أحمد الزبيري - اليمن لن يكون قوياً مستقلاً مستقراً متحرراً من الوصاية المهيمنة والمسيطرة على قراره الوطني إلاّ بالوحدة.. ومن يراجع تاريخه القديم والمعاصر بقدرٍ من الرغبة والجهد المعرفي سوف يكتشف هذه الحقيقة.. ويكفي التأكيد والاشارة الى أن كافة المحاولات المناطقية الجهوية والقبلية الطائفية للخلاص من الحكم الإمامي المستبد والمتخلف والتحرر من عسف وجور وجبروت الاستعمار البريطاني فشلت ولم ينتصر الشعب اليمني إلاّ عندما توحدت إرادته النضالية الوطنية في الثورة اليمنية »26 سبتبمر و14 أكتوبر« عندها فقط انتصر لثورته مرسخاً نظامه الجمهوري ونال استقلاله الناجز في الـ30 من نوفمبر 1967م..
عندما توحد اليمانيون هزموا قوى إقليمية وامبراطوريات استعمارية دولية.. ولأن هذا الانتصار لم يكتمل بإعادة تحقيق الوطن اليمني أرضاً وإنساناً لظروف وأوضاع تتعلق بأسباب وعوامل خارجية وداخلية عُبّر عنها بإقامة الدولة الجمهورية الشطرية داخل اليمن في مرحلة جديدة سقط فيها النظام الانفصالي في الشمال والجنوب مرة أخرى في هاوية الهيمنة الاستقطابية اقليمياً ودولياً باتجاهات الثنائية القطبية الغربية والشرقية التي اتخذت اشكالاً من الوصاية والهيمنة ليكون اليمن أحد مناطق تفريغ شحنات الصراع العالمي الذي تجسد في الخلافات والصراعات والحروب الداخلية الأهلية والمناطقية والشطرية حتى الـ22 من مايو الأغر 1990م الذي فيه أعلن قيام دولة اليمن الموحد الجمهورية اليمنية التي رفع علمها خفاقاً الرئيس علي عبدالله صالح في درة اليمن بموقعها الحيوي العالمي الجيواستراتيجي وعاصمتها الاقتصادية عدن.
الوحدة اليمنية تحققت في لحظة تاريخية فارقة وطنياً وعالياً، متزامنة مع أحداث ومتغيرات تحولية كبرى انتقل فيها العالم من توازن النظام الدولي ثنائي القطبية الى نظام دولي أحادي القطبية مختل بتوحش نزعة الهيمنة الأمريكية والتي جعلت الشرق الأوسط مسرحاً رئيسياً لتحققها، ووجدت السعودية والأنظمة الخليجية باستثناء سلطنة عمان فرصتها لمواصلة التآمر على اليمن الموحد وشعبه المحب للاستقرار والسلام لاشقائه وجيرانه شعوب محيطه الجغرافي العربي والافريقي والبشرية كلها.
في هذا الاتجاه يكفي الاشارة الى الأزمة السياسية التي شهدتها اليمن من عام 1991م وحتى تفجير القوى العميلة المعادية للوحدة والانفصالية في الشمال والجنوب، وكان تدخل النظام السعودي والأنظمة الخليجية فيها معلناً وسافراً ولكن الشعب اليمني وقواته المسلحة انتصر لوحدته، إلاّ أن ذلك التآمر استمر في قضية الدفع بارتيريا لاحتلال جزيرة حنيش فانتصر الشعب اليمني واستعاد جزيرته عبر الحرب الناعمة على جبهة السياسة الدبلوماسية السلمية واعتماد قوة الحق ليخوض المواجهة في ساحة القانون الدولي.
لم يتوقف التآمر على اليمن ووحدته واتخذ أشكالاً مختلفة مجيشاً أدواته الداخلية عبر المال النفطي السعودي الخليجي المدنس للأحزاب على اختلاف خلفياتها الأيديولوجية الدينية الاخوانية القاعدية الداعشية والقومية واليسارية مستهدفاً الوحدة عبر استهدافه للديمقراطية والتعددية بما تعنيه من حرية الرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة الذي تحقق انتخابات تنافسية رئاسية وبرلمانية ومحلية حرة ومباشرة، واحترام حقوق الانسان.. مستخدماً النزعات الانفصالية عند ما يسمى بالحراك ومشعلاً حروب صعدة.. مرة أخرى تفشل مؤامرات السعودية وأنظمة الخليج لتأتي رياح سموم الربيع العبري الحامل مشروع الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد 2011م والذي أراد في محصلته النيل من وحدة اليمن في اطار إعادة تقسيم دول المنطقة العربية ولكن هذه المرة بالنسبة لليمن ليس في شكله الانفصالي القديم وإنما تقسيم اليمن تحت مسمى الاقاليم التي تكوّن 6 دويلات ضعيفة متناحرة تفضي للاستيلاء على موقع اليمن وثرواته على نحو ألا يكون هناك شعب وأرض وتاريخ في المستقبل اسمه اليمن.
فشل هذا المشروع عمل على إيجاد ذريعة ومبررات لتحقيق مشروع الفوضى المدمرة لتقسيم اليمن بشن العدوان عليه في 26 مارس 2015م والذي فشل رغم استخدامه كافة الوسائل والأساليب الخبيثة والحاقدة عبر أدواته الإرهابية القاعدة وداعش والمرتزقة متخذاً من الفار هادي والخونة ذريعة لشن حرب عدوانية قذرة وشاملة مع ذلك فشل.. صحيح قتل تحالف العدوان السعودي الاطفال والنساء والشيوخ ودمر كل شيء لكنه لم يدمر الروح اليمنية المنتصرة لوحدتها.. لحاضرها ومستقبلها.
العدوان السعودي الاقليمي والدولي على اليمن لجأ من جديد لتحرك تناقضات أدواته ومرتزقته محاولاً التمهيد لإعلان حضرموت دولة مستقلة، ودافعاً الحراك الانفصالي الى إعلان دولة الجنوب ودفع الفار هادي الى إعلان إصراره على الأقاليم الستة »الاتحادية« وكل هذا يأتي في اطار الأهداف الحقيقية لتقسيم وتمزيق اليمن الذي يحتفل ابناؤه بالعيد الوطني الـ27 للـ22 من مايو العظيم لتأكيد أن وحدته باقية وأن مخططات العدوان السعودي لإبادة الشعب اليمني وتقسيم وطنه ليست أكثر من أوهام ستتحول الى بقايا هشيم لمؤامرات فاشلة ورهانات ساقطة وأمانٍ خائبة تذروها الرياح وسترتد عاصفتهم عليهم لتغرقهم في صحراء النفط الذي يسحولهم الى عدم.. أما اليمن الموحد خالد حضارة وتاريخ.. حاضر ومستقبلاً والى الأبد.
|