الميثاق نت - جمال مجاهد -
كشف الدكتور عبد الله السنفي رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن وجود اختلالات عديدة رافقت عملية الاقتراض الخارجي من أهمها استمرار ظاهرة البطء في السحب من القروض مما أدى إلى تعثر تنفيذ المشروعات وارتفاع تكلفتها النهائية.
وأكد السنفي في بيان الرقابة السنوي عن الحسابات الختامية لنتائج تنفيذ الموازنة العامة للدولة بشقيها المركزي والمحلي والموازنات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة وموازنات الوحدات الاقتصادية للقطاعين العام والمختلط للعام المالي 2006، وحصلت عليه "الميثاق نت" أن الإجمالي الفعلي لقيمة ما تم سحبه من القروض الخارجية في عام 2006 وفقاً لبيانات الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة لعام 2006 حوالي 33.8 مليار ريال بنقص عن المقدر بالموازنة بحوالي 28.8 مليار ريال وبنسبة 46%. ولفت بيان الرقابة إلى تدني معدلات السحب من المعونات الخارجية حيث بلغ إجمالي ما تم سحبه في عام 2006 وفقاً لبيانات الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة لذات العام حوالي 15 مليار ريال بنقص قدره حوالي 4.2 مليار ريال بنسبة 21.9% من ربط الموازنة.
وأشار إلى مشروع محطة كهرباء مأرب الغازية والممول بقرض من الصندوق السعودي للتنمية بمبلغ 50 مليون دولار، والذي يبدأ تاريخ نفاذ اتفاقيته بتاريخ 10/8/2002، والفترة المحددة للتنفيذ 3 سنوات، حيث بلغ إجمالي ما تم سحبه حتى 31/12/2006 حوالي 4.9 مليون دولار بنسبة 10% فقط من إجمالي قيمة القرض، بالإضافة إلى مشروع شبكات الصرف الصحي في صنعاء والممول بقرض من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بحوالي 62.3 مليون دولار والذي يبدأ تاريخ نفاذ اتفاقيته في 12/2/2000، والفترة المحددة للتنفيذ 56 شهراً، حيث بلغ إجمالي ما تم سحبه حتى 31/12/2006 حوالي 33.9 مليون دولار بنسبة 54% فقط من إجمالي قيمة القرض، وكذلك مشروع التنمية الريفية في محافظة أبين والممول بقرض من البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ 6 ملايين دولار، والذي يبدأ تاريخ نفاذ اتفاقيته في 8/9/1995، والفترة المحددة للتنفيذ 8 سنوات، حيث بلغ إجمالي ما تم سحبه حتى 31/12/2006 حوالي 3.5 مليون دولار بنسبة 58.3% فقط من إجمالي قيمة القرض.
وأظهر البيان أن عدم الدقة في تحديد التكلفة التقديرية للعديد من المشروعات الممولة بقروض خارجية ترتب عليه تجميد بعض المانحين أجزاء من قروض التمويل وحرمان البلد من تمويل جاهز بذلت جهود كبيرة للحصول عليه، مثل مشروع محطة معالجة الصرف الصحي بأمانة العاصمة والممول بقرض من الصندوق العربي بحوالي 27.7 مليون دولار والموقعة اتفاقيته بتاريخ 19/4/1996 وقرض من صندوق الأوبك بمبلغ 13 مليون دولار والموقعة اتفاقيته بتاريخ 5/11/1996 حيث بلغ المتبقي منها بدون استخدام وحتى 31/12/2006 حوالي 969.5 ألف دولار، وحوالي 4.95 مليون دولار على التوالي، بالإضافة إلى تجميد كامل القرض الآخر لتمويل مشروع شبكات الصرف الصحي بالأمانة والممول من الصندوق العربي والبالغ قيمته 5 ملايين دولار والموقعة اتفاقيته بتاريخ 20/4/1999، وجميع تلك المبالغ جمدت منذ عام 2002 دون الاستفادة منها لتنفيذ المكونات المستحدثة أو في مشاريع أخرى والحد من الأعباء المترتبة عليها.
أعباء إضافية
ونبه البيان الرقابي بأن الخزينة العامة تتحمل أعباء أخرى إضافية متمثلة بسداد عمولات تحت مسمى عمولات الالتزام والتي تزداد مبالغها عاماً إثر آخر نتيجة البطء في عملية السحب والاستخدام للقروض المقدمة من بعض المانحين، حيث بلغ إجمالي قيمة العمولات المسددة خلال الفترة 2004 – 2006 حوالي 6.6 مليون دولار حسب بيانات البنك المركزي اليمني بما يشير إلى غياب الضوابط الكفيلة برفع كفاءة استخدام القروض. وطالب بالإسراع في تنفيذ المشاريع حسب الخطط والأهداف والبرامج المحددة في اتفاقيات القروض، ووضع الضوابط والآليات التي من شأنها تحسين الأداء ومعدل السحب ومعالجة الأسباب والعوائق التي أدت إلى التأخير في تنفيذ مشاريع تلك القروض، كما طالب بمساءلة المتسببين في تحمل الدولة تلك الأعباء الإضافية لتلافي شمول هذه الظاهرة لقروض أخرى ممولة من مانحين آخرين لمشاريع بعضها متعثرة وأخرى لم تنفذ.
