طه العامري -
تحتل الثورة اليمنية مكانة أساسية في ذاكرة ووجدان المواطن اليمني الذي أخرجته الثورة من شرنقة القهر والتخلف ليشكل الحدث لاحقا نقطة تحول في المسار الوطني الذي انطلق من بين ركام الماضي الذي لا شيء فيه كان ولا يمكن أن يكون ، فكانت الثورة البديل المتاح أمام شعبنا للتخلص من نظامي الإمامة والاستعمار بما كانا يمثلان من ثقافة القهر والاستبداد والتخلف ، إذ كان الدجالون والكهنة والمستبدون وراء هذه التسمية وأعطوها بعدا سياسيا أكثر منه جغرافيه، ومع ذلك ليست قضيتنا هنا بل في الذكرى الأولى لأعظم أعراسنا الديمقراطية والمتمثلة في الانتخابات الرئاسية والتي شكلت لمسارنا بداية مرحلة ديمقراطية نرى فيها فرصة لإصلاح الكثير من الاختلالات التي شابت مسارنا بفعل الكثير من العوامل الذاتية منها والموضوعية غير أن الذاتية ربما كانت أكثر حضورا من غيرها نظرا لبعض التصرفات التي مارسها البعض تحت مسميات مختلفة اسقطتها الأحداث لاحقا وأثبت الواقع والحاجة الوطنية عدم انسجام واقعنا مع العديد من المفاهيم التجريبية التي اعتمدها بعض الذين خاضوا معترك العمل الوطني مع البداية الأولى من العمل الوطني في كنف الثورة التي خضعت عند قيامها للكثير من المفارقات والسلوك المتناقض والارتباك الذي رافق مسارنا الوطني ، وحتى لا نوغل في شرح تلك المفارقات فإن الوقوف أمام الذكرى فعل أكثر جدوى إذا كانت هذه الوقفة تطال البعد الاجتماعي للثورة وما أحدثه هذا البعد في جدار النسيج الشعبي من تحول فكري وثقافي وأنماط سلوكية أخذت تعبر عن نفسها من خلال هذا الحراك الوطني وإفرازاته الحضارية المتعددة المجالات الحياتية لشعبنا. إن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة لا تقاس بحجم العوائد المادية لمواطنيها بل بما أحدثته هذه الثورة من التحولات في سلوك وأداء هذا المواطن وقدرته على التعاطي مع كل عوامل التطور الحضاري والانخراط في تفاصيله وهو ما لم يكن متاحا له قبل قيام ثورته الخالدة التي كان لها الفضل في إحداث هذه النقلة الحضارية التي نعيشها والتي جاءت مثمرة بخيراتها رغم الظروف التي واجهت مسارنا الثوري والتنموي وهي بدت في الغالب أكبر من قدرتنا على مواجهتها والتغلب عليها ومع ذلك كانت الإرادة الوطنية أكبر من كل التحديات وشقت الثورة طريقها نحو أهدافها وحققت تطلعات الشعب وأعادت الاعتبار لذاتها والوطن وكانت الوحدة اليمنية من أعظم المنجزات التي شهدها العقد الأخير من القرن الماضي وهو القرن الذي شهدت به اليمن الثورة والوحدة وكل هذه المنجزات برزت في ظروف استثنائية بالغة الدقة والصعوبة والمفارقات التي أنجزت بلادنا في ظلها ما لم تنجزه الكثير من الشعوب الأخرى. في هذا السياق نقيس عظمة الثورة وعظمة إنجازاتها.. وإنجازات بهذا الحجم تجسد فعليا عظمة الثورة ووعي أبنائها الذين صنعوا هذه المنجزات وفي مقدمتهم فخامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - حفظه الله - الذي أعطى الوطن والشعب عصارة جهوده وحبه وحكمته ، وهي الحكمة التي أخرجتنا من الخلافات والتمزق الوطني والنوازع المريضة ولا يزال بحكمته يقودنا نحو أهدافنا الوطنية. إن الثورة اليمنية يمكن قياسها من هذا الحراك الذي وصل إليه الشعب اليمني وليس من خلال جدلية الربح والخسارة والعوائد التي يحققها كل منا ، وإن كانت الثورة إنسان فإن الإنسان اليمني تقاس ثورته من خلال الوعي الذي بلغه ويعنون نشاطه وما بلغه المواطن اليمني من الوعي المكتسب دليل كاف على عظمة الثورة التي ستظل رايتها خفاقة عالية شامخة شموخ جبال اليمن الشماء. فمرحبا سبتمبر الثورة والمنجزات ومرحبا بذكرى الفعل الوطني الخالد وأهلا بعيد النصر المتجدد. نقلا عن الثورة