ناصر محمد العطار ٭ -
تعتبر سيادة الدول من اقدس واهم المبادئ السامية فبها ومن خلالها يسود السلام والتعايش والاحترام وتبادل المنافع بين الدول وعدم التدخل في الشئون الداخلية والقضاء على الاستعمار والوصاية، وعلى المستوى الوطني يتمكن كل شعب من حكم نفسه بنفسه وممارسة افراده لحقوقهم وحرياتهم واداء واجباتهم بالتساوي وفقاً لذلك تتلخص تلك المبادئ على مستوى أركان الدولة الثلاثة.. فمبدأ سيادة الشعب يقوم على نظرية العقد الاجتماعي وهو الدستور المتوافق عليه من افراد الشعب.. ومبدأ سيادة الاقاليم يأتي وفقاً للاختصاص الجغرافي لأقاليم الدولة.. ومبدأ سيادة السلطة العامة يأتي وفقاً لنظريات متعددة منها الدينية والقوة والتطور العائلي ونظرية التطور التاريخي وأخيراً النظرية الديمقراطية وهي الآلية الحديثة التي تمكن الشعب من حكم نفسه بنفسه كما اشرنا.. وفي الحكومات هناك اشكال متعددة فمن حيث اختيار رئيس الحكومة تكون جمهورية اذا كان رئيسها منتخباً من الشعب، وتكون ملكية اذا كان عكس ذلك، ومن حيث الخضوع للقانون تكون قانونية اذا كان الحاكم يخضع للقانون، وتكون مستبدة اذا كان رئيسها لايخضع للقانون، ومن حيث توزيع وتركيز السلطات الى الحكومات المطلقة وهي التي تتركز السلطات فيها بيد شخص اوهيئة معينة.. والحكومة المقيدة وهي التي تتوزع فيها السلطات على هيئات عدة تراقب كلٌّ منها الاخرى.. ومن حيث صاحب السلطة السيادية في الدولة تتفرع الى الحكومة الفردية وهي التي تتركز السلطات فيها بيد فرد واحد وتسمى سلطة الحكومة المطلقة وهي التي يتولى فيها رئيس الدولة عن طريق الوراثة ويطلق عليه اسم ملك او أمير او سلطان.. وحكومة الشعب وهي الحكومة الديمقراطية المنتخبة من قبل الشعب بطريقة مباشرة او من قبل ممثليه بالبرلمان وقبل ذلك وما ورد بكتاب الله عز وجل (يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وقوله تعالى: (وشاورهم في الأمر) صدق الله العظيم.. ومن سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في وضع دستور المدينة وتسيير شئون الحياة وفقاً لذلك وانزال اقصى العقوبات في بني قريضة بسبب خيانة وطنهم «المدينة» والتحالف مع الاحزاب التي سعت لغزوها واعتبار الدفاع عن الوطن جهاداً وفرض عين.. أما التشريعات الدولية الحديثة- ميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي- فقد صيغ بما ينسجم مع تلك المبادئ وتمكنت جميع الدول التي كانت تحت الاستعمار او الوصاية من نيل اسقلالها وانضمامها الى عضوية الامم المتحدة باستثناء الشعب الفلسطيني.. أما ما يعانيه الشعب اليمني نتيجة لصلف العدوان السعودي وخرقه لمبادئ القانون الدولي فبدأ بالتدخل في الشئون الداخلية 2011م بمصادرة حق الشعب عبر تعطيل الدستور وتقييد سلطات الدولة وعدم الرجوع للشعب بإجراء انتخابات مبكرة وفقاً للاعراف الديمقراطية، وتوالت جرائم العدوان في اشعال الفتن ومساندة وايواء الخارجين على النظام والقانون وارتكاب جرائم العدوان المتسلسلة والمستمرة على مدى عام ونصف، وقد تطابقت اهدافها وجرائمها مع خطط وجرائم الكيان الصهيوني، ولو كانت الدولة السعودية قائمة على النظرية الديمقراطية وحكومتها قائمة ومختارة من الشعب لاختلف الامر كثيراً، حينها لايمكن ان تُقْدم على ما يقوم به النظام السعودي، فلا مصلحة للشعب السعودي من هذه الجرائم باعتبار ان كل الخلافات التي كانت عالقة قد سُوّيت بين اليمن والسعودية على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية.. ويبقى السؤال المحير: ما مصلحة الاسرة الدولية من السكوت على هذا العدوان وعدم الوقوف بجانب الشعب اليمني ومناشدات حشوده الملايينية المتكررة التي كان آخرها صباح 20 أغسطس..
٭ رئيس الدائرة القانونية