كلمة الميثاق - العودة الى الدستور والعمل على سيادة النظام والقانون وتغليب منطق الدولة على منطق الحسابات الميليشيوية، هو ما يجب أن تتجه اليه القوى الوطنية التي تصدرت الصمود والتصدي اليماني الاسطوري لحرب عدوانية إجرامية قذرة وشاملة لم يسبق أن تعرض لها شعب آخر بصورة وحشية مستمرة للعام الثالث على التوالي، إنْ أرادوا أن يثمر صبر شعبهم وتضحيات ابنائه انتصاراً يرقى الى مستوى الوفاء لدماء الشهداء التي روت الأرض اليمنية دفاعاً عن سيادة الوطن ووحدته وحريته واستقلاله.
ومن هنا فإن اليمن -الوطن والشعب- ما كان له أن يصل الى ما وصل اليه لولا العقلية العصبوية الضيقة الجهوية والحزبية والمناطقية والطائفية والسلالية الضيقة.. واليوم لا يجب السماح بالمزيد من الصراعات العبثية العدمية المدمرة بين ابنائه تنحرف بمسار مواجهات تحالف العدوان السعودي الإقليمي والدولي المطلق اليدين في استهدافه لهذا البلد وابنائه لا يردعه دين ولا تزجره مبادئ أو قيم أخلاقية أو إنسانية ولا يحتكم لأى اعراف أو قواعد اشتباك، والأسوأ من هذا كله أنه بماله النفطي قادر ليس فقط على شراء الأسلحة الحديثة الأعلى تقنية وفتكاً بما فيها المحرمة دولياً والعملاء والمرتزقة الداخليين والخارجيين، بل والحكومات ونخبها السياسية والاعلامية والمجتمع الدولي، وقبل هذا كله التنظيمات الإرهابية الوهابية التي تعد تجسيداً حقيقياً للطبيعة الدموية التي يعرف العالم أن النظام السعودي وبعض الأنظمة الخليجية مصدرها الأساس ولكن لا بأس من استخدامها مادامت المصالح التي تحققها أكبر من تطاير شرار شرها عليه.
ما نريد قوله أن اليمن يتعرض لعدوان لا مثيل له في خبثه وحقده.. وأهدافه لا تتوقف عند الهيمنة عليه واخضاع شعبه بل محوه من الوجود جغرافياً وتاريخياً، حاضراً ومستقبلاً، وهذا ما يتجلى بعد أكثر من عامين على عدوانه في المحافظات والمناطق التي استطاع عبر عملائه ومرتزقته احتلالها، مستغلاً شمَّاعة شرعية الخائن الفار هادي المزورة ذريعة لشن حربه القذرة، ووقوع أجزاء من المحافظات الجنوبية تحت سيطرة قواته الغازية، ويصبح أول الضحايا أولئك الذين بريق المال النفطي السعودي الاماراتي أعمى أبصارهم وبصائرهم، إضافة الى أوهام مشاريعه الصغيرة الانفصالية المناطقية، ليجدوا أنفسهم اليوم وبعد ما يقارب العامين مجرد عصابات مرتزقة وميليشيات متناحرة يستخدمها أسيادهم من المستعمرين الجدد لتدمير وطنهم وقتل ابنائه وتصفية حسابات مصالحهم المتعارضة.. وطبعاً عدن وما يجري فيها مثال ساطع بما يسودها من فوضى الصراعات والاغتيالات والعمليات الإرهابية والأوضاع الحياتية والمعيشية المأساوية والتي جميعها تدار من الفار هادي وأطراف الاحتلال الذين يصفُّون حسابات مصالحهم المدمرة على حساب دماء اليمنيين.
لهذا كله لا يجب السماح لجرثومة العقلية العصابية للميليشيات أن تنتقل وتستشري لتصيب القوى الوطنية التي تقع على عاتقها مسئولية تاريخية عليها أن تستكملها بالانتصار على المعتدي وهزيمة مشروعه والى الأبد.. وهذا يتطلب وعياً وطنياً مدركاً خطورة المرحلة وأهمية استعادة مؤسسات الدولة عملها ودورها وترسيخه، لا التمادي في ممارسة الأعمال الفوضوية التي لا يعي من يقومون بها عواقبها، وهي -قَطْعاً- في محصلتها تخدم أهداف العدوان.
|