استطلاع/ عبدالكريم محمد - أكد عدد من السياسيين والمثقفين أن 11 فبراير 2011م كان يوماً أسود في تاريخ الشعب اليمني، كونه جلب لهم كل المآسي والكوارث.. اليوم الذي ارتبط بسقوط دولة وكان المقدمة للعدوان الخارجي والحصار، وأغرق الحياة بالفوضى والجريمة والفقر والاقتتال وتمزيق النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية. مشيرين في أحاديث لـ«الميثاق» إلى أن هذه المناسبة الموحشة، تُذكر اليمنيين بانطلاق التآمر المعلن عليهم من قبل الخارج وبأيدي معاول الهدم الداخلية من الإخوان المسلمين ومن سار في ركبهم.
لافتين إلى ضرورة توعية المجتمع بالكارثة التي جلبها هذا اليوم المأساوي لليمن الوطن والشعب ومستقبل أجياله.. فإلى الحصيلة:
قال الناشط والباحث صادق النبهاني: هذا يوم أسود في حياة وتاريخ اليمنيين ولن ينساه أحد لأنه عنى لهم الكثير، مزق نسيجهم الاجتماعي ووحدتهم وجعل مستقبلهم مجهولاً، وادخلهم في حروب داخلية ومهد للعدوان الخارجي وقتل عشرات الآلاف وجرح عشرات الآلاف وهجر أكثر من أربعة ملايين وجعل المجاعة تضرب كل مكان في البلاد بعد ان كان الناس يعيشون مستورين وفي أمان وسلام.. مضيفاً: 11 فبراير من يقول عنه بإنه يوم النكبة، فهو كذلك.. ومن يقول عنه بأنه يوم الكارثة الوطنية فهو كذلك.. ومن يقول عنه بأنه فاجعة كبرى فهو كذلك.. ومن يقول عنه بأنه انحدار الشعب اليمني نحو القاع فهو كذلك، فأي توصيف حقيقةً ينطبق على هذا اليوم المشؤم الذي حوَّل كل شيء في البلاد إلى ركام، وحوَّل التعايش إلى تناحر والأمل إلى يأس والجمال إلى قبح، وفي ظني أن كل من يحتفي به يجانب الواقع ويستهتر بدماء وبمعاناة وبمآسي اليمنيين الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت بسبب تلك الحركة التي أسقطت مشروع الدولة والقيم والقانون والنظام وادخلت البلاد في نفق مظلم لا يلوح في آخره ضوء، وإلى اليوم ومنذُ 6سنوات عجاف ونحن ندفع ثمن تلك الحركة الانقلابية التي لم يكن لها هدف شريف ولا رؤية ولا علم بما ستقود الناس والوطن إليه، وما هي النتائج التي ستئول إليه تلك الكارثة والحركة التي تفتقد للانضباط والوعي.
ونحن نعيش اليوم ذكرى ذلك اليوم الحالك السواد كقطع الليل المظلم أعتقد أن على كل من شارك في الخروج وإسقاط الدولة والتآمر على وطنه ونفسه بالقول والفعل وحتى بالصمت عليه أن يراجع نفسه كما فعل الكثير من الناس وعليه أن يكفّر عن جرمه، ويعمل على إنقاذ الوطن وإدانة 11فبراير، والإلتفاف خلف القوى والأحزاب الشريفة التي تحمل مشروعاً وطنياً حقيقياً وتريد أن تنتشل البلد من هذا المستنقع.
تدمير شعوبنا
وتحدث الكاتب والصحفي والناشط أحمد الشاوش- رئيس تحرير صحيفة سام برس الإلكترونية- قائلاً: لا شك أن ذلك اليوم، هو اليوم المقترن في ذاكرتنا بتدمير وطن ومقدراته وقتل أبنائه وتعايشهم.. 11فبراير اليوم الذي كان عبارة عن بوابة فُتحت للخارج كي يتدخل في واقع ومستقبل اليمن وانتهاك سيادته وتفخيخه بالإرهاب والكراهية والطائفية وتدمير كل ما بُني خلال (50) عاماً، ومن ضمن ذلك الوحدة الوطنية التي ناضل شعبنا من أجل إعادة تحقيقها في دفاعه عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر.
