يحيى نوري -
هل تكتفي المنظمات المدنية والإبداعية والجماهيرية بما أعلنته مؤخراً عبر بياناتها عن موقفها الداعم بلا حدود للمشروع السياسي الذي تقدم به فخامة رئيس الجمهورية إلى مختلف الفعاليات الوطنية على طريق جهوده الوطنية المخلصة والهادفة إلى تحقيق أصلاح شامل للنظام السياسي ! أم أنها أي هذه المنظمات في حالة من الاستعدادية اليوم للقيام بدور أكثر فاعلية لترجمة موقفها الداعم للمشروع السياسي حتى يجد النور ؟.
تساؤل لا شك يضع نفسه بقوة ويعبر عنه العديد من المراقبين والمهتمين المنتظرون بشغف كبير لما ستقوم به المنظمات المدنية من دور إزاء هذه القضية الوطنية وما إذا كانت عند مستوى هذا الحدث وتمتلك كافة المقومات التي من شأنها أن تمكنها من المواكبة والتناغم مع الحدث الوطني الراهن وكذا مدى قدرتها على إحداث مشاركة في رسم ملامح وآفاق مستقبل النظام السياسي لبلادها .
ولا ريب أن مبعث هذا التساؤل هو الحرص الكبير على أن تسجل المنظمات اليمنية وعلى مستوى مختلف إطاراتها وموضوعاتها المهنية والإبداعية والجماهيرية حراكاً فاعلاً مع هذه القضية من خلال رؤية شافية لطبيعة المرحلة التي تمر بها بلادنا وما تفرضه من متطلبات ملحة وضرورية على طريق تحديث وتطوير تجربتها الديمقراطية وعلى مستوى كافة جوانب عملياتها من خلال العديد من البرامج والمناشط التي تهدف إلى تمكينها من الغوص المقتدر في كافة أهداف وحيثيات ومضامين المشروع السياسي لفخامة الرئيس والعمل برؤية علمية على إثراءه بالمزيد من الآراء والمقترحات التي تصب جميعها من أجل بلوغ نظاماً سياسياً يكون بمثابة التتويج الحقيقي لنضالات وتضحيات شعبنا من أجل المستقبل الأفضل المرتكز على أساس وقواعد قوية للدولة اليمنية الحديثة .
وأن تجسد هذه المنظمات بأنها عند مستوى المسئولية الوطنية الحقيقية المنتصرة لآمال وتطلعات شعبنا وبأسلوب متجرد تماماً من كافة الأجواء والمصالح الأنانية والقدرة على التعاطي بمهنية وعلمية مع القضايا الوطنية والفهم والاستيعاب الكاملين لكافة معطيات الحياة اليمنية السياسية.
وحقيقة أن الاستجابة المبكرة لهذه المنظمات وما أبدته أيضاً من تفاعلات إيجابية مع المشروع السياسي لفخامة الرئيس من خلال ما سجلته من حضور مشرف في اللقاء الموسع الذي رأسه فخامة رئيس الجمهورية بمدينة تعز أواخر شهر رمضان المنصرم فإنها ووفقاً لما تمخض عنه اجتماعها هذا أضحت اليوم أمام مسئولية تاريخية يتطلب منها البدء في خوض برامج ومناشط تتصل موضوعاتها بكافة جوانب المشروع السياسي وأن تحدد لنفسها وبدقة متناهية العديد من الأهداف والوسائل لتحقيق دور أكثر فاعلية في التوجهات الراهنة وفي إطار الالتزام بالأسس والقواعد العلمية ، وكذا الدراسة المتأنية لكافة احتياجات ومتطلبات الواقع اليمني وعلى مستوى كافة جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومن ثم ما يتطلبه منها من حرص كبير على جعل فعالياتها هذه في منأى من التدخلات الحزبية ذات المواقف المتشنجة والرؤية الضبابية للمشهد السياسي اليمني وآفاق تطلعاته وطموحاته الإصلاحية .
كما أن هذه المنظمات وفي إطار حراكها المرتقب بإمكانها الإطلاع من خلال فعالياتها الحوارية والتثقيفية والتوعوية والإرشادية على واقع الإصلاح السياسي الذي تعيشه الحياة العربية عموماً وأن تقوم بإجراء مقارنات مهنية وعلمية للواقع اليمني والواقع العربي عموماً حتى تستكشف عظمة الطموحات الكبيرة التي تتطلع بلادنا إلى تحقيقها ولها في ذلك أيضاً أن تستكشف تجارب العديد من الأنظمة السياسية التي أخذت بالنظام الرئاسي أسلوباً لإدارة شئونها السياسية بل وقضايا العامة والوقوف أمام قدرة هذا النظام على الاستجابة لمتطلبات الواقع اليمني والتعبير عن تطلعاته في التنمية والديمقراطية والمشاركة الشعبية الواسعة في إطار الحكم المحلي المتمتع بدرجات عالية من المهام والمسئوليات .
كما لا ننسى هنا أن نذكَّر هذه المنظمات على أهمية قراراتها للواقع اليمني وبالصورة التي تجعل من نتائج مناشطها وفعالياتها تصب باقتدار في خدمة هذا الواقع وبصورة تضمن لنظام بلادنا السياسي القادم المزيد من الحيوية والفاعلية والانسيابية التي تساعد على بلوغ الأهداف المنشودة .
كما يمكن لهذه المنظمات وفي إطار التوجهات الراهنة أن تشارك بفاعلية في وضع تصور إيجابي ومثمر من شأنه أن يخدم المنظمات المدنية ويجعلها تحتل مكانة مرموقة في النظام السياسي القادم باعتبار هذه القضية تمثل واحدة من الاشتراطات الحقيقية الكفيلة بدعم الممارسة الديمقراطية عن طريق المنظمات المدنية و التي تحتل الإطارات الفاعلة التي تجمع حولها مختلف القدرات والإمكانات الإبداعية و التي يزخر بها الوطن ويعول عليها كثيراً في تحقيق المزيد من ولوج آفاق المستقبل الأفضل .
تطلعات عديدة ما زلنا ننشدها من المنظمات المدنية في بلادنا من أجل تعزيز الحراك السياسي الراهن على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة المرتكزة على أسس وقواعد دستورية تمثل جميعها تتويجاً حقيقياً لنضالات وتضحيات شعبنا اليمني من أجل الغد الأكثر إشراقاً .. الغد الذي يحافظ على مقدراته وإمكاناته الحضارية ويجعل من دوره اليوم في عالم متغير ومتحول دور يتفق مع عظمة موروثه الشفاف والحضاري والإنساني .