سلوى المتوكل -
تعود علينا ذكرى الاحتفال بثورة 26 سبتمبر 1962م في ظل متغيرات في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية جراء العدوان السعوأمريكي الصهيوني الذي أوصل الحياة في بلادنا الى درجة المأساة الإنسانية إزاء ما يرتكبه العدوان من جرائم وحشية ومجازر متعددة في كل ربوع الوطن مخلفة المآسي والدمار والقتل.. حرصت القوى الصهيونية على تدمير كافة المنجزات التي تحققت منذ قيام الثورة الخالدة ومنجزات دولة الوحدة في 22 مايو 1990م تحت غطاء ما يسمى بالتحالف العربي في حين أن الدول العربية المشاركة في هذا العدوان كمملكة آل سعود ما هي إلا أداة تحركها هذه القوى الغربية وتستنزف أموال شعب نجد والحجاز بواسطة خدامهم آل سعود التي وهذه المصالح الدولية أتت على حساب الدم اليمني وتاريخ نضال آبائه وأجداده حيث إن العدوان استهدف كافة المنجزات لثورة 26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م وبهذا تثبت الأحداث أن هدف العدوان أيضاً طمس تاريخ هاتين الثورتين لأن ذلك يخدم مصالحهم في بلادنا بالسعي الى تجهيل الشعب اليمني بتاريخ ونضال اجداده وذلك بهدف اضعاف المواجهة للمحتل- ضمن مخططاتهم واهدافهم- بدليل أن العدوان العسكري المباشر الذي شنته قوى تحالف العدوان في 25 مارس 2015م سبقته مخططات دنيئة كزرع الخلافات المذهبية والطائفية بين ابناء الوطن الواحد.
وبرأيي أن الأمرّ من العدوان والحصار والوصول بنا الى هذه الأوضاع هو الخلافات السياسية لأن التعمد في تغييب تاريخ النضال لثورة الـ26 من سبتمبر 1962م لدى شخصيات سياسية لها دور كبير في مواجهة العدوان هو الألم والوجع الحقيقي الأكثر ألماً من العدوان، فتجاهل تاريخ ونضال ثورة 26 سبتمبر هو إساءة لكفاح ونضال أجدادنا الذين جادوا بدمائهم الزكية ليهبوا لنا الحياة الكريمة بعيداً عن الاستبداد والحكم الفردي المطلق والتخلص من ثلاثي الفقر والجهل والمرض.. وعلى مر عقود من الزمن أتت هذه الثورة بثمار البناء والعطاء في كافة المناحي المعيشية أهمها الارتقاء بمستوى المواطن اليمني تعليمياً وثقافياً بما تحقق من منجزات تعليمية ابتداءً من المدرسة والمعهد والجامعة.. مروراً بأبرز عطائها وهو بناء جيش وطني قوي وهذه المؤسسة العسكرية شهد لها الكثير من الخبراء العرب وغيرهم، وتزايد الاهتمام بتحسين أدائها في فترة حكم الزعيم علي عبدالله صالح حتى أصبح الجيش اليمني يحتل المرتبة الثالثة عربياً ونشعر أن هذه المؤسسة العسكرية هي ثروة ثمينة وغالية على قلب كل مواطن يمني وهي الى اليوم تسطر أروع ملاحم البطولة والتضحية والفداء دفاعاً عن الوطن في كافة الجبهات القتالية ضد العدوان مع اللجان الشعبية رغم ما تعرض له منتسبو الجيش والأمن من اغتيالات وما يسمونه بالهيكلة منذ العام 2011م لكن البناء القوي والمتين لهذه المؤسسة هو ما جعلها حتى اللحظة صخرة قوية تتحطم عليها معاول الهدم سواءً بالنزاعات الداخلية أو القصف الوحشي للعدوان..
وصولاً إلى أغلى ثمار 26 سبتمبر 1962م على قلوبنا وهو إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م بعد مسيرة حافلة من الكفاح والنضال والمحطات السياسية سواءً في عواصم عربية أو لقاءات في العديد من المحافظات اليمنية، وتلك الخطوات والمراحل تطلبت جهوداً ومشاورات حتى تحقق هذا المنجز الذي أعاد اللحمة الوطنية، واعتبر هذا المنجز التاريخي خطوة مهمة لقيام دولة الوحدة والديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الرأي والتداول السلمي للسلطة.. كل تلك المنجزات العملاقة ليس من الانصاف الحديث عنها بعدة سطور وكلمات فذلك يتطلب كتباً ومجلدات فقد أحدثت تغييراً إيجابياً في كل المجالات والتحول من حياة الجهل والتخلف الى العلم والتطور ومن حياة العزلة والمناطقية الى الوحدة ونبذ التفرقة والكراهية.
أما من يتنكرون لثورة 26 سبتمبر 1962م، ويعترفون بثورة 14 أكتوبر 1963م ألا يتساءل هؤلاء كيف أتى يوم 14 أكتوبر 1963م ألم يكن أجدادنا متوحدين في الفكر والأهداف بدليل أن ابناء المحافظات الجنوبية وقفوا الى جانب اشقائهم في الثورة ضد الحكم الملكي، وخير مثال على ذلك الشهيد غالب راجح لبوزة قبل أن يستشهد في جبل ردفان كان يناضل مع الثوار في جبال حجة، وهكذا كانت ثورة 26 سبتمبر خطوة مهمة وداعماً لأبناء المحافظات الجنوبية لطرد الاحتلال البريطاني، وما أتى الاستقلال الناجز من الاحتلال إلا باتحاد ابناء الوطن الواحد.. فليس من المنطق أن يعترف البعض بثورة 14 أكتوبر ويتجاهل الثورة الأم الخالدة ثورة 26 سبتمبر 1962م.
المجد والخلود لشهداء سبتمبر وأكتوبر..
التحية والإجلال لصانعي يوم 22 مايو، ولجميع الشهداء الذين يتصدون للعدوان..وأجلّ التحايا للزعيم علي عبدالله صالح موحد اليمن..
|