علي عمر الصيعري -
إذا صح عزم قيادات الأحزاب والتنظيمات على التوصل إلى قواسم مشتركة بينها وبين السلطة لما من شأنها تهيئة المناخات الصحية لبناء مستقبل أفضل للوطن، ولبَّت هذه القيادات الدعوة التي وجهها لها فخامة الأخ الرئىس المعلم- حفظه الله- لحوار مفتوح يلتم شمله عصر هذا اليوم الاثنين، فإنها مطالبة، اليوم وليس غداً، بأن تتجرد من تأثيرات النوازع الذاتية التي ربما تضعها في حرج أمام أفراد لايهمهم مصلحة ومستقبل الوطن.. كما هي مطالبة كذلك بأن لا تلتفت لاجتهادات وتحليلات بعض الأفراد الذين لاينتمون لأحزابها- أصلاً- ولايريدون لها التوصل إلى هذه القواسم المشتركة.
وتعني مفردة »الحوار المفتوح« من وجهة نظرنا- إعطاء تلك القيادات المعترف بها رسمياً وقانونياً، حرية كاملة لاقتراح الأجندة الوطنية والسياسية التي ستؤسس لحوار وطني ملتزم ومتواصل، حيث سيشكل حوار اليوم اتفاقاً جماعياً على هذه الأجندة.
كما ان الطرح العقلاني للشروط التي ستطرح من قبل بعض تلك القيادات لتؤسس لمفاصل الحوارات القادمة، يستدعي الموضوعية والتجرد من التأثيرات الذاتية، لأن هذه القيادات المتحاورة تمثل أحزاباً وتنظيمات سياسية تتحمل مسئولياتها أمام الوطن والشعب، وليس أمام أفراد تتعارض رؤاهم وأهدافهم مع المصلحة العامة والمصلحة الوطنية العليا، ويكون من الصعب إرضاؤهم في حال استسلمت هذه القيادات للطابع البراغماتي الذي يحاولون- أي الأفراد- أن يوقعوها في شراكه.
وإذا كان حوار اليوم حواراً مفتوحاً، فإنه لايعني أن يتبارى القوم في الطرح اللاموضوعي واللاعقلاني الذي يستعيد أجندة مر عليها وقت من الزمن، بحكم ظروف التغيير ومستجدات التطورات السياسية، وتحولات العلاقات الداخلية والخارجية، لأن واقع وظروف اليوم تختلف عن واقع وظروف الأمس كما تحدده جدلية التطور الفكري والسياسي.
فعلى سبيل المثال.. ربما يعن للبعض أن يطرح المطالبة بالعمل بوثيقة »العهد والاتفاق« وبدلاً عن ذلك لماذا لاتطرح فكرة جديدة لمشروع وطني جديد يمكن تسميته بـ»وثيقة اتفاق المبادئ«، يشترك في وضعها كافة قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية، التي ستكتسب اهميتها وقيمتها وجدواها من استيعابها لبعض البنود الموضوعية والايجابية والمهمة من تلك الوثيقة القديمة، بكونها وثيقة الإجماع الحزبي والسياسي الراهن؟!
وبدلاً من استجرار البعض لأطروحة »المصالحة الوطنية« والتي لايتفق معها بعض قيادات الأحزاب والتنظيمات الحالية لاقتناعهم بعدم جدواها على ذاك الشكل، أو أنها لاتخصهم لكونها مقتصرة على المصالحة بين قيادات معينة في الحزب الاشتراكي اليمني والسلطة ولاتمثل قضية حزبية عامة، فلماذا لاتُطرح فكرة مشروع »مؤتمر شعبي« يخصص لمناقشة ونقد جميع الممارسات التي حدثت في الماضي، ويشترك فيه جميع الأطراف التي خاضت تجربة الوحدة والانفصال، ويتسع هذا المؤتمر لمناقشة الظواهر السلبية والممارسات الخاطئة في المجتمع والساحة السياسية بما فيها الفساد، والثأر، وحمل السلاح، وتأطير القبيلة في موازاة السلطة والنظام، وقضايا الأسعار والفقر والبطالة.. وغيرها، حتى يخرج بنتائج وثوابت تشكل أرضية صالحة للمشاركة الديمقراطية والمصالحة؟!!