لقد استغلت أمريكا واسرائيل وبريطانيا حالة الغليان في الشارع العربي والجمود السياسي نتيجة للازمات الاقتصادية وانتشار الفساد والبطالة في أوساط الشباب وتصاعد حالة الفقر والظلم، لتحقق أكثر من هدف تحت مسمى ثورات الربيع العربي التي حملت سيناريو ممنهجاً للضغط على بعض الحكام العرب الذين رأت الصهيونية في بقائهم حجر عثرة أمام طموحاتها غير المشروعة، فسارعت الى شق الصف الوطني لتسويق الفوضى الخلاقة من خلال ادواتها المتمثلة في قيادات التجمع اليمني للاصلاح وبعض قيادات الناصريين والاشتراكيين والقوى الرجعية التي كشفت عن سوأتها ودعمهم بالمال والسلاح والاعلام والمواقف السياسية تحت سيناريو اسقاط الانظمة بدءاً من تونس ومروراً بسوريا ومصر واليمن وليبيا وغيرها.
وعملت قطر وتركيا والسعودية والامارات على قلب الانظمة العربية وتمويل واستئجار اشباه العلماء والعسكريين واعشار المثقفين والاعلاميين وتسخير القنوات الفضائية وكافة وسائل الاتصال لبث الدعايات وترويج الشائعات وفبركة الصور وتسويق المناطقية والمذهبية والسلالية وتحريض الشباب العربي على الانتقام والتطرف والحقد والكراهية.
ورغم ان كل مواطن شريف في اليمن والوطن العربي كان يطمح ان تكون ثورة الربيع العربي لها أهداف سامية ومطالب مشروعة لتصحيح مسار الثورة والقضاء على الفساد والتوصل الى حل سياسي ناضج، إلا ان الربيع صار شوكاً والثورة جحيماً وتدمير الجيش والبنى التحتية واحراق مؤسسات الدولة واسقاط الحكومة والدولة وتدمير الامن القومي العربي كان هدفاً ممنهجاً مستغلين حماس وعفوية وغباء الشباب، وهاهي الذكرى السادسة للربيع الصهيوني تطل علينا والجميع يلعن ذلك اليوم المشؤوم الذي جر الوطن العربي الى الدمار والدماء والمجازر والحرائق والتشرد والارتهان والهوان ودمر ماتبقى من الاخلاق والمبادئ والقيم الوطنية والإنسانية.
الدمار والإرهاب
قال الكاتب والناشط حسين الخلقي: في اليوم الأسود 11 فبراير 2011م انحدرت اليمن نحو الانزلاق الى الفوضى وشهدت تدهوراً مريعاً في كافة المجالات، وتوقف بناء المشاريع وتوقف كل شيء جميل.
منذ ذلك التاريخ، حلت الفوضى مكان النظام، وغاب الأمن واستهدف الجيش وتمت تهيئة الجو للجماعات الإرهابية والميليشيات إلى جانب انتهاك السيادة الوطنية والمجال الجوي وتدمير كل المقدرات.
ان هذا التاريخ هو موعد تنفيذ أولى حلقات مؤامرة الربيع العبري، ثم جاء تحالف العدوان السعودي في 26-3-2015م ليكمل حلقاته ويستكمل تدمير اليمن وتمزيقها والقضاء على الجيش اليمني وتسليم اليمن للجماعات الارهابية لتتقاسمها وتحكمها..
