عبدالله المغربي -
منذ ان سلَّم الرئيس الأسبق للجمهورية المشير علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام السلطة بعد فوضى عارمة كان يهدف أربابها الى إسقاط اليمن في وحل الحرب الأهلية المحقونة بالطائفية والمذهبية والمدعومة حتى اليوم من دويلات يدّعي ملوكها أنهم أعراب وشراكة دوّلٍ إقليمية وإنظمة عالمية ، تحكمت بأذرع قاصرات وعقولٍ لم تكن راشدات، حين صوروا لبعض المغرر بهم أن النعيم ينتظرهم وان الجنان لن يجدوها ولن يدخلوها حتى يُسقطوا أنظمة بلدانهم، ومن وراء المغرر بهم كان يقف أعداء الوطن من نهبوا خيراته وتآمروا مع الأعداء للنيل من ثرواته، بعدما أعلنوا والبعض منهم عبر وسائل الاعلام أنهم ثاروا وعن إسقاط النظام لن يتراجعوا ورحب أصحاب الخيام بمن أشهر الانضمام، فتحالف الأعداء وتوحد الفرقاء واجتمع الغرباء في ساحة الويل والثبور حتى أعلن الوالي حينها تسليمه سلطة البلاد تجنباً لإزهاق ارواح العباد، وفي يومٍ من الايام سلم الراية لأكبر اللئام وصفق الشعب وابتهج المواطن، ظناً منا أن اللحظات ستعود باليمن الى لحظات الوئام .ولان المؤامرة كانت تستهدف مهد الحضارات القِدام، كان الفأر قد بدأ في النخر وسار كما كان يريده يهود هذا الزمان ..
وفي لحظاتٍ لم نكن لِنفُق من وَيْل ماضي الايام حتى اشتعلت الحرب والكل نيام، ذاك سنيٌ ومعه سلفي، وهذا زيدي متشيعٌ للإمام علي، ولمّا وصل سعيرها قصر ملوك زمانهم وشيوخ قبيلتهم وأمراء بلدهم، مَنْ كان فسادهم اعظم من اي فساد ومن تجاوزت خطاياهم حد المعقول واللامعقول حتى وصل بهم الحال إلى استهدافهم بضع مائة مسلم في مكانٍ لا يمكن لصهاينة اليوم ان يستهدفوا ألد اعدائهم فيه وفي شهرٍ حرم الله فيه القتل وفي لحظة كان جميع اؤلئك يقفون بين يدي ربهم في بيتٍ من بيوت الله بنية تصفية من كان سبباً في ان يكون لهم شأن وبين العوام ذكر..
ولان عدالة الحق وحده تسبق كل الاقدار فقد سقط عرش مملكتهم الاحمرية التي قلما كان البعض من اليمانيين يتخيل أنها ستأفل في يومٍ ما، وفرت الفئران من جحورها بعد ان ادركوا ان الجميع وقف ضدهم وان المنصف حينها من ابناء قبيلتهم ظل في صمتٍ يترقب عدالة السماء.
وفي تلك الايام وحين كان الهارب في الرياض اليوم يتربع على كرسي منزله وصل من يتهمهم بالشيعة والروافض حتى اسقطوا ذراع الجنرال العجوز محسن في عمران بعد ان واجههم حتى الرمق الاخير، وفي لحظاتٍ كانت الفاصلة أنهى قائده المزعوم اتصاله معه وهو يسمع القشيبي في عمران يطلب منه المدد وارسال العون والعتاد او إخراجه من حصارٍ مطبق فرضه عليه غلمان الكهوف- كما يسميهم مطايا الرياض اليوم - ولكن دون فائدة، ولان الحروب لا تعترف بأي قانون فقد قُتل القشيبي، وحين علم الفار هادي بذلك وصل الى عمران المحافظة وأعلن انها في ذلك اليوم قد أصبحت في حضن الجمهورية، وكأنه الشارد الاحمر حين اكد يوم ان كان ثوراً هائجاً او ثائراً منافقاً ان صعدة بعد صالح قد أصبحت احدى محافظات الجمهورية .
