د/عبدالعزيز المقالح -
كيف للدارس الجاد لواقع الأمة العربية- الإسلامية أن يتقدم وسط غابة شاسعة من الظلمات، وعبر طريق محفوفة بالكثير من المخاطر التي تضعها الخلافات الثانوية القائمة على الأطماع الصغيرة والطموحات الأصغر؟.
وكيف لدارس كهذا أن لا يحزن، بل أن لا يبكي وهو يرى هذه الأمة القادرة على أن تكون خير الأمم تنحدر من سيء إلى أسوأ، ومن تجربة فاشلة إلى تجربة أفشل؟ والأسوأ في الأمر أن محنتها وأسباب خلافها من الوضوح بمكان ويرجع تحليل أسباب هذا السقوط إلى بداية ظهور هذه الأمة على المسرح الإنساني الفاعل، وبعد أن تسلحت بالمعرفة السماوية والإشارات الروحية، التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.
يحدد الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز أسباب تدهور الأمة العربية والإسلامية وبداية انحدارها بقوله: "إن هذه الأمة لم تختلف في ربها ولا نبيها ولا كتابها وإنما اختلفت في الدينار والدرهم" وكأني بقول هذا الخليفة الحكيم ينطبق على أفراد الأمة الإسلامية وجموعها، منذ عصره حتى هذه اللحظة التي تبدو فيها الخلافات على الدينار والدرهم، وعلى الدولار أيضاً، في أشد حالاتها عنفاً واقتتالاً واستبسالاً.. الجميع مسلمون ما في ذلك شك، وكلهم يؤمنون بالله ويقرأون القرآن، ويشهدون أن محمداً رسول الله، لا يختلفون على هذه الحقائق الكبرى المسلّم بها، ولكن الاختلاف أو الخلاف يدور على شئون الدنيا وعلى أطماعها، وهو ما يجعلهم شتى لا يجتمع لهم أمر، ولا يتفقون على رأي، وكأنهم بذلك أتباع ديانات مختلفة لا يجمعها جامع، ولا يؤلف بينها منطق ولا مبدأ.
وما من شك في أن هذا الصراع الذي استشرى واشتدت بلواه، وصار العنوان البارز في حياة المسلمين على اختلاف ديارهم وأنظمتهم، هو الذي صنع حالة الضعف السائدة، وهو الذي أغرى بها الأعداء الصغار والكبار، وجعل كياناً غريباً مصطنعاً هو الكيان الصهيوني يحتل المقدسات، ويفتك بالأشقاء من أبناء فلسطين، ويضع المسجد الأقصى في الأسر، ويحيطه بما لم يكن متوقعاً من الأسوار، والحفريات، ويعبث فيه كما يشاء.. والصراع على الأطماع الصغيرة، وعلى من يفوز بالسلطة من ملوك الطوائف المعاصرين، هو الذي جعل المليار والنصف مليار من المسلمين يخضعون في كل أقطارهم -دون استثناء- لاحتلال أجنبي مباشر، أو غير مباشر.
حقاً، لقد صدق عمر بن عبدالعزيز حين قال: إن هذه الأمة لم تختلف في ربها وفي نبيها ولا في كتابها، وإنما اختلفت على الدينار والدرهم. وفي ما يصل إليها من مذاهب وسياسات وتصورات ما أنزل الله بها من سلطان.
ويبدو، بل من المؤكد أن ذلك سوف يظل هو شأنهم إلى أن يتبينوا حقيقة ما يفرقهم ويشتت شملهم، وسيبقون على هذه الحال محكومين لا حاكمين، مستوردين لا مصدرين، تابعين لا متبوعين، ولن يكون في مقدور أية قوة خارجية أن تمد لهم يد العون، إذا كانوا هم أنفسهم يرفضون أن يعينوا أنفسهم، أو يتغلبوا على خلافاتهم التي صنعها الدينار والدرهم. وكما يبدو أن الحكمة المستخلصة من دراسة الواقع، ومن تجارب الشعوب أن هذه الأوضاع القائمة لم تغير ما في النفوس، ولم تقلل من خطر الأطماع وفوضى الخلافات على المصالح الدنيوية الصغيرة، هذه التي لم تحفظ عرشاً ولم تحم نظاماً.
الأستاذ وضاح عبدالباري طاهر و"ضحايا المؤرخين":
هو كتابه الأول، وعنوانه الكامل "ضحايا المؤرخين، ابن خلدون وابن عبيدالله السقاف نموذجاً"، ويبدأ الكتاب بمقدمة عميقة، أوضح فيها المؤلف قصده من تأليف كتابه، الذي يقدم نماذج مثيرة للغيظ، قدّمها بعض المتعصبين ضد عدد من المؤرخين، وفي مقدمتهم العلامة ابن خلدون. وجميل أن يعترف الأستاذ وضاح بأنه كان قد اقتنع بوجهة نظر بعض اللاعنين كالهيثمي، لكنه عاد إلى الصواب بعد أن تبين له الغبن الفادح الذي لحق بابن خلدون من جراء الغلاة والمتعصبين، وما أكثرهم في كل زمان ومكان. الكتاب من إصدارات مركز عبادي للدراسات والنشر ويقع في 164 صفحة من القطع المتوسط.
تأملات شعرية:
يا عربَ القرن العشرين
يا أكثر مخلوقات الله
عذاباً، بؤساً، قهرا.
حين تفيأتم ظل المال - السلطة
وارتبتم في التقوى
ذهبَ الجمر النابت
في أوردة الروح
انطفأت شمسُ الله
على رمل الصحراء.
مواضيع للكاتب
وقفة تحليلية إزاء معوقات التطور العربي والإسلامي
الجُوع أو الكبسولة القابلة للانفجار
رمضان كريم
في الطريق إلى عاصمةٍ مسوَّرةٍ بالوردِ والياسمين
التنمية الأخلاقية أولاً
عن العنف والعنف المضاد
فرج بن غانم.. النزاهةُ متجسِّدة في رجل
من أجل النفط يحترق العراق ويموت الأمريكان
بين أحلام 23 يوليو وكابوس 5 يونيو
الجوع عار اجتماعي وسياسي أيضاً
الثورة