اتضح جلياً كذب وزيف الربيع العبري الذي جاء بالفساد والغلاء والدمار والصراعات والدماء وجاء بالارهاب وبالمحتلين الجدد إنْ لم يكن اعضاء الجماعات الإرهابية " القاعدة، أنصار الشريعة، وغيرهم من ضمن أبرز المشاركين في خيام ساحة الربيع العبري 11 فبراير.. وهنا يكفي أن نتساءل: ألم يكن فساد حكومات العميل الخائن هادي في 3 سنوات أكثر بكثير من فساد حكومات الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح في 33 عاماً؟
لهذا فإن أغلبية الشعب اليمني يمقت هذا اليوم ويكره أن يتذكر هذا الحدث وهذه المؤامرة التي كان يزينها الاعلام العبري عبر قنوات الكذب والتضليل (الجزيرة والعربية والحدث واخواتها).
مختتماً حديثه بالقول: غالبية الشعب اليمني يتمنى لو تعود أوضاعه وأوضاع البلاد الى ما كانت عليه قبل هذا التاريخ المشؤوم 11 فبرير 2011م.
الربيع العبري
قال الصحفي والناشط ثابت الحاشدي: ان الحديث عن الثورات العربية أو ما يُسميه المتآمرون على الوطن العربي بـ(ثورات الربيع العربي) حديث طويل لاتختزله بعض كلمات أو أسطر.، لذا اعتقد أن ربط 11 فبراير في اليمن وغيره مما جرى ويجري في الوطن العربي بخطة "تيودور هرتزل" بالسيطرة على العالم وتحقيق حلم اليهود بإقامة دولة لهم في منطقة الشرق الأوسط تمتد من النيل إلى الفرات.
الخطير في الموضوع أن "مشروع الشرق الأوسط الجديد"الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه بمساعدة الدول الغربية وإسرائيل وعدد من الدول العربية الثرية التي تطمح أن تكون في قمة هرم الشرق الأوسط، وكذلك إيران وتركيا التي بدأت بتنفيذ هذا المخطط من خلال تقسيم العراق.، وبعد إعادة تشكيله مرة أخرى - والذي تريد منه أمريكا وحلفاؤها أن يكون مشروعاّ مضاداً لمشروع وحدة الدول العربية التي تسعى الدول الغربية منذُ زمن بعيد على عرقلته بكل الوسائل المتاحة.
لذا.. فإن جميع الأحداث والدلائل الآن توحي إلى أمرين لا ثالث لهما وهما:
الأول: لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد - والذي ظهر للجميع مع نهاية عقد التسعينيات من القرن الماضي - فإنه يتطلب القيام بالعديد من الخطوات المهمة، ولعل تغيير الأنظمة القائمة الآن في دول الشرق الأوسط إحدى أهم هذه الخطوات، فالولايات المتحدة تريد حكومات شرق أوسطية ليبرالية - معتدلة تخرج عن شعوبها، وبالتالي فإنها ستضمن ولاء هذه القيادات الجديدة بعد دعمها في ثوراتها، ولعل هذا هو السبب الحقيقي في تناقض تصريحات القادة الأمريكيين أثناء الثورة المصرية والتي هدفت إلى تشتيت الرأي العام.
لكن السؤال هل هذا هو الحل الممكن للتخلص من المشاكل التي تواجه استراتيجية الولايات المتحدة للسيطرة على العالم وعلى مصادر الطاقة؟.. أم أنها ستكون بؤراً جديدة للتوتر ونوعاً جديداً من الحروب بين الكيانات القديمة والجديدة (المثال الكوري) والاقتتال الداخلي والتوتر غير محسوب العواقب (تيمور الشرقية).
ولنا في الكتاب الذي ألفته السيدة (هيلاري كلينتون) دليل قاطع على ما كان يخطط له الغرب من وراء الثورات العربية المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً للوصول للهدف الذي رسموه بعد أن تنجح الثورات وتزداد المشاكل الداخلية ودخول الشعوب العربية في حروب داخلية طائفية وحزبية الغرض منها إضعاف البلدان وتدمير الجيوش ليتسنى للغرب التدخل وتنفيذ مخطط "سايس بيكو الثاني": تقسيم ما هو مقسم وتجزئة ما هو مجزء.