عاد هادي، والمواطن العادي مازال يترقب جديد الأحداث في السهل والوادي، وهادي يُجري اتصالاته ولابنه جلال كان يستشيره وفي كل شيء يتخذه كان له ينادي ، وعلى الرغم من ان الزعيم حينها قد اعلن أن هادي هو الولي والوالي إلاّ ان نزعة الجبن وشعوره بالضعف ولعجزه ظلت فرائصه وكل ما فيه ترتعد انْ ذكَّره احدهم بصالح الخير والباني ، وجميع من عرفوه يشهدون، واليوم بعضهم يكشفون أن اذكياء اكدوا له أنه لن يكون الرئيس حتى يتخلص من محسن وصالح الرئيس ولن يكون له ذلك إلاّ بمن وصلوا الى عمران فرحب بهم في العاصمة ومدينة السلام، ووصل «الفاتحون» وهم للجميع يُعلنون أنهم من جنرال الحروب سيثأرون، ونجل هادي في مواقعه يذيع ما كان ووالده الهارب يتمنون، وبعد فرار جنرال الفتنة ظن الهارب هادي ان الدور جاء على رئيسه السابق وزعيم الحزب الذي كان السّباق في ان يكون آنذاك متربعاً على كرسي رئاسة الجمهورية اليمنية الموحدة، لكن وقع ما لم يكن بحسبانه حين ادرك ان الفاتحين لا يودون الانتقام فرأس الأفعى كان حينها قد وصل الى فندقٍ من فنادق المملكة والمواطنون نيام ..
ولمّا صافحوه وعما يودون منه صارحوه، بُهت الذي هرب، فهم لا يودون إلاّ ان يكونوا جُزءاً من مؤسسات الدولة ويكون لهم الحضور في كل هيئةٍ ومصلحةٍ ووزارة.وفي لحظة قرروا أن يسقطوا جرعة حكومةٍ كانوا أحد الأسباب في وجودها، سقطت الحكومة وفر هادي وبقيت الجرع وظل المواطن الغلبان على أمره يتجرع وَيْل الثوار والأثوار، وجميع اولئك كانوا يستهدفونه وفي قوته واولاده يحاربونه ، حتى أعلنت جارة الشر ومملكة السوء بقيادة ملك القاعدة في جزيرة العرب سلمان ما أسماه العاصفة انتصاراً لشرعية فأرٍ هارب وحفنة ممن باعوا انفسهم وأعراضهم وتراب اوطانهم لدويلات عدوان.
ومنذ تلك الليلة وحتى هذه اللحظة والدماء تسال والدمار في كل مكان ولا صوت يعلو على أصوات الانفجارات ولا شيء نسمع سوى عشرات الغارات ولا أحد يرى سوى الأشلاء وبقايا من العظام والاعضاء ، دموعٌ وبكاء ، وأنين نساء ويتم اطفال وتشريدٌ لأُسر وتهديمٌ لبيوتٍ كانت مأوى ومستقراً، وحالٌ يعلمها من قدَّرها ومازال جميعنا يثق في عدالته ما دام هو الحق والحكمُ .
وحين نعود بشريط الذكريات بضع سنين مستعرضين ما مررنا ونمر اليوم به نحن المواطنين، ألا يحق لنا ان نسأل الفارين وكل من هربوا ومعهم الثائرون وجميع من نادوا بإسقاط النظام فصاروا هم الحاكمين والمشرفين المتحكمين على شعب الايمان والحكمة وفي ظل عدوانٍ أهوج وعدوٍ مِعوج وعناصر للدماء متعطشة وجماعاتٍ وتنظيمات للدمار عاشقة، وبرغم ما ذكرته واعظم من ذلك كله نود من جميعكم يا أولئك ان تُجيبونا.. لماذا المواطن..؟!!
|