عبدالفتاح الأزهري - مثَّل يوم الـ20 من سبتمبر 2006م.. يوم الديمقراطية، حقبة جديدة ومحطة فارقة في مسيرة تحولات التجربة الديمقراطية اليمنية، حيث عكس الأداء الانتخابي الحر النزيه في ذلك اليوم لاختيار رئيس للجمهورية -والذي تمثل بإعادة انتخاب الأخ علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية- مصداقية النهج والتوجه الديمقراطي التعددي الذي سارت عليه بلادنا منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن في الثاني والعشرين من مايو 1990م.
وجاءت تلك الخطوة المهمة ضمن القاعدة الحضارية التي تؤكد عليها التجارب الديمقراطية الناشئة والمتمثلة في التمسك بالمزيد من الممارسة الديمقراطية لتعميق تجاربنا وتنقيتها من الممارسات الخاطئة والتجاوزات البعيدة عن نهجها.. وهو الأمر الذي جدد التأكيد عليه فخامة الأخ علي عبدالله صالح »الخميس« الماضي في الذكرى الأولى ليوم الديمقراطية والذي جرى في الـ20 من سبتمبر 2007م، بأن »الديمقراطية لا تكتمل أركانها وتتثبت إلاّ بالمزيد من الديمقراطية.. حيث إن السبيل لادراك هذه الممارسة المسئولة يبدأ من خلال حسن التعامل مع القيم الديمقراطية وحمايتها من الأهواء والدوافع الأنانية التي تفسد العلاقات بين أطراف ومكونات الحياة السياسية.
كما تعني هذه الممارسة المضي والعمل على معالجة الأخطاء الناتجة عن تجاوزات بعض الذين يسيئون للديمقراطية ويمارسونها بشكل مغلوط.. وأيضاً عبر انتهاج سبيل الحوار كأساس للتغلب على أية مشكلات يعاني منها المجتمع.
وبما أن القائد الوحدوي الديمقراطي ظل مسكون الهاجس ومعه التيارات الحرة من الشعب والتكوينات السياسية الصادقة والمتزنة، منذ أول التجارب الديمقراطية بُعيد يمن الثاني والعشرين من مايو 1990م، بالتأكيد والعمل على المضي قدماً على درب الديمقراطية بمزيد من الممارسة والتجارب العملية.. يمكننا اليوم وبعد مرور عام على إجراء انتخابات 20 سبتمبر 2006م، استخلاص العبر والدروس في تقييمنا لهذه التجربة، حيث نجد أن الشعب بكل فئاته قد هبّ بنسبة كبيرة وعزيمة صادقة الى صناديق الاقتراع ليعطي صوته وثقته لمن يستحقها ولمن خبر العمل وخبرت فيه الصدق والأمانة والاخلاص.. كما تميزت تلك التجربة أيضاً بأنها جعلت الناس أكثر وعياً بالحقائق الكبيرة التي تحيط بهم، وتجسَّد ذلك ايضاً في ادراكهم أن البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية الذي منحوه ثقتهم عليه، مثل رؤية وطنية شاملة للحاضر والمستقبل استوعبت استحقاقات الوطن التنموية والاقتصادية والمؤسسية والاجتماعية.
كما أكدت تلك الثقة الكبيرة التي منحها الشعب للقائد باختياره رئيساً للجمهورية إنما هو اختيار لنهج التسامح والاعتدال والوسطية في ادارته للسياسة الداخلية، وهو أيضاً اختيار للنهج المستقل المتزن المنحاز الى قضايا ومصالح الأمة العربية الاسلامية، وسياسته الاقليمية والدولية، وبناء علاقات استراتيجية متطورة مع الأشقاء في الخليج والمنطقة العربية وبقية دول العالم.
وكم هي كثيرة وبليغة تلك الدروس والعبر المستخلصة من العرس الديمقراطي الكبير في الـ20 من سبتمبر 2006م، ومنها أن الشعب قد أدرك بفطنته ووعيه الديمقراطي، أن هناك فئات على الخارطة السياسية لم يعوا بعد أصول اللعبة الديمقراطية، حيث لايزالون مسكونين في دواخلهم بالأنظمة البالية التي جبتها الديمقراطية وطوت صفحتها، لم يدركوا بعد رغم المحطات المتتالية لمسيرة الديمقراطية، أن الفشل في تجربة رئاسية أو برلمانية أو محلية لا يعني العودة الى الماضي بالانقلاب على الديمقراطية، بل هي مدرسة ينبغي النهل من علومها وفنونها، كما تعني ايضاً الحراك السياسي بتلمس قضايا الوطن ومعرفة احتياجات بنيه، والتعامل مع الشعب بمسئولية واحترام، لا على قاعدة، كأنه لايزال أسيراً للفكر الماضوي الشمولي المترسخ في اذهانهم.. ولكن على أساس اتساع وعيه وإدراكه اللذين اكتسبهما من التجارب المتتالية للديمقراطية بما حملت من قيم ومفاهيم جعلت منه اللاعب الأول والأساسي على الساحة السياسية في اختيار الصالح والقوى والأمين، والتمييز بعين فاحصة بين الغث والسمين، وبين الزبد الذي يذهب جفاء وبين ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
|