حنان الشريف - عامان ونحن بين النار والرمضاء هل تغير شيء؟ ومازلنا نكرر نحن شعب صابر الواقع ينحدر بنا الى غياهب الظلام، والمتغير الوحيد استفحال الفساد الذي كان للركب وطال السماء وازداد توحشاً حتى نهش في اجسادنا جوعاً وفقراً واحرق استقرارنا.. من جاءوا بالأمس وتحدثوا عن ثورة الجياع والعدل ها هم اليوم يصطدمون بالظلم المبين مغلفاً بسطوة نفودهم..
نحن نتقن النسيان وندور في دوامة ليس لها نهاية من التغافل، نحاط بسياج محكم من العقبات والفقر والغلاء المستعر ونسير في دروب ملغمة بأوهام الصبر والعجز وكأن احوالنا لا تعنينا فلنستفق من غيبوبة الصبر ولنقف في مواجهة واجتثاث هذا الفساد والذي ساهمنا بقوة في تجذره ورسوخه.. معاناة وطننا لا يمكن أن تنتهي إلا إذا أخذ عقلاؤها بيد سفهائها.. إن تشتتنا وتفتتنا لم يحدث من فراغ، هناك أفكار زرعت وهناك أيادٍ عاثت في الأرض فساداً أمام أعين الناظرين.. وسكتنا عن أفعالهم إما لأننا لم نمتلك الشجاعة الكافية للوقوف أمامهم ونصحهم وإعادتهم الى القيم العليا، وإما لأننا كنا معهم ونشاركهم فسادهم الى الآن، ونحن الساكتون منقسمون الى هذين القسمين.
إن الأمم المتقدمة تعطي الأدوار لحكمائها واهل الكفاءات كي يقودوها الى التقدم والازدهار، أما نحن فقد أعطينا المقود للجهلاء ولمن يصيح ويولول ويظهر الغيرة على الوطن كذباً وما آلت إليه من هوان وذلة.
هؤلاء الصائحون لا يملكون الهدف ولا يملكون برنامجاً معلوماً، كل همهم السلطة والكرسي والانتقام من الخصم فهم يرونهم أسباب الذل والهوان مع أنّهم هم المفسدون حقاً وهم الذين جلبوا الويلات على شعبنا بتطرفهم وفهمهم الساذج عن الواقع وعقليتهم الممسوحة وسلوكهم الممسوخ.. والعقلاء الذين من المفروض بهم أن يأخذوا زمام الأمور ويقودوا الوطن أصبحوا راضين بدور المشاهد والمراقب خوفاً منهم ومن الغوغاء الذي يتسم باللامسئولية ويمشي خلف كل من تلاعب بعاطفته.
لقد آن للعقلاء واهل الكفاءات والمفكرين والشعراء أن يكون لهم موقف من هؤلاء العابثين بالوطن وكرامته، فجميعنا ســمع قولــه تبارك وتعالى (إن الله لا يغير ما بقــوم حتى يغيــروا ما بأنفسهم)، لا يحل لمن آمن بالله ربا وبالإســـلام ديناً وبمحمـــد نبياً ورسولاً أن يسكت عن هؤلاء مهما كانت الذريعة والعذر.
لقد آن لنا أن نصحو من النوم العميق ومواجهة الحقيقة، فما فعلناه بأنفسنا هو أكبر مما فعله الأعداء بنا، وما أفسدناه من ديارنا هو أكبر مما أفسده الأعداء، وما هدمناه من جمال ديننا وقيمه العليا لم يكن ليهدمه الأعداء أبداً لولا أن فعلنا ذلك بأنفسنا.
فلنصنع حلمنا لنكون جزءاً من المستقبل.. كفانا صبر القنوع.
من ينتظر أن يطل عليه فجر جديد من الأفق فعليه أن يقوم وإلا مات في الظلام منتظراً.. نحن من نصنع التاريخ، نحن الشعب والوطن ليس مرتهناً عند شخص او فئة..
فهل نلحق بالقطار في محطته الاخيرة؟
|