استطلاع/عبدالكريم محمد - أكد عدد من المثقفين والسياسيين أن الأزمة اليمنية والعدوان والحصار المفروض على بلادنا من عامين ونصف العام ، قد صار شبه منسي ولم يعد هناك أي جهود ملموسة لإنهاء العدوان ورفع الحصار وحل الأزمة سياسيا.
مشيرين في تصريحات لـ «الميثاق» إلى وجود ملفات أخرى سيطرت على إهتمام المجتمع الدولي وخاصة أميركا وروسيا وأوروبا وعلى رأس تلك الملفات سوريا والعراق والأزمة الخليجية مع قطر.. لافتين إلى ضرورة أعادة النظر من قبل المكونات الوطنية الداخلية من أجل المواجهة بمختلف الوسائل بما في ذلك إسماع العالم الصوت اليمني للعالم من خلال تفعيل الجانب الإعلامي محليا وعربيا ودوليا ،والتواصل مع الناشطين والحقوقيين وهيئات الأمم المتحدة ومنظماتها وتحريك الساكن بمختلف الوسائل وعدم التسليم بالأمر الذي يتيح لدول العدوان مواصلة مزيد من العدوان والحصار وارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني دون أدنى مراقبة او محاسبة .. فإلى الحصيلة :
قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالوهاب الشرفي :
لا شك أن ملفات عدة في المنطقة والعالم أنست المجتمع الدولي ما يجري في اليمن ، ولا شك أن دول العدوان على اليمن عملت وتعمل من أجل تعمية العالم عما تقوم به في هذه البلاد، الا انه مازال هناك هامش جيد يمكن استثماره اذا توجه المعنيون في الداخل الى اعتماد مبدأ المواجهة « كاملة الوطنية « بعيداً عن عور الحسابات الذاتية والشخصية احياناً التي تتسبب في اهدار قدر من الفرص المتاحة امام اليمن في مواجهة العدوان وإيصال صوت اليمن إلى العالم شرقا وغربا ، خاصة في ظل وجود ملفات ينظر لها العالم المادي من منظور المصلحة التي سينالها من هنا أو هناك .
ولعل هذه الظروف ادت إلى إدخال الملف اليمني في أدراج النسيان او لنقل طغيان الاهتمام بالملفات الاخرى على هذا الملف ..
وبالتالي المكونات الداخلية الوطنية معنية بإثارة القضية وإعادة النظر في اسلوب ادارتها للمواجهة بالشكل الذي يفعل مختلف صور المناهضة للعدوان وفي المقدمة اكتشاف وتفعيل الفرص المتاحة اعلاميا وسياسيا على مختلف المستويات والأصعدة المحلية والإقليمية والدولية ،وهذا الامر يتطلب امرين الاول تخلص الشريكين من حالة مجانبة الادارة عبر مؤسسات الدولة بصورة كاملة، والآخر الاعتماد على الكفاءات المتوافرة في البلد اعلاميا وسياسيا وحتى اقتصاديا لإنتاج افضل الآليات الممكنة لمواجهة العدوان والمحافظة ما أمكن على حضور الملف اليمني وسط الصخب العالي للملفات الاخرى .
من جانبه قال الباحث السياسي محمد الصغير الناحية :
أعتقد أن من يمتلك ناصية الاعلام في وقتنا الراهن هو الذي يفرض اولويات الجمهور وحجم الضخ الاعلامي لقضية ما هو المحدد الاساسي في تحويل انظار العالم نحو جهة بذاتها ، فالأحداث التي تتصدر الاهمية من حيث موضوعها دون وجود اعلام يسوقها للعالم كأنها لم تكن .
لذلك أعتقد أن على الجانب الوطني الاهتمام بقضية الإعلام عربيا ودوليا لأن هذا جانب محوري وأساسي جدا ، وبدونه لا يمكن أن يسمعك الآخر ، خاصة وأنت لا تمتلك ثروة طبيعية ، نفطية غازية وما شابه .
أخلص إلى القول : الكوليرا في اليمن مثلاً اذا صاحبتها حملة اعلامية قوية حتى من الداخل يمكن ان تكون قضية عالمية ،وعلينا أن نتصور فيما لو توحدت وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة داخل اليمن وأعطت مساحة لهذه الكارثة.. الا يمكن ان يكون هناك ردود افعال عالمية؟.
