محمد انعم - التعامل بموضوعية ومسؤولية مع الاسباب التي تكاد تجرف الامة العربية ضرورة ملحة ، فعلينا ان نتحرر من الاغلال التي تكبل عقولنا والا ننجر مع الاحداث دون ان نقرأ او نحلل علمياً وبشكل عقلاني كل ما يعتمل حولنا بعيداً عن الاطروحات السياسية التي باتت اشبه بنصوص مقدسة ازاء التواجد الايراني المزعوم في اليمن وخطره على المنطقة.
هناك حقائق تاريخية تؤكد ان الشعب اليمني صعب احتواؤه أو اذابته مع أي مجتمع اخرفقد فشلت الامبراطورية الفارسية التي كانت تصول وتجول في العالم القديم قبل الاسلام كما فشلت الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس (بريطانيا العظمى) في ان تخترق المجتمع اليمني على مدى أكثر من قرن وكان وما يزال اكثر الشعوب تحصيناً وتمسكاً بهويته العربية والاسلامية الى درجة التعصب الشوفيني.
وما تردده اليوم السعودية ودول خليجية من مزاعم حول محاربة التواجد الايراني في اليمن لا وجود له اساساً ونستند في ذلك الى ادلة كثيرة سياسية واجتماعية واقتصادية وتاريخية وغيرها.. ولعل اهم ما يدحض هذه المزاعم والتقولات الكاذبة ان الشعب اليمني شعب حضاري واصل العروبة واول شعب آمن بالدعوة الاسلامية وحمى المهاجرين وأول من حمل رايات الاسلام الى مشارق الارض ومغاربها..
كما ان الشعب اليمني حاضر بخصوصياته في كل مراحل التاريخ منذ الحضارة الاغريقية وحتى اليوم وليس من الشعوب التي ولدت مع ظهور ابار النفط وستضمحل وتذوب وتنتهى مع جفافها.
اذا فالمتباكون (العريبة)على اليمن من خطر التواجد الايراني باليمن يحاولون ان يقدموا انفسهم للعالم وكأنهم هم العرب واصل العروبة لإخفاء حقيقة اصولهم ودوافع ارتباطهم بأمة العرب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تتعمد السعودية ودول الخليج ان تضخم خطر التواجد الايراني في اليمن لتبتز امريكا والدول الاوروبية وبقية دول العالم بهدف الحصول على المزيد من الاسلحة والمعدات العسكرية وغيرها من التسهيلات الاخرى.
ليس هذا فحسب بل ان السعودية وبعض الدول الخليجية اصبحت تستخدم وبمكر سياسي ايران كفزاعة للتخلص من الضغوطات الدولية لتي تطالب بضرورة اجراء اصلاحات سياسية داخل هذه الانظمة الكهنوتية المتخلفة والتي تجاوزها الزمن، اضافة الى ذلك نجد ان السعودية وغيرها استطاعت وبسبب اللعب بورقة الخطر الايراني ان تفلت من اية عقوبات دولية جراء ما ترتكبه من انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان سواء بحق مواطنيها او بحق الملايين من العمال الفقراء من اسيا وافريقيا الذين تمارس ضدهم سياسة استعباد جائرة لا يقرها شرع ولا دين بما في ذلك ديننا الاسلامي الحنيف.
هذه المسلمات وغيرها تجعل من السعودية وبقية دول الخليج تتباكى ليل نهار عن خطر التواجد الايراني المزعوم باليمن لان هذه المزاعم تحقق لها مكاسب كثيرة خلافاً عن انها تبرر عدوانها الهمجي وارتكاب جرائم حرب ابادة بحق الشعب اليمني على الرغم من ان الحقائق تقول عكس ذلك فاليمن تعد الدولة العربية الوحيدة التي خاضت الى جانب العراق الشقيق حرباً ضارية دفاعاً عن دول الخليج وايقاف تمدد الثورة الايرانية التي تمتلك حاضنة سياسية واجتماعية واقتصادية في جميع دول الخليج على عكس اليمن.
نجزم ان مجاهرة بعض الدول الخليجية بالعداء لايران ليس الا من باب الابتزاز للغرب لاسيما وانها تربطها بإيران علاقات اقتصادية وتجارية وثقافية واجتماعية وامنية ايضاً وان عداءهم لايران لايعدو عن كونه عداء عبر وسائل الاعلام فقط.
ولا نستبعد ان تكون السعودية وبعض الدول الخليجية متفقين مع ايران لأثارة مثل هذا الضجيج حول هذا العداء المفتعل بهدف كسب امريكا واسرائيل والدول الاوروبية من أجل تزويدهم بالأسلحة والمعدات العسكرية وتوفير الحماية لأنظمتهم الكهنوتية المستبدة بدعوى مواجهة التمدد الايراني في المنطقة والمبالغة بخطر تهديده للمصالح الغربية عبر السيطرة على منابع النفط في هذه الدول.
ان استمرار ترويج اكاذيب كهذه لا يمكن ان يتقبلها العقل اليوم لأن ايران غير مؤهلة لابتلاع المنطقة العربية وهي اضعف من ان تخوض معارك بأطماع الامبراطورية الفارسية ، لكن التضخيم الاعلامي لهذا العدو المفترض جعل النفسية الايرانية المقهورة والمهزومة تفرح بالكذبة وخرجت لترقص ولا تكترث ان تحترق كالفراش بالنار طالما ودول الخليج تقدمها كفزاعة لاخافة امريكا والدول الغربية.
|