عبدالله محمد الإرياني - عندما يتعرض أي مجتمع لأزمات أو كوارث أو حروب يفترض بالسلطات القائمة اتخاذ كافة التدابير وإعداد جملة من الخطط والاستراتيجيات غير النفعية للقائمين عليها.. استراتيجيات مرنة لمواجهة أي حدث طارئ أو استثنائي على أن تكون تلك الاستراتيجيات مدروسة يراعى فيها تركيبة المجتمع الجغرافية والسكانية والاقتصادية ويراعى فيها أسس العدالة التوزيعية لمتطلبات الحياة المعيشية منها والادارية بما فيها ضمان عدالة توزيع الدخول واستمرارها وتدفقها لعصب حياة الفرد، والحرص على سير عجلة التنمية المؤسسية الوظيفية منها والبنيوية للاستعاضة عما فقد أو دمر بفعل الظرف الاستثنائي سواء أكانت كارثة طبيعية أو حرباً، مع تشديد واضح على معيار العدالة بعيداً عن أية محسوبيات ضيقة فئوية أو اسرية أو سلالية أو مناطقية أو حتى طائفية كي يتمكن المجتمع بأسره وبمختلف أطيافه ومكوناته من مواجهة تلك الحرب أو تلك الازمة والصمود في وجهها للقضاء على اسبابها وبواعثها.
أما أذا اصبحت هذه الحرب أو تلك الازمة أمراً واقعاً ورافقها تعطيل متعمد لوظائف الدولة ومصادرة انتهازية لأقوات الناس وتجميد مفتعل لعجلة التنمية وما يترتب على ذلك من انتقائية ومفاضلة توزيعية للوظائف والاعمال والاجور بناءً على معيار الانتماء والولاء السياسي والمناطقي أو السلالي والاسري أو الطائفي والعرقي، فكيف للمجتمع أن يصمد ويثب وهو يعاني من كل ذلك.
كيف له أن يصمد وهو يرى أناساً تُقصى وأناساً تحل محلهم، وأناساً تترفع وأناساً يخسف بهم، وأناساً تمنح وأناساً تسلب، وأناساً تشبع وأناساً تجوع، وأناساً تُعطَى وأناساً تحرم، أناساً تبني وأناساً تهدم ما بنوه، أناساً تضحي وأناساً ترقص على تضحياتهم، أناساً تتألم وأناساً تتبجح، أناساً تتشتت وأناساً تتجمع على شتاتهم.
فإذا شبع بعض أبناء المجتمع على حساب تجويع الكثير من أبنائه، وتحققت طموح واحلام البعض منهم على حساب الكثير منه، واستحوذت ثلة على مقدراته وموارده على حساب حرمان الكثير منه، وأتوا قلة منهم على حساب تشرد الكثير منه وأمن عدد منهم على حساب مخاوف الكثير منه، ومنح عدد منهم على حساب ما انتزع من الكثير منه، وتعزز نفر منهم على حساب هوان الكثير منه، عند ذلك فليذهب ادعياء الثبات والصمود إلى الجحيم وليذهب معه كل من تسببوا وتاجروا بمعاناة وآلام وجراح المجتمع وكل من كانوا مصدراً لويلاته.
فيا ثلة الفساد يكفيكم عبثاً بمقدرات الامة.. ويا جماعة السلب والنهب يكفيكم مصادرةً لحقوق الشعب العامة والخاصة.. ويا غوغائيي المجتمعات يكفيكم تدميراً للدولة ومؤسساتها، ويكفيكم شفطاً لأرزاق وأحلام وطموحات شعبٍ جل ما يرجوه العيش بأمن واستقرار وسلام، وأن تكون معايير العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية هي محددات نهضته ودعائم بناء حضارته، وجسور بلوغ احلامه وطموحاته في دولة يسودها النظام والقانون تتساوى فيها الحقوق والواجبات لمجتمع ينشد العيش الكريم ليس أكثر، عدا ذلك فلتذهبوا أنتم ومشاريعكم إلى الجحيم أياً كانت مبتغاها، وأياً كان من يقف وراءها.
المجد والخلود للشهداء
الشفاء العاجل للجرحى
النصر لقضية أمتنا
ولانامت أعين الجبناء
|