وتحدث الكاتب الصحفي وعضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين معروف درين قائلا:
المتابع الحصيف لمجريات العدوان على اليمن منذُ الـ 26 من مارس 2015م وما سبقه وتلاه يدرك تماماً مقدار الانحياز الواضح في المواقف الدولية إلى جانب المعتدي ضد المعتدى عليه ويدرك تماماً مواقف جل وسائل الإعلام العالمية التي خرجت عن مسارها ومهنتها وساندت وايدت العدوان بل ومارست كافة أشكال التضليل والكذب والتدليس وصورت المعتدي معتدى عليه وهولت من خطورة المد الفارسي وخطورة سلطة الأمر الواقع (صالح الحوثي) لكي تبرر بذلك للعدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
والآن يواصل الإعلام انحطاطه بعد مرور قرابة 28 شهراً على العدوان حيث رأيناه يتناسى تماماً العدوان على اليمن رغم صعوبة الوضع في ظل الحصار الخانق وانتشار الأمراض والأوبئة في معظم المحافظات وانعدام الأدوية وشحة وغلاء المواد الغذائية وأيضا انقطاع المرتبات لقرابة ثمانية أشهر، أي نعم لقد رأينا معظم وسائل الإعلام بعد ما قامت به من دور سلبي تجاه العدوان ومعاناة اليمنيين تتجاهل وعن قصد القضية اليمنية وتتفاعل مع الأزمة القطرية وكأنها أهم من العدوان على اليمن، بينما المشردون في اليمن والمرضى يصل عددهم إلى أكثر من تعداد ثلاث دول خليجية، علاوة على أن أزمة قطر نفسها لم يمر عليها سوى شهر .
إلى ذلك قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالخالق النقيب:
يعد الملف اليمني أحد أهم الملفات الإنسانية الشائكة في المنطقة ولربما العالم ، سيما بعد كل المحارق التي ارتكبها التحالف الذي تتزعمه المملكة السعودية وتسببت بموجة استنكار دولية واسعة لكل المنظمات الحقوقية ، ما يعني أن لدينا قضية توازي كل قضايا المنطقة بما فيها «سوريا ، العراق ، قطر» وهو ما يمكن أن نرتكز عليه في خلق فرص حقيقية لكسر جمود الملف اليمني في الساحة الدولية ، باعتبار أن العدوان يروقه كثيرا هذا الجمود ، كونه منذ البداية يتجول بشيكاته في مطارات الدنيا للتغطية على جرائمه وشرعنة حربه ضد الشعب اليمني .
وإذا لم تستوعب السلطات في صنعاء مسؤوليتها في فهم المعطيات القانونية والدولية المحركة للقضية اليمنية داخلياً وخارجياً ، فلن تستفيد من أي فرص دولية ، إذ أن زحزحة الملف اليمني تقتضي في المقام الأول تجاوز المعيقات القانونية التي من شأنها تحفيز التخاطب المباشر مع الدول الصديقة والمتعاطفة مع الشعب اليمني وتتمتع بثقلها الدولي كروسيا والصين ذات العضوية الدائمة باعتبارهما تتفهمان الحالة السياسية التي تم إغراقنا بها.
نجاح صنعاء في التعاطي مع الخلفيات القانونية والدولية ذاتها قد يوفر لها امكانية حلحلة التعقيدات وصولاً لاستثمار الصراعات الاقليمية والتحالفات الدولية التي تتشكل ، باعتبار أن الانخراط فيها سينعكس إيجاباً على الملف اليمني وربما تسهم في الحد من معاناة الشعب اليمني وإيقاف الحرب .
أما أممياً فصنعاء بحاجة للعمل ضمن مسارين ، المسار الأول : امتلاك رؤية بديلة لتعطيل قرار مجلس الأمن 2216 والعمل على تجميده ، المسار الثاني : ضرورة البحث عن آلية مختلفة كلياً للتعاطي مع المبعوث الدولي وإجباره على القبول بكل المتغيرات ورفض أي مفاوضات سرية أو تلك المفاوضات التي لا تحمل اعتبارات دولية جادة ، كون التماهي معها يصب في مصلحة العدوان الذي ينفق ثروته من اجل تمييع قضية الشعب اليمني واستثمارها بطريقة تخدم مشاريعه في المنطقة.
|