أ.د/ عبدالعزيز صالح بن حبتور -
تودّع البشرية في معظمها عام 2016م بزغاريد الفرح والطرب والتهاني والهدايا الرمزية بفرحة العام الجديد مصحوبة بترانيم موسيقى باخ وبيتهوفن وهي المعتمَدة رسمياً في كنائس الكاثوليك والبروتستانت على حدٍ سواء ، متناغمة مع دوي أجراسها الصاخبة التي تذكِّر الجميع بأنهم قد فقدوا سنة كاملة من أعمارهم وزمنهم الذي ولَّى دون رجعة.
نعم يودعون الثواني والدقائق والساعات بروح المرح وتبادل التهاني والهدايا والورود والقبلات ومختلف الألعاب النارية ، يودعون عامهم القديم ويستقبلون عامهم الجديد على أنغام موسيقى الجاز و البوب ....الخ.
تكاد تختلط أصوات الموسيقى في تلك اللحظات من جزيرة فيجي بأقصى شرق آسيا مروراً بساحة الاستقلال بجاكرتا ، وساحة تيان مين في بكين ، واسطبلات خيول احفاد جنكيزخان في أولان باتوا بمنغوليا ، وساحات مدينة دلهي ، والساحة الحمراء بموسكو ، وعبوراً ببوابة براندن بورج ببرلين والشانزيلزية بباريس وساحة الطرف الأغر بلندن وصولاً الى لاس فيجاس بأميركا وشواطئ سانتا ماريا بكوبا الاشتراكية، كل شابات وشباب وشيوخ هذه المدن يخرجون في الساعات القادمة إلى كل هذه الساحات في مدن العالم ، نعم يفرحون ويرقصون ويلهون وهذا حقهم الطبيعي والانساني، لكن..
أين نحن العرب والمسلمون من هذه الاحتفالات الصاخبة؟
ولماذا تحُرم شعوبنا من لحظات الاسترخاء الجميل تحت ظلال السلام التي تنعم بها شعوب الكرة الارضيّة وتستقبل المناسبة بالفرح وباقات الزهور والهدايا ؟.
ليس المجال هنا للجدل والحوار العقيم ، من هو السبب وماهي العوامل التي أدت لوصولنا إلى هذه الأوضاع.. الخ ، لا نريد جدلاً من هذا النوع لأن الحكاية طويلة ومعقدة.
خذوا نظرةٍ شاملةٍ على خارطتنا العربية من المحيط إلى الخليج في هذه الساعات تحديداً ستجدونها ملونة بالدماء والدموع والرماد والركام بسبب (عهر البترو دولار الخليجي السافر) ، ففي العراق العظيم يبكون دموعاً ودماءً منذ أن دنّس المحتل الامريكي والبريطاني والأسباني والخليجي في العام 2003م ارض وتاريخ العراق ، وفي سوريا يموت ويُقتل المواطن السوري لأن الخليجيين الأعراب (السعودية، ومشيخة الإمارات وإمارة قطر) استثمروا ملياراتهم في جلب المرتزقة والارهابيين من كل بقاع العالم بهدف اسقاط النظام الوطني السوري وقتل وتهجير الأشقاء السوريين وتدمير سوريا العروبة ، لكن سوريا صمدت وحققت النصر في حلب الشهباء.. وفي ليبيا القومية حشدت الإمارات وقطر ومملكة بني سعود ملياراتهم المدنّسة لإسقاط نظام الجماهيرية العربية الليبية ثأراً بدوياً أرعن منهم لمواقف ليبيا العروبية ، وتم تحريك العالم الغربي لإرسال طائراتهم لقتل الآلاف من الشعب الليبي وتدمير دولتهم الوطنية العروبية.. وفي مصر الكنانة حشدت دولة قطر (العظمى) ملياراتها وميليشياتها من الأخوان المسلمين لإسقاط الدولة التي يمتد تاريخها لآلاف السنين من الزمان ، وكان لاستيقاظ وعي الشعب المصري وجيشه البطل الدور الفاعل في إسقاط مؤامرتهم الدنيئة.. أما في اليمن السعيد فقد جهزوا جيشاً عرمرماً من أكثر من 16دولة مع جيش من المرتزقة بهدف دك اليمن وإرجاعها إلى عقودٍ خلت ، والثأر لمركّب النقص والعقدة التاريخية لدى أعراب الجزيرة العربية من اليمن، وشكلوا تحالفاً قذراً مكوناً من مملكة بني سعود ، ومشيخة الإمارات المتحدة وإمارة قطر ، ومملكة البحرين العظمى ، لقد ثأروا من اليمن ذات التاريخ القديم المشرق ، وثأروا من دورها المحوري في صدر الاسلام ، ومن دورها الناصع في الفتوحات العربية الاسلامية ومن حضورها الفاعل في كل تاريخ الاسلام الفقهي والأدبي والثقافي ، نعم كانوا قساة غلاظ القلب وفي منتهي التوحش ، وضد جيرانهم وأهلهم اليمانيين.
لقد كانوا برابرة العصر وسفاحي الزمان في العام 2016م ضد المدنيين تحديداً ، فدمروا المساكن على رؤوس أهلها وقتلوا الناس في احتفالات أعراسهم ، وفي مآتمهم وفي مقار أعمالهم .... إلخ .
إن الشأن اليمني الداخلي هو شأن الشعب اليمني ذاته والذي خرج الشعب بملايينه دعماً لهذا التوجه الوطني لهذا الاتفاق التاريخي الناجز لهذا العام بين قوى المقاومة لصد العدوان والذي نتج عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى والعودة للحياة البرلمانية لمجلسي النواب والشورى وتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني ، كل ذلك يشكل رافداً قوياً لصلابة الموقف الداخلي.. وسيكون العام 2017م بإذن الله تعالى عام المنجزات التاريخية للشعب اليمني وبانتصاره في كل جبهات القتال وصرف رواتب الموظفين والعسكريين والأمنيين وتطوير مؤسساتنا الحكومية.. أدعو الله العلي القدير أن يمن على كل أفراد الشعب اليمني العظيم بالصحة والسعادة والنصر المؤزر على أعدائنا وان نخرج من حرب العدوان منتصرين بإذن الله.. والله أعلم منا جميعاً.
وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