريين والمستقلين.. الكل كان يعمل تحت مظلة المؤتمر الشعبي العام كحزب او كيان جامع في مرحلة مهمة للغاية لولاها لكان الوطن سيظل تحت رحمة التجاذبات الحزبية التي تعمل من خلف الستار والمرتبطة بأجندة خارجية وتعمل بالوكالة وفق توجهات معينة منذ مابعد ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م وحتى مجيئ الشهيد إبراهيم الحمدي والذي كان لديه رؤى تقدمية ويسعى لبناء دولة مدنية بعد الانقلاب الأبيض على المرحوم القاضي عبدالرحمن الإرياني وما تلاه من أوضاع مضطربة تمثلت في اغتيال الحمدي والغشمي وتفجر الحرب بين الشمال والجنوب وكل تلك الأحداث تم احتواؤها تدريجياً واسكتت أصوات البنادق في المناطق الوسطى وبدأ عهد جديد قاده باقتدار وحكمة الزعيم علي عبدالله صالح الذي كان مدركاً أن تأسيس مجتمع ديمقراطي هو البداية الصحيحة لاستيعاب كل القوي السياسية التي تعمل سراً، فهذا هو علي عبدالله صالح، وهذا هو المؤتمر الشعبي العام الذي لا يمكن الفصل بين المؤسِّس والمؤسَّس.
وبعد تحقيق الوحدة والإعلان عن التعددية السياسية كان لزاماً مواكبة التغيرات، ووفقاً لدستور الجمهورية اليمنية عمل المؤتمر ضمن الأحزاب التي أعلنت عن نفسها بعد قيام الوحدة وكان هناك مشروع دمج بين المؤتمر والحزب الاشتراكي لكن هذه الخطوة لم يكتب لها النجاح.
وللأمانة فقد تحققت إنجازات كبيرة في حكم المؤتمر وتحمل العبء الأكبر في بناء الوطن والدفاع عن الوحدة والديمقراطية وتوالت الأحداث وبدأت مرحلة من التآمر على المؤتمر ومؤسسه وعلى الوطن بأكمله سواء من خلال محاولة الانفصال الفاشلة عام 94م أو بافتعال مشكلة جزيرة حنيش وتم حلها عبر التحكيم الدولي، كما أنجز المؤتمر مع القوى السياسية انتخابات نيابية في 93و 97و 2003م، ورئاسية في 99و2006م، ومحلية في 2001و2006م.. هذه محطات انتخابية أسس مداميكها الأولى المؤتمر بقيادة الزعيم علي عبدالله صالح.
ورغم كل هذه النجاحات فإن التآمر على القائد والمؤتمر ظهر من جديد، فبدأت حلقة الربيع العربي وحالة الفوضى التي مايزال الشعب اليمني وعدد من الشعوب العربية تدفع أثماناً باهظة بالأرواح والإمكانات التي بُنيت على مدى عقود دُمرت بسبب نزوة شيطانية وإرادتين داخلية وخارجية على هدف واحد وهو تدمير وطن واجتثاث كيان مهم اسمه المؤتمر الشعبي العام واغتيال قياداته الوطنية وفي المقدمة الزعيم المؤسس علي عبدالله صالح.
وبعد إنجاز نقل السلطة سلمياً لهادي عام 2012م حاول الفار ومن تحالف معه تفتيت المؤتمر او حله او مصادرة قراره ليكون شاهد زور من خلال استبعاد قياداته المخلصة وتسليمه لقيادات هزيلة ليست أهلاً لمهمة قيادة حزب بحجم المؤتمر الشعبي العام.
كل تلك المؤامرات حاولت تقليص دور المؤتمر منذ 2011م والتضييق على الحريات العامة وازدادت وتيرة القمع وسجن الصحفيين في عهد من رفعوا شعار ارحل، وكانت الكارثة الكبرى هي محاولة الإطاحة بمشروع دولة كادت أن تصل الى اكتمال مظاهرها بشكل أقوى وتوالت الأحداث الى استدعاء العدوان الخارجي بقيادة الشقيقة التي تحاول إعادة شق الوطن إلى شطرين، بل والمجتمع والأحزاب والأُسرة الواحدة، وكان المؤتمر هو الهدف الاول، فدفعت عشرات الملايين لشق وحدة المؤتمر أو لتغيير قياداته او لاستنساخ نسخة منه في الخارج، لكن كل تلك المؤامرات فشلت وإن كان الوطن والشعب يدفع كلفة كبيرة ثمناً لذلك.. ونحن نحتفل بذكرى التأسيس ونهنئ الزعيم وكل قيادات وأعضاء المؤتمر وأنصاره نقول: إنه وبرغم كل المؤامرات إلا أن قناعات أغلبية أبناء شعبنا اليمني، بل وأحزاب المعارضة وقياداتهم العقلانية صرحوا وبالفم المليان بأهمية الحفاظ على المؤتمر الشعبي العام كحزب وسطى يقبل بالآخر بعد ان جربوا فشلهم، ومن جديد ها هو المؤتمر يثبت أنه الحزب المرتبط بوطنه والمحافظ عليه.
عضو اللجنة الدائمة |