معمر أحمد عبداللطيف راجح - عندما نريد ان نبحث عن المصالح والأهداف السياسية التي تسعى قطر لتحقيقها من وراء سياستها في دعم حركة الاخوان المسلمين في كافة دول الوطن العربي والإسلامي يجب علينا ان نطرح السؤال في صيغته التالية: ما المصالح والأهداف السياسية التي تجنيها قطر من دعمها الاخوان المسلمين ؟
وعند البحث عن الافتراضات المقبولة والمنطقية للإجابة عن ذلك السؤال فإذا تصورنا ان دعم قطر للإخوان في فوضى الربيع العربي كان إيماناً من دولة قطر بضرورة نشر الديمقراطية والمساواة والعدالة والحرية في تلك البلدان الذي اجتاحها وباء الربيع العبري، فإن افتراضاً كهذا سيكون خاطئاً لأن قطر دولة غير ديمقراطية وهذه حقيقة لا يمكن ان ينكرها عاقل بل ان قطر نفسها لا تقول او تدعي انها دولة ديمقراطية ولذلك فإن فاقد الشيء لا يعطيه بل ان هذه الحقيقة البسيطة التي لاتحتاج الى جهد في التفكير للوصول اليها كان ينبغي على حركة الاسلام السياسي ان تدركها من اول يوم دعمت فيه قطر الاخوان في مرحلة الربيع، وأعتقد انهم ادركوا ذلك وإلا فإن القرود تفكر بمستوى ارقى منهم وعلى ذلك فإننا نسقط هذا الافتراض وعلينا ان نضع افتراضاً آخر وبأسلوب علمي منطقي والمتمثل في كون قطر تريد ان تحصل على نفوذ وزعامة في كافة دول الوطن العربي والإسلامي من خلال دعمها للإخوان.
هذا الافتراض يؤيد قبوله بعض المعطيات منها ان جماعة الاخوان المسلمين مهما اختلفت مسمياتها في البلدان العربية والإسلامية هي المعارضة الأقوى سواء أكانت تعمل بصورة شرعية أو تحت الطاولة فعندما تساعدها قطر بالمال والسياسة والإعلام للوصول الى السلطة فإنها ستحصل بموجب ذلك على الزعامة والنفوذ في تلك البلدان، والى جانب ذلك لا يستبعد ان قطر تهدف بعد وصول الاخوان الى السلطة في معظم هذه البلدان الى أن توجههم للوصول الى السلطة في السعودية ودول الخليج وعند ذلك تخضع السعودية والخليج لدولة قطر كمكافأة لها على دعمها لجماعة الاخوان وتصبح قطر دولة عظمى ذات نفوذ وصاحبة قرار في قاموس السياسة الدولية وتتحول من دولة ذات مساحة لا تتجاوز 11000كم مربع وسكان لايتجاوزون مليوني نسمة الى دولة بمساحة ملايين الكيلو مترات وذات سكان بعشرات الملايين.
علماً أن هدفاً كهذا سيكون محل احترام لدى القواعد الشعبية العربية التواقة الى الوحدة العربية او اجزاء منها على طريق الوحدة العربية الشاملة مهما كانت الوسيلة.. إذاً فهذا الافتراض مقبول فهدف قطر من وراء دعم الاخوان هو حلم أن تكون لها الزعامة والنفوذ في الوطن العربي والإسلامي وكذلك حصولها على أراضي الخليج لتحكمها وتكوّن بها دولتها العظمى، ومع ذلك فثمة افتراض آخر من وراء دعم قطر للاخوان وقد يكون بهدف القضاء عليهم واستئصال شوكتهم من البلدان العربية والإسلامية، والإجابة الصحيحة عن السؤال التالي هي من جعلتنا نعتمد ذلك الافتراض من مجموعة الافتراضات التي نفترضها لأسباب دعم قطر للإخوان المسلمين.. وهذا السؤال هو:
هل خسر الاخوان المسلمون من مشاركتهم وقيادتهم لحركة ما يسمى الربيع العربي في بعض البلدان العربية ام ربحوا سياسياً من تلك المشاركة والقيادة للربيع العربي ؟
بالتأكيد ان الواقع اليوم وبإقرار بعض قيادة الاخوان وان كان على استحياء انهم قد خسروا سياسياً واقتصادياً وغير ذلك جراء مشاركتهم في فوضى 2011م حتى ان مراجعة الاخوان المسلمين في مصر قبل بضعة أشهر لأعمالهم ونشاطهم خلال مرحلة الربيع قد جعلتهم يقرون بأنهم ارتكبوا أخطاء عند مشاركتهم وقيادتهم للربيع وهذا الاعتراف يعد الاول من نوعه ان جماعة الاخوان منذ تأسيسها عام 1928م تعترف بارتكاب اخطاء في نشاطها بل ان الاخوان المسلمين في مصر أطلقوا على هذه المراجعة لنشاطهم وقيادتهم للربيع العربي مسمى مصيدة الاخوان المسلمين.. وفي هذه التسمية دليل على أنهم يعترفون في باطنهم بأن مشاركتهم في أحداث 2001م كانت بمثابة مصيدة لهم تهدف الى استئصالهم وإظهارهم بصورة الفاشلين في قيادة الدول وتقديمهم امام الشعوب العربية كجماعة إرهابية وهذا ماحدث فعلاً.
فإذا كان الاخوان يعترفون اليوم بخسارتهم وتراجع قوتهم السياسية نتيجة لقيادتهم فوضى الربيع، فهل كانت قطر متعمدة مسبقاً وبتنسيق مع المخابرات الامريكية في دعم مشاركتهم وقيادتهم للربيع العربي لإظهارهم امام المواطن العربي بصورة الفاشل في قيادة الدولة وبصورة الجماعة الإرهابية ومن ثَمَّ اقصائهم من المشهد السياسي في البلدان العربية والإسلامية ؟
ومن خلال ما سبق يتضح ان الأهداف التي تسعى قطر لتحقيقها من خلال دعم الاخوان المسلمين إما الحصول على الزعامة والنفوذ في الدول العربية والإسلامية وكذلك ضم أراضي دول الخليج إليها، أو ان قطر وبتنسيق مع المخابرات الامريكية دعمت الاخوان للسير في هذا النهج الكارثي بهدف القضاء على جماعة الاخوان المسلمين كنتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة للجماعة.
وفي الختام أحب ان أؤكد أن هذه الافتراضات أقرب الى فهم واقع التطورات بهذا الشأن.. والقادم سيكشف ما نجهله اليوم..
|