ولفت بيان الرقابة إلى عدم وجود تشريع يحدد شروط ومعايير الاقتراض الخارجي رغم تكرار الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في تقاريره السابقة ومجلس النواب بضرورة وجود مثل هذا التشريع إلا أن ذلك لم يتم حتى الآن، كما تعاني إدارة الدين العام من قصور في النظم الإدارية لدى الجهات المناط بها إدارته سواءً على مستوى الجهات المستفيدة والجهات الأخرى المعنية بالرقابة والإشراف.
مشاريع متعثرة
وأفاد تقرير الرقابة بأن تعثر العديد من المشروعات الممولة بقروض خارجية يؤدي إلى طول فترات تنفيذها وارتفاع تكلفتها النهائية، وأرجع أسباب ذلك إلى عدم كفاية وسلامة الدراسات المسبقة والمتمثلة بدراسات الجدوى والتكلفة التقديرية الأمر الذي ترتب عليه تدني نسبة المسحوبات من القروض ونسبة الإنجاز المادي للمشاريع مقارنة بالفترات الزمنية المستهدفة لتنفيذها، وتشمل هذه الظاهرة مشروع مياه الحديدة، ومشروع رفع كفاءة محطة المعالجة في أمانة العاصمة، ومشروعي محطة كهرباء المنصورة في محافظة عدن، ومحطة كهرباء أمانة العاصمة، ومشروع التنمية الريفية في محافظة ريمة، فضلاً عن طول فترات إجراءات المصادقة الدستورية والقانونية لاتفاقيات بعض القروض، وعدم التزام بعض الجهات بإنشاء وحدات تنفيذية مستقلة للمشاريع كما هو الحال في مشاريع الطرق رغم التأكيد على ذلك في اتفاقيات القروض الموقعة مع الممولين، والتأخير في إنشاء وحدات تنفيذ بعض المشاريع وضعف القدرات التنفيذية في بعض الوحدات كما هو الحال في مشروع تطوير التعليم الأساسي.
وذكر تقرير الرقابة أن من بين أسباب تعثر المشاريع عدم التأهيل السليم لبعض المقاولين حيث يتم اختيارهم دون النظر إلى خبراتهم السابقة وإمكانياتهم المادية، وعدم تطبيق الشروط الجزائية على بعض المقاولين المتأخرين في تنفيذ المشاريع المسندة إليهم وفقاً لما تتضمنه العقود المبرمة معهم من شروط جزائية ولما تنص عليه أحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية بهذا الشأن، وسوء اختيار الاستشاريين والتأخير في تعيين استشاريين لبعض المشاريع، بالإضافة إلى إيقاف العمل في بعض المشاريع من قبل المواطنين بدون مبرر وعدم تدخل السلطات المحلية في هذه المناطق لمنع ذلك التوقف مثل مشروع طريق أرحب- حزم العدين- رجوزة ومشروع طريق ذمار – الحسينية.
إلى جانب التأخير في إعداد الوثائق والتصاميم لبعض المشاريع والتأخير في إنزال المناقصات الخاصة ببعض المشاريع، والقصور في عمليتي الإشراف والمتابعة، وإعادة التصاميم لبعض المشاريع بسبب اختلاف التكلفة المخصصة لها عن التكلفة التقديرية، وعدم جاهزية بعض المشاريع لأسباب أهمها عدم حل مشاكل الأراضي المخصصة لها مثل مشروع تطوير وادي حضرموت الزراعي "المرحلة الثالثة".
وأشار تقرير الرقابة إلى الإعلان عن نفاذ بعض القروض قبل استكمال التصاميم ووثائق المناقصات لبعض المشاريع مما يتسبب في بطء وتأخير تنفيذها، وكذلك عدم التزام الجانب الحكومي بسداد المساهمة الحكومية لأغلب المشروعات الممولة خارجياً.
ونوه التقرير إلى "إعادة هيكلة بعض المشروعات جراء التعثرات التي تواجهها بموافقة الجهة المقرضة ووزارة التخطيط والتعاون الدولي بخلاف ما استهدفته وثائق القروض المتفق بشأنها، حيث يتم إعادة تخصيص التمويل بزيادة مخصصات بعض المكونات وعلى الأخص الخدمات الاستشارية ونفقات التسهيل وتخفيض مخصصات البعض الآخر أو الحذف من أنشطتها وتجنيب مخصصات لتنفيذ أنشطة مشروعات أخرى غير مستهدف تمويلها من مخصصات تلك المشروعات ولا تتضمنها وثائقها".
ارتفاع الدين
وبحسب التقرير فقد بلغ إجمالي الرصيد القائم للمديونية الخارجية حتى 31/12/2006 حسب بيانات البنك المركزي حوالي 5.5 مليار دولار مقابل 5.2 مليار دولار في عام 2005 بارتفاع قدره 300 مليون دولار، كما ارتفع الدين العام الداخلي في عام 2006 إلى 445 مليار ريال بعد أن كان حوالي 395.8 مليار ريال في عام 2005. وقال إنه "رغم الارتفاع المشار إليه إلا أن نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفضت إلى 28.7% للدين الخارجي، و11.8% للدين الداخلي بعد أن كانت 31% و21.9% على التوالي في عام 2005".
وأشار تقرير الرقابة إلى أن استمرار ارتفاع الدين الداخلي سنة إثر أخرى يتعارض مع ما تستهدفه خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر 2006 – 2010، بترشيد الاقتراض المحلي وبالأخص من أذون الخزانة وتحويلها تدريجياً إلى سندات حكومية طويلة الأجل لأغراض التنمية.