محمد انعم - أتخيل وأنا أسير في شوارع مدننا اليمنية، وكأني داخل أروقة مقر احد الاحزاب او احدى الجماعات.. فصور شهداء اليمن أصبحت تحمل لوناً حزبي، وتُوظَّف معركة شعب ووطن وتُختزل في حزب ..شيء يحز في النفس ، عندما يُلغَى الجميع والادوار الوطنية والتضحيات الجسيمة التي تقدمها كل المكونات السياسية دفاعاً عن الوطن ومكتسبات الثورة والجمهورية والوحدة..
الشهداء هم مصدر فخر كل اجيال اليمن ، والمعركة التي يخوضها الشعب اليوم ضد العدوان الذي تقوده السعودية هي معركة وطنية مقدسة تخوضها مختلف فئات المجتمع اليمني ، وليست معركة حزب او جماعة فقط على الرغم من أن المؤتمر الشعبي العام -وبدون مَنٍّ- قدم حتى الآن قرابة 7000 شهيد والجيش قرابة 5000 شهيد دفاعاً عن اليمن والثوابت الوطنية وعن كرامة الشعب وحريته واستقلاله.
هذه الصورة ذات اللون الواحد لا تعكس حقيقة المشهد الوطني طالما وهناك صخب في الحديث عن الوحدة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة العدوان السعودي الهمجي.
كل الأحزاب والتنظيمات السياسية.. كل أبناء القبائل.. كل المتطوعين لا يجب أن تصادَر أدوارهم الوطنية وتضحياتهم البطولية في معارك الدفاع عن الوطن وتُجيَّر بهذا الشكل المستفز والذي طال حتى الشهداء- رحمة الله تغشاهم.
حقيقةً لقد جف فمي وأنا لا أجد ما أرد به على أسئلة محرجة: لماذا أصبح شهداء الجيش والمؤتمر وأحزاب التحالف وبقية القوى الوطنية المتصدية للعدوان السعودي وابناء القبائل كلهم مطوقين في اطار الصرخة.. أي أن الآخرين يقدمون رجالاً ودماء ،فلذات اكبادهم، وهناك من يستثمر كل هذا حزبياً.. عيني عينك ..وعاده يبهرر..يا جماعة راجعوهم قليل.. اليمن واسع وكبير ومتنوع ومتعدد الالوان .. لا يمكن اخضاع واذلال الناس لفرض لونكم على شهدائنا .. ثم لماذا أصبح العلم الوطني والطير الجمهوري والميري عاراً على شهداء اليمن..؟!!
وحدة الصف والشراكة تشبه هذه الصورة ذات اللون الحزبي الواحد.. أتخيل فعلاً ان من حولي فُقئت اعينهم أو لم يعودوا يكترثون بما يعتمل حولهم ، وباتوا يدركون ان من يتعمد عمل كل هذا يشبه الثقب الاسود ويريد ابتلاع كل شيء بشراهة عجيبة ، وليس فقط النضال الوطني وانما الماء والهواء..اما الراتب فرحمة الله تغشاه!!
|