د.عبدالغني علي السبئي -
إن كل شيء عن الحرب على اليمن ما هو إلا لذر الرماد على العيون، ومخفي وراء قصة كبيرة .. الجغرافيا السياسية والبترو-سياسية، التي تهدف للسيطرة على خليج عدن ومضيق باب المندب .
حُول الساحل اليمني الذي يبلغ طوله 2500 كيلومتر، ويُعدّ من أهم السواحل في المنطقة العربية والشرق الأوسط، من نعمة على البلاد إلى أهداف عسكرية في ظل الحرب الكبيرة التي تشنها دول التحالف بقيادة السعودية بسبب الأطماع الإقليمية والدولية فيه.
ويُطلّ اليمن عبر هذا الساحل المترابط، على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، يحتوي على ثروة بحرية هائلة، يمكن وصفها بأنها تفوق ثروة النفط في البلاد.
وفي ظل تضارب مصالح القوى الإقليمية والدولية، يواجه اليمن اليوم مشكلات عدة في مياهه الإقليمية، سياسياً وأمنياً واقتصادياً،
إن ما يحدث في المياه الإقليمية لليمن يدخل ضمن صراع إقليمي دولي، يتمحور ويتركز على المصالح لليمن اقتصادية الجيوسياسية ومع الشركات العابرة للقارات وشركات عربية وإقليمية، مدعومة عسكرياً، باحتلال هذه المياه، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لليمن.
أهمية مضيق باب المندب
يعتبر باب المندب ممراً مائياً يصل البحر الأحمر بخليج عدن والبحر العربي، يقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي. يربط البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر من خلال قناة السويس.
ويعد ممراً إجبارياً يتيح الوصول للمحيط الهندي والمحيط الهادئ ويشكل بوابة دخول لمنطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى كونه منفذاً مهماً يربط غرب وشرق آسيا بقارة أفريقيا ومن ثم إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، فهو مفترق طرق استراتيجي للشحن الدولي وعن طريقه تمر أهم الناقلات النفطية.كما يعد مضيق باب المندب وكذا مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران من الممرات الرئيسة في هذه المنطقة الحيوية والمنتعشة بحركة السفن النفطية على طول البحر الأحمر.
الأهداف الجغرافية وراء الحرب في اليمن"
لطالما ظل بيت آل سعود ينظر إلى اليمن بأنه جزء تابع لنفوذ الرياض، ولذلك فإن الولايات المتحدة تريد أن تمكن السعودية من السيطرة على باب المندب وخليج عدن، وجزر سقطرى.
كانت السعودية ولا تزال تخشى بشكل واضح من أن يصبح اليمن خارج نفوذها، وأن تؤدي الأحداث باليمن إلى ثورات جديدة في شبه الجزيرة العربية ضد آل سعود.فيما الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى تشعر بالقلق كثيراً من هذا، بالاضافه الى انها تفكر من حيث المنافسات العالمية، وتطمع في إيجاد موطئ قدم استراتيجي لها في اليمن، كوسيلة لتتحكم بمصير الاقتصاد الدولي من خلال فرض السيطره على خليج عدن وباب المندب.
ترسانة الصواريخ
بالإضافة إلى أهمية اليمن الجيوسياسية في الإشراف على الممرات البحرية الاستراتيجية، فهناك أيضاً ترسانة الصواريخ العسكرية الخاصة بها،فإن صواريخ اليمن قد تصل إلى أي سفينة أو قوة تحاول احتلال خليج عدن أو باب المندب . وفي هذا الصدد، فإن العدوان السعودي على مستودعات الصواريخ الاستراتيجية في اليمن يخدم مصالح السعودية والولايات المتحدة ودول تحالف العدوان والتى من مصلحتها احتلالها. والهدف ليس فقط لمنع الرد على القوة العسكرية السعودية، ولكن لتجريد اليمن منها حيث يسود الاعتقاد بأن اليمن ستنحاز إلى روسيا أو الصين والدول المناهضة بالرصيف الآخر.منذ بداية هذه الحرب ضد اليمن الفقير، بررت السعودية عدوانها العسكري بدعوى استعادة القيادة الشرعية ووضع نفسها على أنها الفاعل المسؤول لحماية التوازن داخل المنطقة. ولكن الواقع يؤكد أن اليمن يمثل الكثير من الجائزة الجيوسياسية للرياض. حيث إنها تمثل جوهرة جيوسياسية، ولذا تعتبر السعودية اليمن مثل ما كانت الهند إلى التاج البريطاني في القرن الـ19، كونها المفتاح الجيواستراتيجي لتسويق النفط في العالم عن طريق باب المندب، ولذا تعمل الرياض ومعها دول التحالف جاهدة لاحتلاله كبديل لمضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران كخطوة لمد أنابيب النفط في المنطقة الشرقية من حضرموت.وعلى الرغم من أن السعودية قد استنفدت الكثير من الجهود والموارد في حربها ضد اليمن، ولم تكن العمليات العسكرية هي السلاح الوحيد الذي تستخدمه في حربها ضد اليمن إذ جعلت من الجوع سلاحاً فتاكاً آخر ضمن قائمة أسلحتها حيث عمدت إلى تدمير مصادر الرزق والحصار بجميع أشكاله، وهي بالفعل إبادة جماعية يتعرض لها اليمن.إلا أنها حققت نقطة وحيدة وهي السيطرة على وسائل الإعلام.
إن رقص الرياض وحلفائها على أنغام جنون العظمة السياسية والدينية، وإصرار وسائل إعلامها وشركات الرياض الدعائية اللوبية في أنحاء العالم على أن حرب اليمن صراع طائفي، حتى وإن كان على حساب إراقة دماء أكثر شعوب المنطقة فقراً، فإن كل هذا، بطبيعة الحال، هو أكثر قليلاً من أسطورة أو خرافة تبيعها لجمهور السذج لتغطية الاطماع الجيوسياسية الحقيقية، والهدف الحقيقي من وراء السيطرة على ممر نقل النفط في العالم. وأن الحقيقة تؤكد أن حرب "الوكالة" في اليمن، ما هو إلا للسيطرة على باب المندب، بدليل دعم الولايات المتحدة وبريطاينا للسعودية للسيطرة على خط أنابيب حضرموت والموارد المائية في اليمن.إن "اليمن يمتلك إمكانات لم تستغل حتى الآن لتوفير مجموعة بديلة من طرق الشحن العابر للنفط والغاز لتصدير النفط السعودي، الخليجى بحيث لا تمر عن طريق إيران ومضيق هرمز..
وتطمح السعودية ودول التحالف والولايات المتحدة لانشاء خطوط أنابيب النفط عبر الأراضي اليمنية، وهذا هو الدافع الحقيقي لحرب السعودية وحلفائها على اليمن.
٭ مستشار- خبير اقتصادي
|