نجيب شجاع الدين - <تضيف مناسبات الاجازات والأعياد إلى حياة الشعب اليمني المزيد من الوقت للتحسر وتقليب الهموم قديمها وجديدها سواءً على الصعيد الشخصي أو الوطني..
بيانات ومبادرات، خطط، خرائط طريق.. تأتي إلينا باستمرار من الخارج وتخرج إلى الهواء مباشرة عقب كل جلسة مغلقة تُعقد لمناقشة أحوال اليمن..
كيف ومتى ستنتهي الحرب؟! ينهمك الناس في البحث عن حل لمبادرة الحل هذه.. تدور مناقشاتهم وقد تطول إلى أن يأتيهم ولد الشيخ أو جون كيري بلغز جديد..
على واقع البلاد يسيطر خيار الحسم العسكري، وللشهر الثامن عشر لايزال المواطن هنا ينام ويصحو على وقع الصواريخ وأزيز الطائرات فيما تؤدي الزوامل طقوسها المؤكدة والمتأكدة من النصر وقد وصلنا إلى «سلّم نفسك يا سعودي أنت محاصر»..
وتعتلي المنابر دعوات صادقة بالصبر، والهلاك لقوات 17 دولة تعتدي على اليمن أرضاً وإنساناً..
سياسياً ومنذ سمعنا أن حوادث البلاد المأساوية خلَّفت فرصة عمل لدى الأمم المتحدة باستحداث بان كي مون منصب الوسيط الأممي والمستشار والمبعوث الخاص إلينا المغربي جمال بنعمر، ثم الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ أحمد، كنا في البداية ندعو بحسن نية وعلى استحياء الأمم المتحدة إلى تحمل مسئولياتها في اخراج اليمن من الأزمة ولكن بعد تطور الأحداث ووصولها إلى الدرك الأسفل من البؤس والحرب والحصار صار لزاماً علينا أن ندعو مسئولي الأمم المتحدة إلى سرعة الخروج من مأزق البَلادة الذي وضعتهم فيه السعودية للشهر الثامن عشر..
بدون هكذا خطوة لا يمكن لخطط العالم أن تنجح في حل أزمة اليمن وانقاذه فعلاً حتى لو أرسلت الأمم المتحدة الشيخ ذات نفسه بدلاً من ولد الشيخ!!
لست من هواة الحديث عن المؤامرات الكبرى التي تحاك ضد وطن الإيمان والحكمة سواءً أكانت صهيونية، إيرانية، أو انجلو سكسونية.. لكني أعدها خيانة عظمى اننا لا نعرف إلى الآن حقيقة ما يجري في اليمن كما نخاف من معرفة الحقيقة ونخاف أكثر من يدَّعي امتلاكها ويتمسك بما يقول على أنه الحقيقة مهما حدث..
بالنسبة للقتل والتدمير والفقر و«الحِرَاف» فإنها من الحقائق اليومية الثابتة في حياة الشعب اليمني، وما عداها مجرد شائعات ونميمة..لا أتصور أن دولة بلا دستور مثل السعودية حريصة- وبحزم- على «تحرير اليمن» وإعادته إلى مسار دولة النظام والقانون!!
ولا أتصور أنها في سبيل إعادة الأمل أنفقت 45 مليار دولار في شراء أسلحة فتاكة جعلت من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب هدفاً سهلاً..
ولا أتصور أن جماعة الحوثي وظفت الآلاف من أصحابها في أجهزة الدولة وفي مناصب مرموقة، بينما آلاف الشباب من خريجي الجامعات ينتظرون وطال بهم الانتظار للحصول على وظيفة ولاتزال ملفاتهم كما هي منذ ثمان سنوات محفوظة في أدراج وزارة الخدمة المدنية لا ينقصها سوى توصية بسيطة من «أبو ملعقة»..ولا أتصور أن موسوعة جينيس تمانع تسجيل بلادنا كأول دولة يقضي سكانها 18 شهراً بلا كهرباء.. وفعلاً صنعاء اليمن طافية!!
ولا أتصور أن المواطن قادر على متابعة واستيعاب قرارات رئيسين واخبار حكومتين الأولى هنا وتواجه عوائق عدة، والأخرى في الرياض ويمكن القول إنها تمارس أعمالها بطريقة تشبه «تلفون العمدة» كما في المسلسلات المصرية تظل منشغلة بتشييع مكتوب لمجلس الأمن الدولي وبعث برقيات عزاء إلى ملوك السعودية والمغرب والأردن وأمير قطر ورؤساء الإمارات والبحرين والسودان وأمريكا وبريطانيا في مقتل جنود لهم على أرض اليمن..
أعجب ما يكون أن هؤلاء (الرئيس ونائبه ورئيس وأعضاء حكومته) صامدون وسابطون في فنادق الرياض ولم نسمع يوماً أنهم ذرفوا الدموع على أبناء وطنهم ضحايا الغارات غير الدقيقة والتفجيرات الإرهابية في عدن، حضرموت، المكلا، ولحج!!
لا ننسى أن هناك وفدي حوار يصران على انهما يحملان آمال وتطلعات الشعب اليمني في تحقيق السلام وقد خاضا جولتي تفاوض في جنيف السويسرية وجولتين في الكويت..
وفد يمني ذهب من الرياض وعاد إلى الرياض، ووفد يمني ذهب ولم يعد!!
وحتى اللحظة لايزال الشعب للأسف يعيش بلا آمال وبلا تطلعات، وكعادته بلا غذاء وبلا دواء وبلا عمل وبلا مأوى!!
تسبب العدوان العسكري بقيادة السعودية في نزوح ثلاثة ملايين شخص عن ديارهم وفقدان ثلاثة ملايين عامل لمصادر دخلهم...فقدت خزينة الدولة 70% من مواردها المالية كانت تأتي من عائدات بيع النفط..
في الوقت الراهن يقال إن هادي أصدر قراراً بهيكلة البنك المركزي في صنعاء ونقله إلى عدن..
سادت المواطنين حالة من التشاؤم والقلق جراء اقتناعهم أن مثل هكذا كلام يسبق الكارثة دائماً..
كانت أولى قرارات هادي عقب تولّيه السلطة هيكلة الجيش العائلي- بحسب توصيفه- وتحويله إلى جيش وطني..
آخر خطوات الهيكلة كما يبدو أن يتم نقل افراد من الجيش على دفعات لتقديم التضحيات في الدفاع عن حدود المملكة ومؤازرة الحرس الملكي...ومن يدري فلهادي ترتيباته وتجاربه بالنسبة للشق الآخر، ربما نُفاجَأ يوماً بأن البنك المركزي نجح في الهروب إلى عدن ووصل في السادسة صباحاً ويطالب العالم بحمايته وتحرير صنعاء العاصمة المحتلة..
|