لقد بات واضحاً بشكل مطلق، على الأقل، أن جزءاً من النخبة السياسية للولايات المتحدة تسعى لدفع "الشرق الأوسط" للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد في زمن الأزمة الاقتصادية العالمية.. والهدف هو حل مشاكلها الخاصة وتحويل اهتمام الرأي العام في الغرب بعيداً عن مشكلة انخفاض مستوى المعيشة ونوعية الحياة، لأنه بات من المستحيل المحافظة على "مجتمع الاستهلاك" بحالته السابقة بعد الآن.
إن ما يحدث بالواقع اليوم، ودخول السعودية وحلفائها من خلال العدوان والحصار على اليمن هو ثمرة ذاك المخطط الأمريكي الصهيوني القذر، ثمرة 11فبراير في اليمن، وما يسمى بثورات الربيع العربي او بالأصح العبري الذي كان كله مخططاً لاسقاط الدولة اليمنية وتعايش المجتمع، وإسقاط الوطن العربي بأسره بالضربة القاضية لإفساح المجال للكيان الصهيوني لاستلام دفة قيادة الشرق الأوسط الجديد المدمر والمُجزأ، الضعيف.
نقطة اشتعال
وتحدث الكاتب والناشط عبدالخالق النقيب قائلاً: فبراير .. بلغة الخراب والتشرد والتهجير..!
عدم الوصول إلى نقطة نضج عادلة، والإصرار على جر الحديث إلى حكاية الثورة والانقلاب وتجاهل انهيار أمن المجتمع والمتغيرات الكارثية التي اختزلها فبراير وإضراره بتنمية وبنية اليمن واستقلاله الحقيقي على المدى البعيد فيه جحود ربما يرقى لمستوى الخيانة..
الجنة الموعودة لا يمكن بأي حال أن تأتي على جثث الأطفال الذين يُقتلون في مدارسهم وتحت سقوف منازلهم الهشة، اي مستقبل مجيد استحق أن يكون ثمنه كل محارق الحرب وجنائز الموت التي لم تتوقف وتحولت ألى شبح مريع يطارد دول المنطقة برمتها منذ اندلاع موجة "الربيع العربي" الذي مثل نقطة اشتعال اتسعت بسببها دائرة الحروب والصراع في المنطقة وأيقظت هواجس وذهنية التآمر التاريخي التي تنذر بمزيد من الانهيار الذي لا يمكن التنبؤ بكيف ومتى سينتهي نزيفها وعند أي حد سنقف..!
الأحلام الساذجة التي هتف بها الابرياء في موجة ما سُمي "الربيع العربي" مازالت خارجة عن سياق الأحداث، ما يجري من خيانة عظمى وارتكاب جرائم حرب وتصعيد يومي ليس إلا من أجل حيازة السلطة والاستيلاء عليها حتى وإن كان ثمنه العودة بنا إلى ماقبل عشرات السنين الضوئية..
فبراير تعاطى مع العالم ليس من خلال تنامي المبادلات العلمية والتقنية وسبل النهوض، وإنما من خلال الحروب التي استنزفت موارد العرب الطبيعية، ومفاقمة الصراعات الدامية..
لم يعد في الأمن القومي العربي ما يمكن الحفاظ عليه، وبلغة الخراب والتشرد والتهجير ستبدو الأرقام مخيفة وعلى نحو مريع، ليبيا تنقسم إلى دولتين وتترنح على حافة حرب أهلية، وحمامات الدم اليومية لا تتوقف في سوريا، وتكالب على اليمن تحالف دولي حاقد مسنود عالمياً ولا يريد لهذا الشعب إلا أن يموت ليستبدله بشعب يجيد الركوع تحت أقدام الأمراء والملوك، ولن يجدوه..
|